المظاهرات والتحدي بين الشعب والحكومة
المظاهرات والاحتجاجات او ما أصبح يسمي بالحراك الشعبي والذي منذ ١٤ يناير ٢٠١١ حمل اسم ” يوم الغضب” وقت المطالبة بتنحية وحلّ حكومة دولة سمير الرفاعي وتعيين “حكومة إنقاذ وطنيّ تقودها شخصية قريبة من الشعب”، هي نفسها الدائرة اليوم تحت اسم ” أيام الغضب” ولكن بأكثر فعالية وقوة وحشد مطالبة بتنحية وحل حكومة الدكتور هاني الملقي منذ عام ٢٠١٧ والي اليوم دون ان تحل.
الاحتجاجات ملخصها الاعتراض على الفقر والتهميش والفساد والحكومة الضعيفة في ثلاثية البطالة، والغلاء، والضرائب.
ويتساءل الشارع عن السبب الداعي للتمسك بحكومة ضعيفة يثور عليها الشعب علما ان حكومة سمير الرفاعي لم تأت بقوانين ظالمة ولم ترفع الأسعار ولم تفعل ما فعلته حكومة د. الملقي او ما أملى عليها واجبرت عليه نتيجة قرارات حكومات سابقة وتوصيات بنك دولي؟، ومع ذلك اطيح بحكومة “الرفاعي” بناءا على مظاهرات واحتجاجات في الشارع اقل بكثير مما يحدث الان.
يتساءل الشارع هل هناك مبرر للإبقاء على حكومة د. الملقي يجهلها الشعب؟، أم هناك مزيد من القوانين السيئة والإجراءات في الطريق للتنفيذ قبل ان تطير؟
القضية هنا ليست شخصية الرئيس الدكتور هاني الملقي، الذكي والأمين والمجتهد الذي وضع في حفرة ليست من صناعته، ولكن قرارته وضعف طاقمه الوزاري هو الذي أشعل الغضب.
الأصوات المحتجة التي سببها الوضع الاقتصادي المتردي والحريات المنعدمة والقرارات السيئة وجدت أن وسائل التواصل الاجتماعي قادرة على تجاوز كل حواجز التكتم والتكتيف واغلاق الافواه والتلاعب في الاعلام.
في العادة أن تلك المظاهرات والاحتجاجات هدفها الضغط على الحكومة من أجل تحقيق مطلب او مطالب، للمواطن، كأحد أشكال المشاركة السياسية في بلد لا يوجد به أحزابا وطنية قوية ذات نهج وبرامج .
القضية تحتاج الي مكاشفة وصراحة وصدق في التعامل مع الشعب ومكاشفته بالحقائق قبل وبعد واثناء استخدام المفتاح.
ورغم أن التظاهر فعل سياسي جماعي، يتطلب تنظيماً وتحديداً للأولويات، وتلك من السمات المهم تواجدها في أي مجتمع هدفها اصلاحي في الغرب الديمقراطي، لكن في الاردن مع القرارات والقوانين سيئة السمعة المتكررة لم يعد التنظيم مهما، بعد ان فقد المواطنون كثيرا من حقوقهم وتم التعدي على جيوبهم وافقارهم.
“القدم او التاريخ ” للمتداولات على وسائل التواصل لا ينفي حدوث الاحتجاجات ولا يلغي حقيقتها.
لذلك لا بد من طريقة تعامل مختلفة وعقلانية مع ما يحدث على الساحة الأردنية التي حرقتها نار الحكومة، وهنا يأتي دور الاعلام المتطور الذي من المفترض أن يحترم عقل الشعب وأن يتوافق مع أدوات العولمة والثقافة العابرة للقارات وهو ما تفتقده الحكومة الضعيفة “والضعيفة جدا” بدلالة هتافات اغلب المدن الأردنية المطالبة بإسقاطها.
على الحكومة ان يكون لديها خطة وطنية في مجال حقوق الإنسان والديموقراطية من أجل حماية حقوق المتظاهرين والرقي بالممارسة الحقوقية بالشارع وحق التداول الامن في وسائل التواصل للتسجيل السمعي والبصري عوضا عن التهديد بقوانين الجرائم الالكترونية والتكذيب “الكاذب” الذي يأتي بنتائج عكسية.
أن افراد المجتمع المتضررين لديهم النية والاستعداد للخروج والتعبير عن حالة الرفض دون “الدعوة لها” لأول مرة في تاريخ الاردن، ولديهم أدوات التواصل ولديهم خوف على الوطن ومستقبلهم يعبرون عنه بكافة الطرق .
الأردن لكل الأردنيين حق لا نقاش فيه او تعدي عليه
لذا لا بد من مصارحة ومكاشفة وتغيير الأساليب القديمة والأسطوانات المشروخة التي تصدر عن ابواق تابعة للحكومة حتى لا يتصاعد التوتر الذي تخطي “رئيس الحكومة” ومطالبته بالتنحي ورفعت فيه سقف المطالبات.
رفض الحكومة مسيرات واحتجاجات أحيانا واعتبار الاحتجاجات «مخالفة للقانون» ومطالبة المواطنين بعدم تداول مقاطع مسجلة حقيقة خطأ فادح نتائجه عكسية ولا تحمد عقباه ودليل فشل تام للحكومة في معالجة الأمور وعدم التفات لمصالح الشعب المهدرة.
ان وسائل التواصل تستخدم المخزن الذي أنشئ على الانترنت وبه سيل من ملفات الفيديو الذي تم تحميلهم، وهي بمثابة مستودع متشعب لغضب الشعب.
مطلوب علاج المرض لا الاعراض .
aftoukan@hotmail.com