المسلم بين التقديس والتسخير
د. عبدالله البركات
لقد بالغت معظم مدارس #الفكر #الديني #الاسلامي في #تقديس الاشياء والأشخاص. ولا يعني ذلك ان هذه #المدارس دعت الى عبادة الاشخاص والاشياء، بل انها اضفت عليهم وعليها هالة علوية ومنحتهم ومنحتها حرمة لم يأذن بها الله. وترتب على ذلك التقديس حرمان الانسان من الاستفادة المثلى من الاشياء ومن اجساد الاشخاص بل حتى من سِيَرِهم.
ومن الامثلة على تقديس الاشياء تقديس السماء. فبالرغم من صريح الايات التي نصت على ان السموات وليست السماء الدنيا فقط مسخرات لخدمة الانسان كما في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَوْا۟ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُۥ ظَٰهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِى ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدَى ولا كتاب منير ) ٢٠ لقمان.
فنظر المسلم للسماء باحترام وجعل لها حرمة لم يأذن بها الله وبذلك حد من دراستها ومن الاستفادة من معطياتها وواقعها. لذلك لم تُدرس النجوم كاجرام يمكن النظر اليها والتفكر بها ودراسة إشعاعاتها وحركتها وعلاقاتها ببعض وعلاقاتها بالارض وتوقع اقتراناتها. ناهيك عن التفكير بغزوها والوصول اليها ولو نظرياً .
أما في تقديس المسلم للانسان فقد نظر الى حرمة الجسد نظرة تقديس فلم يفكر في الاستفادة من دراسة فضلاته وما لها من شأن في تقدم الطب والعلاج. ولم يفكر في الاستفادة من نقل الدم وزراعة الاعضاء ولو نظرياً. ولذلك دار خلاف شرعي حول جواز ذلك لفترة طويلة. ولم يتم اجازة التلقيح الصناعي وطفل الانبوب الا بعد زمن من الوصول الى ذلك الانجاز. فإذا كان الامر كذلك فهل يتوقع من المسلم الملتزم بذلك الفهم التقديسي أن يكون هو من يتوصل الى تلك الفتوح العلمية التي توصل اليها العلماء في الغرب. ولا يقول لي أحد ان الاطباء العرب فعلوا كذا وكذا. فهذا صحيح ولكنه لم يكن بهدي من ما نظّره لهم الفقهاء.
وما ينطبق على قداسة جسد الانسان وخاصة المسلم ينطبق على سِيَره وتاريخه. وخاصة الجيل الاول من الصحابة. فمازل الباحث لا يجرؤ على تحليل تاريخهم وتصويب عمل من اصاب وتخطئة عمل من أخطأ.
أن اضفاء القداسة على الاشياء والأشخاص مخالف لنص القران ومصلحة الناس وتقدم الامة.