المنحة.. حتى لا نكرر أخطاء النسور / سلامة الدرعاوي

المنحة .. حتى لا نكرر أخطاء النسور

المشكلةُ التي يعاني منها الاقتصاد الوطني ليست نتيجة مباشرة لنقص المساعدات والمنح التي تتدفق على الخزينة، إنّما هي مشكلة في كفاءةِ الادارة لتلك الاموال، وهذه مُعضلة حكومية بحتة.

لم تنقطع المساعدات عن المملكة ابداً، حتى في أصعب الظروف السياسية التي شهدتها المنطقة بعد حرب الخليج الثانية عام 1990، وتجميد كافة المساعدات الاجنبية والخليجية للأردن، فقد كان النفط العراقي والبروتوكول التجاري كفيلين بتسيير انشطة الدولة المختلفة.

للأسف، كثيرةٌ هي الممارسات الحكومية التي أضاعت فرصة تعظيم الاستفادة من المنح التي كانت تحصلُ عليها المملكة، والتي لو أحسن توظيفها لكان أثرها الاقصادي واضحا على التنمية بمختلف قطاعاتها، لكن النتيجة ان بعض المساعدات ذهبت في عمليات تمويل نفقات ومشاريع لا تغني ولا تسمنُ من جوع.

مقالات ذات صلة

المنحةُ الخليجية بقيمةِ 3.6 مليار دينار التي استخدمتها حكومة النسور كاملة تقريبا، كان أثرها الاقتصادي محدوداً ان لم يكن معدوماً ، والا كيف نفسرُ صرفَ كل هذه الأموال في فترة زمنية محددة ومعدلات النمو الاقتصادي لم تتجاوز في افضل حالاتها 2.3 بالمئة، مما يعني دون أدنى شك، ان استثمار أموال المنحة الخليجية ذهبت لمشاريع غير مجدية اقتصادياً ولا استثمارياً ، وهو ما جعل فوائدها المرجوة منها بالاساس تتبخر وتتلاشى، ولا عجب من ذلك اذا ما علمنا ان حوالي المليار دينار من أموال المنحة ذهبت لفتح طرق فرعية وجانبية في اماكن بعضها لا تتواجد به تجمعات سكنية، أنما كانت تذهب لمتنفذين.

والكل يتذكر ايضاً أن السبب الرئيسي وراء تأخر تنفيذ مشاريع المنحة منذ عهد حكومة فايز الطراونة سنة 2011 كانت بسبب عدم وجود دراسات حقيقية لمشاريع اقتصادية ذات جدوى، مما أخر تنفيذ السحوبات على أموال المنحة المرتبط اساساً بمشروع محدد.

حكومة النسور أضاعت أكبر فرصة اقتصادية أُتيحت لحكومة في تاريخ المملكة، وهي حصولها على معظم التمويل اللازم لبند النفقات الرأسمالية في الموازنة التي عادة ما يتم تمويلها من عمليات الاقتراض الخارجي والداخلي، لكنها للأسف لم تتمكن من توظيف هذه المنحة بالشكل الاقتصادي السليم وتبخرت كل عوائدها الاقتصادية لا بل زادت المديونية والعجز بشكل مضطرد وغير مبرر اقتصادياً، حتى اسعار النفط تراجعت في عهد هذه الحكومة ابتداءً من حزيران 2016 بأكثر من50 بالمئة، ومع هذه لم تنعكس على الموازنة.

الان يتكرر المشهد مع حكومة الرزاز التي منحها إعلان مكة 2.5 مليار دولار، منها ما هو وديعة وآخر لكفالات ودعم مباشر للخزينة وتمويل مشاريع انمائية، وهنا يُطرحُ السؤال، كيفَ للحكومة الجديدة ان توظف هذا الدعم بشكل يعود بالنفع الاقتصادي على الموازنة وعلى المواطن وتتجنب أخطاء حكومة النسور؟

الحكومة مطالبة بإعداد دراسات جدوى اقتصادية لمشاريع انمائية تعزز بيئة الاعمال المحلية، وتساهم في جذب المستثمرين، وان تفعل المشاريع التشاركية مع القطاع الخاص من جانب، وان توجّه جزءا من أموال المنحة الى سد عجزِ الموازنة ليظهر بالأرقام المطلقة امام المواطنين والمتابعين بأن ميزانية الدولة يظهر فيها أموال المساعدات وتنعكس على مؤشراتها واستقرارها، بدلا من ان نعيد أخطاء من سبقونا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى