المطلوب حكومة تصحيح اقتصادي في الاردن
علي السنيد
.
انا اعتقد اننا حققنا الفشل على معظم الاصعدة في الاردن ، والى الدرجة التي اصبحت فيها الدولة عاجزة عن مواجهة ازمتها الاقتصادية المتفاقمة ، والتي تضعها على شفير الهاوية. وهذا يقتضي ان يتوقف كافة منظري المرحلة السابقة عن اسداء النصح والحض على رفع الاسعار و الضرائب، والرسوم لمواجهة الموقف. وعلى الطبقة السياسية التي اوصلت البلاد الى غياهب المجهول ان تتحمل مسؤولياتها وان تفسح المجال لكي ينضح في مركز صنع القرار ضرورة تشكيل حكومة توافق وطني تشمل الطيف الوطني كله من قوى حزبية ونقابية، ومتقاعدين عسكريين ، والشخصيات المستقلة، وبرئاسة شخصية معروفة بالنزاهة والاقتدار ، وتكون لديها القدرة على النهوض الوطني وتأتي هذه الحكومة تمهيدا للحكومات البرلمانية.
فالاردن يحتاج اليوم وقبل فوات الاوان الى حكومة تصحيح اقتصادي تجنب الدولة الافلاس المحتوم على مدى السنوات القادمة ، وتوقف تصاعد المديونية الخارجية، وتضع حدا للعجز المتواصل في موازنات الدولة، ولجوئها الى جيوب المواطنين في كل مرة وبما يرتب كلفا امنية باهظة في حال تحرك الشارع.
وانا اقترح ان يكون من اولويات هذه الحكومة ما يلي :
1- تنذر العالم بأن الاردن بات غير قادر على ايواء كل هذا اللجوء السوري، وانها ستتخذ اجراءات الطلب من اللاجئين مغادرة الاردن والابقاء على نسبة معقولة فقط، وذلك لوقف الاستنزاف الخطر في موازنة الدولة الفقيرة، وتبدأ بوضع الخطط والبرامج للتنفيذ او ان يتم تفهم اوضاع الدولة الاردنية من قبل المانحين، والدول العربية الغنية.
2- تفرض ضريبة دخول على كل اجنبي يصل ارض المطار او النقاط الحدودية الاردنية، وتتناسب مع ايام بقائه على ارض المملكة وتشمل تكلفة السلع والمواد المدعومة ، وهذه الضريبة توضع على كل العمالة الوافدة وابناء الجاليات العربية والاجنية وذلك لكون الدعم يخص المواطن الاردني فقط.
3- تعيد الضريبة السابقة على البنوك بواقع 55% بدلا من 35% كما هو معمول به حاليا، ويمكن رفعها الى 60%.
4- تعمل على احكام الرقابة على الدوائر المالية في الوزرات وخاصة الوزارات التي لديها عطاءات بعشرات وربما مئات الملايين، وكذلك احكام الرقابة على الدائرة المالية في الاجهزة الامنية لمنع تصرف مدراء هذه الاجهزة بطريقة لا تخضع لاي رقابة.
5- تضع على سلم اولوياتها تقوية القطاع الخاص وتحفزه، وتكتشف الهوية الاقتصادية للمحافظات، وتحول الدور الامني للمحافظين الى دور تنموي مع وجود مجالس اللامركزية، وليصبح الحاكم الاداري معني بفرص التنمية ونسب الفقر والبطالة في محافظته. وكذلك تدعم القطاع الزراعي، وتستعيد المهن التقليدية في المجتمع، وتحول المملكة الى مركز اقليمي للتدريب المهني. والتوقف عن سياسة التعليم العالي المدمرة في الاردن والتي حولت الاجيال الاردنية الى جيش من العاطلين عن العمل وذلك مع وجود نحو 30 جامعة في الاردن تخرج بتخصصات لا طلب لها في سوق العمل.
6- تعجل في استخدام الاردن للطاقة البديلة لتقليل كلفة الفاتورة النفطية، وتعمل على استكشاف الاردن في مجال الثروات الطبيعية ، وتدخل ثرواته في معادلة موازنات الدولة، ومحاولة البحث عن البديل العربي في مجال الطاقة، والتوقف عن دمج الاقتصاد الاردني بالاقتصاد الصهيوني وخاصة في مشروع الغاز الاسرائيلي، والمياه لخطورة ذلك على امن المملكة مستقبلاً.
7- تعيد دراسة واقع صندوق تنمية المحافظات ومدى جدواه في تنمية المحافظات في الاردن والكذبة الكبيرة التي يمثلها في التنمية، والتنبه الى امكانية ايجاد قاعدة تنموية حقيقية من خلال مظلة واحدة تجمع صندوق المعونة الوطنية الذي بات يوطن الفقر في الاردن للاسف، وكذلك صندوق التنمية والتشغيل وصندوق الاقراض الزراعي ، وصندوق الزكاة، ومن باب اولى ان تخضع الصناديق الاقراضية الحكومية للمرابحة الاسلامية حتى ينجح الله اعمالها ولأن الله سبحانه وتعالى يقول “يمحق الله الربا” صدق الله العظيم .
8- تعمل على جمع المبالغ المخصصة في الديوان الملكي وفي الموازنة العامة لغاية الاعفاءات الطبية والتي تصل الى نحو 300 مليون سنويا وتحويلها الى عمل مظلة تأمين صحي شامل للأردنيين.
9- تقوم بتغيير قانون التقاعد المدني وذلك بالاستفادة من التجربة المغربية في هذا المجال حيث تخضع السلطات الثلاث له ولا يكلف الدولة المغربية فلسا، ويتم ذلك من خلال صندوق يشبه الضمان الاجتماعي في الاردن، ويخضع له رؤساء الوزارات وهم ما يطلق عليهم في المغرب “الوزير الاول”، وكافة الوزراء والنواب والاعيان .
ويتم اقتطاع نسبة من الراتب ومن المؤسسة لصالح الصندوق، ويتقاضى المستفيد الراتب التقاعدي حسب سنوات الخدمة وباحتساب مدى ما يتحصل عليه من القطاع الخاص اي اذا كان راتبه التقاعدي فرضا 1000 دينار وكان يرده دخل من القطاع الخاص مبلغ 1500 دينار فلا يحصل على شيء ، وبذلك لا يحصل على الراتب التقاعدي من كبار المسؤولين سوى من لا دخل له فعليا. وهذا يعيدنا الى رواتب تقاعدية بالألاف شهريا تصرف لرؤساء وزارات ، ووزراء ونواب واعيان في الاردن وبعضهم يملك مئات الملايين، وتصل مجموع رواتبه الشهرية الى عشرات الالاف من الدنانير.
10- تعيد ترتيب العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب على اسس دستورية وبما يجنب البلاد حصول النواب على مصالح لصالح شركاتهم تتعلق بالاعفاءات الجمركية، والحصول على عطاءات التلزيم، وجني المكتسبات من خلال شبكة العلاقات المتبادلة على قاعدة (الثقة في مقابل المكتسبات)، وبما يعيد مجلس النواب الى دوره الدستوري في الرقابة والتشريع. وهذا يقتضي تغيير قانون الانتخاب في الاردن لصالح قوى المجتمع المدني وبالشكل الذي يؤدي الى خفض عدد مجلس النواب الى اقل من 80 نائبا نظرا لوجود مجالس اللامركزية والتي تعنى بالتنمية المحلية، والخدمات. وكذلك تغليظ العقوبات على شراء الاصوات وهو ما يمكن ان يحد من وصول شريحة خطرة الى المجلس اتخذت من عضويته وسيلة للقفز الى المكتسبات الفردية للاسف. وكذلك يجب التنبه من خطورة ان تستولي عائلات على مواقع صنع القرار في الدولة، وان تصبح المواقع العامة قابلة للشراء كما يشاع مؤخرا.
11- تعيد تفعيل دور السفارات الاردنية في الخارج وتحولها الى بؤرة جذب للمستثمرين، وعرض الخارطة الاستثمارية ومحاسبة السفراء على مدى نجاحهم في هذه المهمة. ويقابل ذلك تقديم التسهيلات للمستثمرين للقدوم الى ارض المملكة وان يشرف رئيس الحكومة بنفسه على ما يواجهه المستثمرون من عقبات ، وفتح خط مباشر مع كافة الجهات المعنية لتذليلها. واعادة النظر بالقوانين ذات الصلة ، وما يمكن تقديمه من حوافز للاستثمار للقدوم الى ارض المملكة.
12- تعمل على تفويض كافة اراضي الخزينة في المملكة والتي سار المواطنون باجراءات الحصول عليها ضمن معادلة دفع بدل المثل وذلك في كافة المحافظات ومرة واحدة. وبما يضمن حل المشكلة التي تواجهها عشرات الالاف من الاسر الاردنية وربما اكثر من ذلك جذريا، وايضا تحصيل عائدات هذه الاراضي لخزينة الدولة.
13- تتبع سبيل الجدية في محاسبة الفساد وارعاب الفاسدين، وتمكن الجهات الامنية المعنية من ان تحصر كافة عمليات الاثراء غير المشروع بمجرد مراجعة احوال الشخصيات العامة على مدى العقدين الماضيين ، وكيف يتحول رئيس وزراء وانجاله او وزير او موظف لدى الجهات السيادية في الدولة او المدراء او النواب بمجرد تولي احدهم زمام المسؤولية لمدة سنة او عدة سنوات الى صاحب ثروة، ويسكن كثير منهم في الفلل والقصور في ارقى احياء عمان، وقد كانوا قبل المنصب لا يحملون في ارصدتهم شيئا. واستعادة المال العام يمكن ان يتم من خلال تسويات مالية او مواجهة القانون.