المنسف / علي الشريف

المنسف

لا يوجد شيء واحد على وجه هذه الارض يمكن لشعب واحد ان يتفق عليه من كبيره الى صغيرة فدائما نرى هناك معارضة وموالاه وهناك اشخاص على الحياد لا يبدون رايا مثل دول عدم الانحياز او مجلس نوابنا الكريم .
ان تم تكليف حكومة جديدة نحتلف عليها وننتخب مجلس النواب ومن ثم نختلف عليه نلعب كرة قدم فنختلف في الفوز والخسارة وعند التعادل وعلى الفقر اختلفنا واختلفنا بالحديث عن الفساد كما اننا اختلفنا بالحديث عن ازمة سوريا وعلى اسئلة التوجيهي والمترك وكنترول الباص.
المنسف هو الشيء الوحيد الذي اتفق عليه الشعب الاردن بقضه وقضيضه وهو الشيء الوحيد الذي يحظى بالاجماع ولا يمكن لاحد ان يرفضه ومن مميزاته انه يؤكل باليد وبالملعقه ويمكن شرب الرايب من غير رز .
المنسف هو حلال المشاكل بالاردن فاي مصيبة بين اشخاص يمكن ان تحلها على منسف واي قضية يمكن لك ان تنهيها على منسف واي قرار متاخر يمكن لك ان تعجله بعزومة منسف ويعتبر المنسف وسيلة كبيرة لاظهار الكرم كما انه يعتبر بمثابة رشوة محترمة لا ترد.
والمنسف هو الحاضر الوحيد في افراحنا فعند الزواج منسف وعند النجاح منسف وعند الطهور منسف وعندما يرزق احد بمولود ياتيك المنسف وان اراد احد ان يلبسك عزومة فالطلب الاعجازي يكون منسف.
وفي احزاننا ايضا فعند وفاة عزيز لا بد الا ان نكرم روحه بالمنسف والغريب انه وقت الدفن يبقى المعزون ينتظرون كلمة افلحوا على غدا المجبرين وعند الغداء ينتظرون دعوة الغد.
وللمنسف فضائل عديده حتى في السياسة فالشخص حين يريد ان يهز لرئيس الوزراء يدعوه لمنسف وحين يريد ان يستضيف وزيرا او نائبا فكرم الضيافة يتطلب من سف والموظف يدعوا المسؤول على منسف وتذبيل العين ياتي بمنسف.
حين يريد شخص ان يرشي مثلا عضو بلدية فانه يدعوه لمنسف ومن ثم يقوم بتصويرة وهو يمد يده الى الارز بجسد مائل ولدة جانبية ترقب اكبر قطعة من الهبر خوفا من ان تتسلل اليها يد رجل اخر ومن هنا تبدا الحكاية ليصبح الشخص من جماعة من سف.
وبالرغم من اننا شعب معروف بالكشرة وانعقاد الحاجبين الا اننا بمجرد ذكر كلمة منسف بنفردها وتصبح البسمة على شفاهنا من النيع للنيع هذا يعني ان المنسف سر سعادتنا .
الحكومة ايضا تستفيد كثيرا من المنسف فهي حين تريد ان تنسفنا بقرار تاريخي ترفع اسعار الجميد فنترك الجمل بما حمل ونلتهي بالحديث عن المنسف وحين تريد ان تمرر قرارا على النواب فهي ترفع الجلسة للغداء ويكون الطعام منسف.
على صعيد اخر فان اكثر ما يبرز الهوية الوطنية والوحدة الوطنية هو المنسف فعنده تذوب كل الاصول والمنابت ومن لا ياكل المنسف فليس منا حتى انه بات حاضرا على المدرجات من خلال النشيد القومي للمنسف “منسف عجاج ما بيشبع اردنية وبالرغم من بعض الاختلاف بالمكونات مثل نوع الجميد واللحم والسمن الا انه يبقى الاول.
غريب عجيب امر المنسف وهو كلمة مشتقة من جزئين من وسف فانت حين تريد ان تدعوا مسؤولا فانك باكرامه تساله من سف وهو سؤال استنكاري وحين لا يجيب تقوم بفت الهبر امامه وتعيد السؤال من سف؟ ويبقى هو يسف اللحم وطبعا لا يجيب .
الرائع بالمنسف انك بعد تناوله تصاب فورا بالتخمة وتشعر بالنعاس وتحاول ان تلقي نفسك على اقرب شيء امامك لتاخذ عفوة بسيطة وهنا نستطيع ان نكشف سر اسرار نوم النواب في المجلس ومن المرجح ان نكشف سر اسرار زيادة الوزن او تغيير مفردات الحياة من كيا سيفيا مثلا الى لكزس .
اطالب باعدام المنسف وعدم ادراجه ضمن التراث الاردني واختيار منظومة طعام بدلا منه فمثلا يمكن ان نستحدث الكبة بكل انواعها… المكمورة بشقيها جاج ولحمة … وهناك المطمورة التي ربما من اسمها تعطينا دلالة على واقعنا وهناك البوليبيف والسردين الاكلة التي يعرفها الكبار ولا ياكلونها.
اريد ان اعرف مالها المقلوبة ومن ماذا تشكو فهي من اسمها تعطيك دلالة على فكر المسؤول فهو حين يكون مرشحا لانتخابات يعطيك الف وعد وحين ينجح و يصبح مسؤولا يقلب لاتجاه اخر لانه بات يبحث عن منسف ويسال من سف.
والمقلوبة اوفر فهي بالغالب خليط من الخضار مع دجاج وارز وبمكن استخدام اللحمة معها وهي تريح بالك فبدل ان تقول من سف تقول من قلب
ترى كم عدد المقالب التي طبخناها نحن حين انتخبنا بعض الاشخاص وكم عدد الذين قلبوا بلا مقلوبة وكم عدد المناسف التي اريقت حتى اوصلت من سف الى مركز لا يستحقه ليبقى يسف ونبقى نحن نبتسم حين نسمع بالمنسف ونسحج لمن سف .
بصراحة اعدموا المنسف فبسسبه ضاع من سف والمنسق نسفنا من اولنا لاخرنا ولا زلنا نقول من سف ونريد من سف ونعيد انتاج من سف وننتخب من سف ونسحج لمن سف ونتمنى ان ياتي من سف ليشاركنا المنسف يا جماعة نحن اكلنا منسف وكم من سف بلعنا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى