المعشر يحذر

سواليف
اعتبر الدكتور مروان المعشر نائب رئيس الوزراء الاسبق ” ان مساعدة الاردن ليس اولوية بالنسبة للسعودية ” وذلك بسبب الاوضاع الاقتصادية التي تمر بها الجارة الخليجية ، محذرا من وصول الاردن الى الافلاس اذا ما استمر على ما هو عليه الان .

وقال المعشر خلال ندوة سياسية بعنوان ” مستقبل الاردن في ظل التحديات الاقليمية والداخلية ” عقدتها جمعية المرصد الديمقراطي الاردني الأحد ، أن هناك مدرستين فيما يخص الاصلاح في الاردن احداهما محافظة ترى ان المضي في الاصلاح في هذه الظروف وضمن التحديات الامنية الخارجية ربما يقود البلد الى المجهول، والأخرى ترى أن كل التحديات والظروف الاقتصادية هي نتاج مباشر لفشل السياسات في الاردن والمنطقة وان الطريق الى المستقبل لا بد ان يمر بمشروع اصلاحي حداثي ديمقراطي تنويري لبناء مؤسسات حقيقية قادرة على انتاج الديمقراطية.

واضاف المعشر أن الربيع العربي والذي يمثل بالنسبة له يقظة عربية كان ثورة على فشل الأنظمة العربية في بناء دول ذات مؤسسات ديمقراطية راسخة تتمتع بالفصل بين السلطات ورقابة كل سلطة على السلطات الاخرى بطريقة متوازنة ودون تغول، وتحقيق المواطنة التي يصفها المعشر بالمتساوية الحاضنة للتنوع المحتفية به وليست القابلة لللتنوع على مضض، الامور التي لو كانت موجودة في الدول التي دخلت حالة الفوضى لما حدث فيها ما حدث والذي نتمنى أن لا يحدث في الأردن الذي يواجه تحديات المؤسسات الديمقراطية كما يواجه تحدي المواطنة الذي لا يريد الكثيرون الحديث عنه بصراحة.

وأكد المعشر أن الأردن ومنذ البداية قد تم بناؤه على اسس الاقتصاد الريعي لا الانتاجي حيث تقوم الدولة اليوم بتشغيل نسبة 42% من القوى العاملة وتشكل اعلى نسبة في العالم في ظل فساد في التوظيف وتضخم في القطاع العام وبطالة مقنعة، وان الاردن كان دائما يعتمد على المساعدات الاميركية والسعودية وتحويلات المغتربين الأمر الذي لم يعد فعالا في انتشاله من ازمته الاقتصادية حيث يتلقى الاردن 1.6 مليار دولار من اميركا وهو ما نسبته 10% من المساعدات الخارجية الأمريكية أي أن هذه المساعدات لا يمكن أن تستمر فضلا عن أن تزيد، وأن الظروف المالية في السعودية التي تحتاج إلى أن يكون سعر برميل النفط 100 دولارا حتى لا تعاني من عجز في موازنتها والتي اجبرها انخفاض الاسعار على انفاق 200 مليار دولار من رصيدها السيادي البالغ اقل من 800 مليار العام الماضي اي أنها يمكن أن تصل لحالة الافلاس بحلول عام 2020، وانه مهما قامت به السعودية من مشاريع اصلاحية اقتصادية وتقشفية سوف تكون اولويتها الانفاق الداخلي لا مساعدة الأردن، الأمر الذي اوصل الأردن إلى مرحلة لا بد فيها من الاعتماد على الذات في ظل تضخم المديونية التي بلغت 94% من الدخل القومي اي قريبا من حد الافلاس، وأنه ليس للحكومات ثمة مشروع اقتصادي ولو تدريجي للانتقال إلى الاعتماد على الذات وهذا ما تشير اليه الارقام وأن الحكومات لا تشكل بناء على البرامج بل توزع الحقائب فيها بالمحاصصة ولا تتمتع بالولاية العامة الكاملة، وأنه وان كانت للنموذج الريعي ايجابيات على الاردن لكن هذا النموذج قد افلس بينما لا يراد الانتقال للنموذج الانتاجي ولم يعد من الممكن الاستمرار في الريعي.

وأضاف المعشر أنه في ضوء انغلاق الافق الاقتصادي للاردن فان الافق السياسي مغلق ايضا وان كافة الاجراءات الاصلاحية التي تمت في السنوات الاخيرة لا تعدو كونها تجميلية ولا تشكل برنامجا اصلاحيا حقيقيا.

واضاف المعشر حول تحدي اللجوء أن معدل اللجوء عالميا هو 17 عاما، وانه تم تدمير اكثر من 65% من بيوت السوريين الأمر الذي يضع الأردن أمام تحديات أمنية وسياسية كبيرة بسبب استمرار اللجوء، فلا يمكن أن يعيش هذا العدد من اللاجئين في بطالة ومن غير صوت دون ان يكون رافدا قويا للارهاب الذي ان لم يكن مقنعا ايدولوجيا فهو يقدم الرواتب والصوت لهم.

وحول تحدي التطرف وداعش قال المعشر بان السياسة المتبعة هي المواجهة الامنية العسكرية دون وجود مقاربة سياسية واقتصادية تبحث في اصول المشكلة الأمر الذي اثبت فشله عالميا حيث ثبت أن مواجهة القاعدة عسكريا في افغانستان قد ادت الى وجود أكثر من عشرة قواعد حول العالم وباشكال أشد ضراوة وارهابا من القاعدة.

وأكد المعشر أن من بين التحديات الوطنية الكبرى قضية التعليم حيث يرى أن التعليم قد اختطف مبكرا في الأردن من قبل المحافظين من الاسلاميين والعلمانيين على السواء فاصبح النظام التعليمي تلقينيا وغير محفز على التفكير الناقد وأن مفاهيم اساسية كثيرة لا تزال المناهج تقدمها بشكل مغلوط مثل المرأة والسلطة والعلم الحديث وغيرها، وان المنظومة السياسية العربية ركزت على التعليم التلقيني في محاولة لتنشئة مواطنين مسالمين ولا يعارضون السلطة السياسية الا ان ذلك قد اثبت فشله وان الاجيال تنزل الى الشارع اذا لم تستطع المنافسة في سوق العمل، وان المبالغ الطائلة التي انفقها الاردن على التعليم انتجت نظاما تعليميا يركز على الكم بدلا من النوع وان هذا النظام يفشل في رفع تنافسية الاردنيين في سوق العمل.

وذهب المعشر الى ان الاجندة الوطنية التي وضعها 450 خبيرا من الاردنيين والاردنيات عام 2005 قد رسمت معالم اردن المستقبل المنشود وشكلت مشروعا اصلاحيا وطنيا حقيقيا وقد قاومها المحافظون الذين يشعرون بان الاصلاح لا بد ان يفقدهم ميزاتهم في السلطة والحكم وفرغوها من مضمونها العملي وحوربت ووضعت على الرف تحت مبرر انها قفزة في المجهول، وأن فلسفتها لا تزال صالحة لبناء اردن قوي وخلق مواطن منتم يثق بالدولة ومؤسساتها.

وأكد المعشر ان التجارب قد اثبتت أن مقولة الاصلاح الاقتصادي الليبرالي اولا كمقدمة للسياسي ولاصلاح المنظومة التشريعية والقضائية قد اثبتت فشلها حيث ادى ذلك الى ارتفاع معدلات الفساد بشكل غير طبيعي فتراجع ترتيب الاردن عالميا بين 180 دولة على مؤشر الشفافية الدولية من 37 عام 2005 الى 66 عام 2015 بينما كان هدف الاجندة الوطنية الوصول الى ترتيب 20 في نفس الفترة.

وأضاف المعشر أن جلالة الملك قد اطلق خمس اوراق نقاشية اصلاحية حداثية حيث شملت أهم المبادئ الاصلاحية السياسية والاقتصادية التي يحتاجها الاردن لكنها لم تحظ باهتمام داخلي من مؤسسات الدولة ولم يوجد ذراع منها ليقوم بتحويل الرؤية الملكية الى خطط، ونرى أننا بحاجة لتعريف الموالاة والمعارضة السياسية من جديد حيث نرى أن الذين يتحدثون بالرؤية الملكية للاصلاح يعتبرون معارضين.

وفي موضوع السياسة الأمريكية فيرى المعشر أن الانسحاب السياسي الامريكي غير الكامل من المنطقة حقيقي وقد ترك فراغا في غياب الدور العربي لتسارع لملئه الدول الاقليمية وأن الكثيرين لا يزالون لا يدركون هذا الانسحاب وان الراي العام الاميركي يرى ان تدخل اميركا في أي منطقة لا يصنع الديمقراطية بل يورثها الخراب وعلى ذلك البرماج قاموا بانتخاب اوباما بعد فشل بوش في وعوده لهم بشن حرب تصنع الديمقراطية وتقضي على الارهاب ولا تكلف امريكا ماليا فكلفتهم حرب العراق 3 تريليون دولارا و4500 قتيل ولم تصنع امنا او ديمقراطية، فالنفط والمنطقة لم تعد اولوية لامريكا مهما كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية القادمة فيها وداعش لا تشكل خطرا استراتيجيا عليها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى