المعلمون.. والسعي لإعادة توزيع القوى في المجتمع الاردني ..الواقع والنتائج.
ا.د حسين محادين
– تنويه هذا التحليل العلمي يستند الى اطروحات علم اجتماع السياسية فقط.
– صحيح ان اضراب اساتذتنا الاجلاء؛ قد جاء في المحصلة
تحت عنوان مطلبي مالي تحديدا وهي زيادة 50%؛ وهذا حقهم ككل الشرائح المتدنية الدخل التي تُعاني بدورها من الضغوط الاقتصادية المتنامية في مجتمعنا الاردني حاليا.
– لكن المشهد الفكري والميداني بعد دخول اضراب المعلمين الاسبوع الثالث؛ قد اتسع اثرا وتأثرا في الوجدان والفكر الشعبيين عموما؛ انتقل حكما من حدود المطالبة المالية المجردة الى السعيّ الضمني بعِلم جُل المعلمين؛ او عدم معرفة بعضهم وعبر التغيرات المصاحبة لاستمرار هذا الاضراب السلمي؛ من حيث الاحتمالات الراهنة والنتائج الترتبة على توسع عناوين المطلبيات المضافة لنقابات او الشرائح الاخرى الواقفة بعضها على حافة اقتفاء نهج لمعلمين في المطالبة بحقوقها.
-ان مطالب المعلمين المشروعة بتحسين ظروفهم؛ وبغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف على اليات التعبير في هذا الاضراب ؛ وما سيترتب عليه سواء تم التوافق على حل ما بين النقابة والحكومة ؛او عدم التوصل لذلك لاسمح السياسيون ببلدنا ؛ فأن من نتائج اي من الاحتمالين يمكن اجماله بما هو آت:-
1- ان العناد الحكومي الغامض لدى العوام نحو عدم الوصول الى اتفاق عادل مع النقابة؛انما هو وعي ضمني لديها كسلطة بخطورة الاستجابة الطوعية لطلبات المعلمين؛ وهم الشريحة المنظمة الأوسع والمُطعمة بمعلمين حزبيين واصحاب خبرات نقابية غنية سابقة؛ بدليل ما ظهر اثناء وبعد ومازلت فاعلة حتى الان ومنذ تشكيل النقابة قانونيا..مقارنة بامكانات وخبرات واداءات الحكومة الحالية الشحيحة سياسيا ونقابيا منذ تشكيلها ووصولا الى هروبها الموجع والمستمر للآن من الاعتراف بقدرة المعلمين ونجاحهم باجتهادي-بغض النظر عن شكل التوافق المتوقع بين النقابة والحكومة- في احدث فرق كبير في بنية وتوزيع القوى في المجتمع الاردني الاشمل قبل وبعد انتهاء الاضراب المتوقع وكاننا امام تاريخيين مهمين في تاريخ الاردن؛ خصوصا وان الشريحة القليلة المرتبطة عضويا بالحكومات المتعاقبة والتي تملك الثروة وتورث الوظائف والمكتسبات لابناء عدد قليل من العائلات بالمجمل في بلدنا النامي؛ وبين شريحة منظمة وهم المعلمون وهي تقريبا “115الفا” هي الاكبر عددا والاكثر قدرة كما ظهر خلال الاسبوعين الماضيين على الضغط المُحرج بسلميته وخطابه الاعلامي والحراكي؛ رغم انهم الاقل امكانات مادية ومداخيل،مقارنة بالحكومة خصوصا وانها كنقابة نجحت بتقديري من حيث دقة توقيت الاضراب وفي الضغط على عصب الدولة المُستفز اصلا؛ نتيجة للظروف الصعبة محليا واقليميا على الاردن الحبيب.
– لنلاحظ وبعلمية محايدة ؛ كيف فزع فجأة وظهر اثناء الاضراب اشخاص “عامين ونواب؛واعلامين حكومين كمثال” ليسوا في الحكومة الحالية ظهروا للدفاع عن اجراءات؛ وكيفية تعاملها مع فلسفة واحتماليات نجاح هذا الاضراب؛ وبسعيها للوقاية من تصادمها كحكومة مرهقة مع نتائج محتملة؛ وهي الاكثرصعوبة اقتصاديا وسياسيا من الواقع الحالي.
– في المحصلة واعتمادا على طبيعة ودرجة إلتزام وسعي الطرفين الى توصلهما لحل ما؛ من عدمه بينهما وهذا النموذج الرسمي الاول في التعامل مع هذا الاضراب ومصاحباته اقتصاديا وسياسيا وجماهيريا.
؛ مقابل “خرس سياسي واعلامي” لمسؤولين كبار سابقين كنموذج رسمي ثاني؛ لكنه الغائب عن المشهد بذات الوقت؛ وهنا يظهر تحدِ مضاف لفهمنا الفكري والسياسي تاريخيا، لواقع ونتائج هذا الاضراب ومازالت نتائجه مفتوحة على كل الاحتمالات ؛وهؤلاء اي النموذج الثاني من الاسماء واصحاب” الالقاب” المكرسة عبر عقود في يومياتنا وعلى شجرة حواس الاردنيين ايضا؛في حين لم نراه فاعلا ةو حتى مؤثرا في الاصلاح او حتى التوسط بين الطرفين كنموذج ؛ وكأننا ايضا امام انقسام ثأري بين رجالات الدولة الحاليين والمتقاعدين؛ او اننا امام اختبار ولاء للدولة ومنجزاتها بين رجال ونساء الحكومات الحالية والمتعاقبة على مسرح هذا الاضراب ترابطا مع ترقب كليهما لنتائج هذا التحد الوطني الاشمل لنا جميعا تحت مظلة السلم المجتمعي ؛كون هؤلاء الموسميون في الحديث عن خطورة الاضربات ومنها للمعلمين الان بالذات؛ هم واجهة ثرية وصاحبة مكتسبات لأصحاب النفوذ ؛مُليكات وامتيازات، قرارات عبر حكومة د.الرزاز حاليا.
اخيرا ؛ هل ابالغ في تحليلي العلمي هذا ان قلت؛ بأن نتائج هذا الاضراب المستمرة للآن أيّ كانت نتائجه توافقا ام انقطاع حوار؛ فهل سيكون من حيث الافادة والاستنتاج تمريِنا حياً لسعي شرائح /نقابات متوثبة ضمنا مازالت تشعر بالغبن؛وغياب العدالة في توزيع الرواتب وفرص العمل في الحقل التربوي تحديدا؛ او حتى فرص التوظيف النادرة عموما ،وكذلك استمرار الاحساس لديهم ايضا بعدم توزيع مكتسبات التنمية بين ابناء وعائلات ومحافظات الوطن بعدالة نسبية في المجمل. حمى الله اردننا الحبيب بالوعي والقرارات الرشيدة المطلوبة كضرورة رسمية وشعبية.
* عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
-عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية”.