كي لا نتوه في مواجهة مشكلاتنا: إصلاح نتائجنا في “بيسا” أم إصلاح التعليم؟

كي لا نتوه في مواجهة مشكلاتنا: إصلاح نتائجنا في ” #بيسا ” أم #إصلاح_التعليم؟
بقلم: د. @ذوقان_عبيدات

(1)
اختبار “بيسا” ونتائج طلبتنا.
نشرت الغد تقريرًا “تجميعيّا” لآراء عدد ممّن أسمتهم خبراء، وربما “استراتيجيين” ممن كانوا مسؤولين تربويين في مواقع متفاوتة بين وزير ومدير!
أدهشني معالي الوزير السابق بتصنيفه أسباب التراجع كما يأتي:
-عدم الاهتمام بالاستعداد للاختبارات الدولية.
-قلة الدعم الموجه للجهة المشرفة على الاختبارات الدولية.
-المتهمة الرئيسة كورونا.
-إضراب المعلمين الشهير.
-ضعف التدريس، وضعف اهتمام المعلمين.
كما أدهشني آخرون بالقول: إن تراجع أداء طلبتنا ناتج عن تراجع الاهتمام على مستوى السياسات التعليمية بالاختبارات الدولية، وتفنّنوا جميعًا في ذكر التراجعات رقميّا، وكأننا نتحدث عن أرقام الأغنام، أو أسعار الخضار!!
كما طالب بعضهم بإجراء دراسات للوقوف على أسباب المشكلة، وتجرّأ معالي الوزير، وتحدث عن المكاشفة، والتركيز على المدرسة، والمساءلة، وجذب أفضل العناصر للتدريس، ولم ينسَ أهمية إجراء دراسات، على الرغم من أنه حدّد أسبابًا للتراجع ليس بينها سبب حقيقي!
وسأوضح ذلك
(2)
هل لدينا دراسات؟
نعم، أجرى المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية منذ مطلع القرن دراسات، تناولت مختلف جوانب الخلل في أداء طلبتنا، وهناك عشرات الدراسات في المركز، ومنها دراسة شاملة كنت أعددتها أن شخصيّاعن خصائص الأنظمة التعليمية التي تفوقت في الاختبارات الدولية، ودراسات حول ما يجب عمله؛ لتحسين تعلم الرياضيات والعلوم!
فالدراسات متوافرة، بل ولدينا دراسات تحليلية لتطوير #التعليم، أوضحت أن هناك خرافات يجب أن تتوقف، وتحددت هذه الخرافات بما يأتي:
-الفقراء لا يتعلمون.
-أنفق أكثر، تعلم أفضل.
-كلما صغُر حجم الفصل، تحسّن التعلم
-زيادة وقت التعلم، تحسّن نتائج الطلبة.
-يجب أن يكون #المعلمون أفضل خريجي الجامعات.
-يجب قبول #الطلبة حسب قدراتهم.
إذن؛ هذه خرافات دولية، ولكنْ، لدينا مسؤولون سابقون وربما حاليّون، ما زالوا يؤمنون بها. وعلينا أن ندرك أن ما قام به الباحث “أندرياس شلايشر” في تحليله لأنظمة الدول المشاركة في اختبار “بيسا”، وفي تحليله لنتائج هذه الدول هو جهد يستحق أن نتأمل فيه!
لقد حلل شلايشر نتائج بيسا، وأعلن الخرافات السابقة، وقال: لم يكن حجم الفصل، أو مستوى تأهيل المعلم، أو حجم الإنفاق على التعليم، ولا طول المناهج، ولا طول مدة التعلم، لم يكن أي منها حاسمًا في تحديد #نتائج_التعلم.
سبق أن ذكرت هذا في سلسلة مقالات كتبتها في2020، المشكلة في الدراسات هي أننا لا نطّلع عليها!!
(3)
ما خصائص النظم التعليمية الناجحة؟
أشارت بحوث وازنة أن الولايات المتحدة جمعت سنة 2009 نخبة من المفكرين البارزين؛ لتحليل ماذا يمكن أن تستفيد من دراسة النظم التعليمية المتقدمة، وخلصوا إلى ما يأتي:
1- إقناع المجتمع بالاستثمار بالمستقبل عن طريق التعليم، وأن من الأفضل هو التنافس على جودة العمل وليس سعره.
