المقاومة واستراتيجية القوي الحكيم
في الآونة الاخيرة قامت قوات الاحتلال الصهيوني باستهداف نفق للمقاومة الفلسطينية في مدينة خانيونس في جريمة جديدة تضاف لسجل كبير من الاعتداءات والجرائم الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني الصابر، والمتابع للوضع يجد ان اختيار التوقيت الحرج لهذا الاستهداف لم يكن عبثاً لان الاحتلال عمل على استفزاز المقاومة من خلال تصريحات قادة العدو ومحاولة استدراجها للرد من أجل أهداف خبيثة في ظل أجواء المصالحة الفلسطينية، لكن المقاومة اليوم أمام اختبار حقيقي واستراتيجية جديدة في الرد على العدو الصهيوني.
ان المقاومة اليوم من القوة بمكان أن ترد رداً فوري وقوي على أي اعتداءات العدو الصهيوني لكنها من الحكمة بأن تحدد الأفضلية لهذا الرد وبهذا تثبت للكل الوطني وللعمق الاسلامي الداعم للقضية الفلسطينية انها من تدير الصراع وفق رؤيتها بعيداً عن استدراج العدو الصهيوني وردود الفعل، في ضوء ذلك كلنا ثقة بالمقاومة وأنها سترد بما يردع الاحتلال ولكن اختيار الوقت والشكل المناسب للرد يعد نوع من النضوج العسكري في التفكير الاستراتيجي المقاوم.
لا تزال المقاومة الفلسطينية تثبت يوماً بعد يوم أنها صاحبة الكلمة الفصل بما تميزت به من حكمة كبيرة في ادارة الصراع، فشعبنا يثق بالعقول المقاومة ورجالها المخلصين لله وللوطن لأنهم مدركون لحجم المؤامرة التي تحاك تجاه شعبنا.
ان تنوع وتجدد تكتيكات المقاومة في التعامل مع العدو الصهيوني يجعلنا مطمئنين أن مشروع المقاومة بخير وأن طريق التحرير سيكون وفق رؤية المقاومة بما يخدم أولويات المرحلة ومصلحة شعبنا.
لا شك أن قيادة المقاومة لديها من الحكمة والذكاء بأن تدير المعركة مع العدو الصهيوني بعيدا عن رد الفعل لأن تكتيكات المرحلة قد تقتضي تأخر الرد أحيانا ليس ضعفاً انما حكمة في ادارة الصراع حتى يحين الزمان فيأتي الرد في المكان المناسب بما يحقق أهداف المقاومة بعيدة المدي.
لقد حققت المقاومة في جولات الصراع مع العدو الصهيوني الكثير واستفادت دروسا وعبراً أكسبتها مزيداً من مهارات وتكتيكات التعامل الأمثل في ادارة الصراع لصالح المقاومة الفلسطينية والقضية الوطنية عموما.
كل ذلك كله يوضح لنا ان هناك استراتيجية جديدة بلورتها المقاومة يمكن أن نسميها استراتيجية القوي الأمين، تضيف لخبراتها السابقة وهي أن الجهاد ليس من أجل القتال بل أن الجهاد والمقاومة لها غايات سامية وعظيميه وفي مقدمتها تحرير كامل أرض فلسطين من دنس الاحتلال، ضمن وحدة وطنية وحاضنة شعبية لمشروع المقاومة والتحرير ولا أدل على ذلك من رعاية المقاومة للمصالحة الوطنية والتأكيد علي الحفاظ على سلاح المقاومة سلاحا شرعيا ً بلا تنازل ولا تفريط انما جهاد ومقاومة بمحددات ورؤية وطنية شاملة وفق السياسية الشرعية .