#المقاومة #الفلسطينية و #الجماهير #العربية: “أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض”
كتب م. #علي_أبوصعيليك
ما كان لهذه الإبادة التي تنفذها إسرائيل بقرار من الولايات المتحدة الأمريكية في قطاع غزة أن تتم لولا حالة الوهن والتخاذل العالمي غير المسبوق أمام النفوذ اليهودي الصهيوني الذي بات يسيطر على معظم المؤسسات الاقتصادية في العالم وبالتالي يتحكم في صناعة القرار الدولي!
لم يبق شيء إنساني إلا وقد تم قصفه والتعامل معه بوحشية، مستشفيات وسيارات إسعاف ومدارس تؤوي اللاجئين وبيوت مدنيين وصحفيين وأطفال ونساء وكبار السن، لا شيء يخرج من دائرة الاستهداف المباشر التي تنفذها الماكينة العسكرية لجيش الاحتلال، كل ذلك من أجل تحقيق تهجير شعب غزة نحو غزة في نكبة فلسطينية جديدة، ما هذا الهدف العظيم الذي هانت من أجله أرواح الأبرياء.
مراحل احتلال اليهود لفلسطين تمر بفترة انتقالية رئيسية، نكبة جديدة، وأحد أسبابها ازدياد تأثير المقاومة الفلسطينية ونوعية أهدافها وزيادة الثقة الشعبية بها، لدرجة أن يتم تسخير كل العالم من أجل تصفية القضية الفلسطينية.
المقاومة الفلسطينية بشقيها التنظيمي والفردي أصبحت فعلاً بمفردها في مواجهة الكيان المحتل بكل مكوناته، وحتى الجماهير العربية أصبحت تكتفي بالدعاء وهي التي تم إفقارها وزيادة الأعباء عليها، والمظاهرات الضخمة التي تشهدها العواصم العربية لم تعد تشكل أكثر من دعم معنوي!
إن احتلال فلسطين هو محور القضايا في الشرق الأوسط بل وفي العالم ككل، ولن يصلح حال وظروف الدول العربية طالما استمر وجود الكيان اللقيط في المنطقة لأنه هو محراك الشر الذي يعيث فسادا في المنطقة العربية بأدواته المتنفذة ، وما أكثرها.
لذلك فإن الاستمرار في ترك المقاومة الفلسطينية لوحدها تواجه العدو المحتل وعملائه هو رهان خاسر على المنطقة برمتها، وستكون له انعكاسات مدمرة على الجميع، فالكيان المحتل يمثل داء السرطان في الجسم العربي ولن يكتفي بفلسطين، فالصهيونية لها مشروع توسعي في المنطقة وهذا لم يعد يخفى على أحد.
ولذلك فإننا في صراع لا يوجد فيه حياد، أو منطقة دافئة، بل هو لهيب سيصل الجميع، إذا لم تنتفض الجماهير العربية وتصنع الحدث بعد أن خذلت السياسة فلسطين.
إذا كان شباب العرب يتابعون استهداف شباب فلسطين المقاومين من خلف شاشات التلفاز أو وسائل التواصل، فإنه بلا شك سيكون هو الضحية القادمة رغم أنه عمليا قد تم استهدافه خصوصا في السنوات الأخيرة من خلال تضييق سبل العيش عليه وإغراقهم في الكثير من الأمور التافهة.
لا يوجد خيارات كثيرة أمام الجماهير العربية، وهي التي يجب أن تكون في خط المواجهة مع العدو المحتل، وهذا ليس مجرد كلام إنشائي، بل لا بد من إيجاد السبل لشحذ الهمم وتنسيق الجهود، خصوصا عند الشباب القياديين الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه قضايا أمتهم، والخروج من قوقعة الأزمات المعيشية التي ستستمر طالما استمر وجود “السرطان المحتل” في الجسم العربي.
من لا زال يعتقد بالدبلوماسية فهو ليس واهما فحسب، بل لا يفعل ذلك إلا المنتفعين ممن تضمن لهم أمريكا وليس شعوبهم استمراريتهم، ويبدو أن الدروس الكثيرة التي حصلت في آخر عقدين من الزمن لم تتم قراءتها جيدا.
لا جديد يذكر عندما نقول إن أمريكا هي رأس الفتنة، ومركز صناعة الشر في العالم، وتاريخها المعاصر مشبع بالإجرام في العراق وسوريا وغيرهما، وإفقار الدول العربية ونهب ثرواتها هي سياسة ثابتة لجميع رؤسائها.
ومما يجب الإشارة له، هو أن التيار الإسلامي الذي يحظى بالقاعدة الشعبية الأكبر في المنطقة العربية وهو ما يزيد من مسؤوليته في المشهد العربي، عليه أن يغير في تعامله مع القوى الشعبية الأخرى بحيث يعتمد الجميع مبدأ التكامل لا مبدأ الإقصاء.
لذلك من العبث أن تؤدي اختلاف الأيديولوجيات بين القوى الشعبية العربية لاستمرار أسباب الفرقة، ولا يجب أن تكون عائقاً طالما أننا نواجه عدوا ينظر لنا جميعا ك أعداء وأدوات، ويعمل على تحييد البعض بشكل مؤقت حتى يقضي على البعض الآخر كما حدث في القصة الشهيرة “أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض”
لا شك في أن فلسطين ولادة لرجال المقاومة وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ولا نؤمن بوجد طريق للتحرير غير المقاومة المسلحة، وهي اللغة الوحيدة التي ترهب العدو المحتل والمستوطنين، رحم الله الشهداء والمجد لمن سار على درب المقاومة.
كاتب أردني
aliabusaleek@gmail.com