2- الإيمان بأن كل طالب قادر على التعلم وتحقيق مستويات أداء مرتفعة.
3- جعل خبرة التعلم شخصية، عن طريق تمايز التعليم – من دون التخلي عن المعايير.
4- لا يمكن لجودة النظام التعليمي أن تتجاوز جودة معلميه. فالمعلمون هم سقف الإصلاح، ولذلك، لا بد من تنمية المعلمين، وتشجيعهم على النمو المهني، وتحسين بيئة التعلم، وربط رواتب المعلمين بمستويات أدائهم.
5- جذب أقوى المديرين إلى أصعب المدارس. فالإدارة عامل حاسم.
6- تماسُك السياسات، واستدامتها إلى أقصى حد ممكن، وعدم تعريضها لتقلبات مفاجئة.
هذه هي الدروس التي تعلمَتها الولايات المتحدة من أنظمة التعليم المتفوقة، مثل سنغافورة، وتايبه، واليابان،
وكوريا، وفنلندا.
(4)
هل نريد تعليمًا جيدًا، أم تعليمًا وفق الاختبارات الدولية؟
يمكن بسهولة أن مقترحات المشاركين في ندوة جريدة الغد- وبعضهم ليس مهتمّا- تشير إلى اقتراحات تقضي بإعداد طلبتنا للاختبارات الدولية. لذلك، يقولون: إن أهداف الاختبارات الدولية هي تطبيقات عملية، وتفكير وانعكاس المناهج على السلوك. ولذلك، رأوا أو بعضهم- للأسف -أن الحل هو في تدريب الطلبة على أداء الاختبارات الدولية، ودعم الجهة الإدارية المشرفة عليها.
ويجب التوضيح هنا بقوة، أن الاختبارات الدولية تقيس أهداف التعليم والمناهج، ولا تقيس محتوياتها، إذن ؛علينا أن نركز على أهداف التعليم، وليس على إعداد الطلبة للامتحانات الدولية، علمًا بأن أهداف التعليم الأردنية هي نفسها أهداف الاختبارات الدولية؛ فالمشكلة عندنا أننا نعلّم المواد الدراسية، ولا نعلم أهدافها، وشتان بين السلوكين!!!
(5)
ماذا نعلّم طلبتنا؟
الجواب: نعلمهم المواد الدراسية:
نكتبها لهم في مناهج القرن التاسع عشر، ويشرحها لهم معلم القرن الخامس عشر، ويمتحنهم فيها معلم الصين قبل الميلاد؛ “كل طالب “بيسوي” قد ما بحفظ”، أو ومن يحفظ مقدار حرف يراه!
فالامتحان حفظ، وكما قال د. المساد: نفتخر بأن الأسئلة كلها من الكتاب!! وقلت أنا: نحتفل بالحفّاظ، وليس بالمبدعين والمبتكرين!
لن نتقدم تعليميّا إلّا بتحديد المشكلة!
فهل مشكلتنا هي تدني مستوى طلبتنا في الاختبارات الدولية، أم تدني مستوى التعليم؟ لا أعتقد أن أحدًا من العاملين عليها أو حتى من المؤلفة قلوبهم، يرى أن مشكلتنا هي ضعف أدائنا في الاختبارات الدولية! وإذا كنا نعتقد بأن مشكلتنا هي في التعليم، فإن الحل هو في إصلاح التعليم! ولا شيء غير ذلك!
فما المطلوب لإصلاح التعليم؟
(6)
إصلاح التعليم
على ضوء ما سبق فإنني أقترح حلولًا عاجلة، فالحلول بعيدة المدى معروفة، إصلاح معضلة المناهج، ومعضلة البيئة المدرسية، ومعضلة القيادات التربوية، ومعضلة المجالس… إلخ.
المطلوب إصلاح ما يحدث داخل الصف، وهذا يتطلب إجراءات سهلة، يمكن أن تظهر نتائجها خلال فترة لا تزيد عن عام. ولقد أعددت مشروعًا لذلك، سأقدمه إلى وزارة التربية خلال يومين، وهو يستند إلى الدخول في عمق الصف، وفي ذهن المعلم، وبدء حركة سريعة لتعليم التفكير!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى