يستمر هذا #الموسم بسلوكه الغير معتاد في النصف الشمالي من الأرض , فبعد سلسلة #العواصف_الثلجية القوية والتاريخية التي ضربت الولايات المتحدة الامريكية وخلفت عشرات القتلى بسبب البرد الشديد والغير معتاد , وبعد تعرض اجزاء واسعة من شرق اسيا لموجات من #البرد_الشديد والذي حطم ارقاماً قياسية في انخفاض درجات الحرارة كما حدث في الصين مثلاً :
وتسجيل قيم اعلى ضغط جوي لهذا العام بسبب البرد الشديد في منغوليا هذا الاسبوع وتحديداً يوم الاثنين الماضي بتاريخ 23/1/2022 , بحيث ان قيم المرتفع الجوي وصلت الى 1080 هيكتاباسكال :
ومع استمرار تأثر بلاد المغرب العربي بسلسلة من #النزولات_القطبية المتلاحقة والتي ادت الى تساقط الثلوج في بعض المناطق الصحراوية الغير معتادة على استقبال الثلوج , جاء دور بلاد شرق البحر الأبيض المتوسط لتتأثر بسلسلة من النزولات الباردة والتي يظهر عليها الوجه القطبي شديد البرودة مع نهاية هذا الشهر وبداية شهر شباط / 2023 .
كنا قد توقعنا بان يكون هذا الموسم شديد البرودة في النصف الشمالي من الأرض , بغض النظر عن تركيز الكتل الباردة واوقات تأثيرها على بلدان العالم من خلال عدة مقالات تم نشرها هنا على موقع المركز العربي للمناخ:
فتميز هذا الموسم كسلوك بطول مدة تأثير الكتل القطبية كنمط عام على اجزاء من بلدان العالم دون الاخرى , مع انتقال هذه الانماط بشكل تدريجي لتؤثر على باقي البلدان , كمثال انتقال #الرياح_القطبية لتؤثر على بلاد المغرب العربي منذ اسبوع تقريباً وبصورة مستمرة على الرغم من قلة الحالات الجوية التي اثرت على البلاد خلال الأشهر الماضية , وهذا النشاط وبنفس السلوك من المتوقع ان ينتقل الى بلاد الشام ومصر والعراق والسعودية خلال نهاية الشهر وبداية شهر شباط المقبل بمشيئة الله تعالى .
كان سلوك هذا الموسم من ناحية توزيع الحالات الجوية غير مألوف , فعلى سبيل المثال تركزت الحالات الجوية العنيفة خلال النصف الاول من هذا الشتاء في الاجزاء البعيدة عن البلاد العربية والاوروبية والغرب اسيوية بوجه عام , بحيث ان الكتل الباردة سيطرت على القارة الامريكية الشمالية وشرق اسيا لفترات طويلة عملت على جعل الاجواء هناك شديدة التطرف من ناحية البرودة , فكثرت العواصف الثلجية الشاملة وتساقطت الثلوج فوق المناطق الدافئة الشبه مدارية بصورة نادرة جداً , في المقابل كانت فترات الاستقرار الطويلة هي السائدة في مناطقنا خلال شهر يناير الحالي 2023 , وخلال شهري نوفمبر ( 11 ) وديسمبر ( 12 ) من العام 2022 عاشت مناطق جنوب بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية اجواء مثالية ونشطة مطرياً , والتي سجلت كميات هطول مطري كبيرة للغاية عملت على جعل المناطق الصحراوية خضراء في مشهد تاريخي كجبال مكة المكرمة مثلاً :
لوحظ في هذا الموسم الشتوي كثرة حدوث النزولات الباردة والتي تكون على شكل قطع ( Cut-off ) شرق البحر الابيض المتوسط , المستغرب في حركة هذه الكتل الباردة انها اخذت تتعمق بصورة اكبر من المعتاد صوب الجنوب ( وسط مصر والجزيرة العربية وجنوب بلاد الشام والعراق ) , بحيث انها وعند اصطدامها مع التيارات المدارية المسيطرة على تلك المناطق عملت على حدوث حالات شديدة القوة من عدم الاستقرار الجوي , وادت الى جعل هذا الموسم الشتوي ( تاريخي ) من ناحية كميات الامطار التي هطلت على تلك المناطق كما اشرنا سابقاً .
هذه الحالة تسمى مناخياً ترند او السلوك الاكثر تكرارا للحالات الجوية خلال الموسم الشتوي الموسم الماضي على سبيل المثال كان الترند هو تعمق المنخفضات الجوية قبالة السواحل المصرية ( على غير العادة ) بعدما كانت تتمركز حول جزيرة قبرص .
هذا السلوك لا يمكن ان نسميه في الوقت الحالي تغير مناخي نظراً لعدم تكراره لعدة سنوات متتالية , وفي حال اصبح هذا السلوك يتكرر كثيراً مع السنوات المقبلة يمكن ان نسميه تغير مناخي .
واستمراراً لنمط هذا الشتاء الغريب , فقد بدأ احترار استراتوسفيري مفاجئ غير مسبوق في التطور فوق القبة القطبية الشمالية , وقمنا بنشر تقرير حصري ومفصل عن اثاره المتوقعة بشكل مبدئي هنا ” احترار استراتوسفيري مفاجئ غير مسبوق ( بقيم تاريخية ) , سيخلف موجات برد قوية للغاية , فما تأثيره علينا ؟ ” .
سبب تخبط النماذج العددية في الحالة الجوية التي من المتوقع ان تؤثر على #الاردن و #فلسطين وسوريا ولبنان وتركيا ومصر والعراق وشمال السعودية اعتباراً من نهاية هذا الشهر وبداية شهر شباط هو عدم مقدرتها على توقع عواصف اقصى شمال الاطلسي وجرينلاند وايسلندا واسكندنافيا .
تعد المناطق سابقة الذكر من اعقد المناطق مناخياً نظراً لكثرة العوامل المؤثرة فيها ولصعوبة الطقس هناك بالاضافة الى قلة مناطيد الطقس والمحطات الجوية التي تجعل اجزاء كبيرة منها مناطق عمياء , كونها من ضمن المناطق القطبية شديدة البرودة وذات الطقس المتطرف .
على سبيل المثال , العاصفة شمال ايسلندا داخل الدائرة الحمراء في الخريطة التالية تتحكم بما يقدر ب 50% او اكثر من شكل النزول المتوقع ومحوره والمنظومة بشكل عام , هذه العاصفة وضمن تحديثات النماذج تغير مسارها لعشرات المرات حسب التوقعات , فأي تغير بسيط في حركتها قادر على قلب شكل المنظومة الجوية شرق المتوسط بالكامل :
لذلك , الجزم من الان من الناحية العلمية يعتبر تطير او ضربة حظ , ولابد من اقتراب الفترة حتى نتأكد من دقة المعطيات في مثل هذا النوع من الحالات الجوية تحديداً والتي يحددها شكل المنظومة الجوية في القطب الشمالي وليس المرتفعات الجوية في العروض الوسطى .
بشكل مبدئي يمكننا القول ان النشاط صوب المنطقة ثابت بعد مشيئة الله ولكن تفاصيله متغيره بالكامل .
الجزء الثاني – مناقشة التوقعات الجوية :
من المتوقع ان ترتفع درجات الحرارة نهاية الاسبوع وبداية الاسبوع المقبل بصورة غير معتادة لمثل هذا الوقت من العام فوق بلاد الشام ( الاردن وفلسطين وسوريا ولبنان ) ومصر والعراق والسعودية , لتقترب درجات الحرارة من منتصف العشرينيات كعظمى , يأتي هذا الارتفاع نتيجة تدفق رياح دافئة ورطبة قادمة من وسط القارة الافريقية , واعتباراً من يوم الأحد الموافق 29/1/2023 من المتوقع ان يطرأ انخفاض ملحوظ على درجات الحرارة , وذلك نتيجة اقتراب كتلة هوائية باردة من الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط .
اعتباراً من يوم الإثنين 30/1/2023 ستبدأ مناطق شرق البحر الابيض المتوسط باستقبال الرياح الباردة بشكل فعلي , لتعلن انطلاق فترة مميزة تعيد اجواء الشتاء القارس والبارد جداً الى المنطقة بمشيئة الله تعالى , وتشير التوقعات المبدئية الى ان سلسلة من النزولات القطبية في طريقها الى البلاد , لتشكل عدة #منخفضات_جوية ماطرة بغزارة , ولا يستبعد ان يكون بعضها مثلج على المرتفعات الجبلية في الاردن وفلسطين وسوريا ولبنان وشمال العراق والسعودية.
عند تحليل مصادر الرطوبة التي سترافق هذه الكتل الباردة نجد انها ستكون مرتفعة في جميع الطبقات الجوية المسؤولة عن تشكل السحب , لذلك نتوقع ان تهطل كميات غزيرة من الامطار الرعدية على فترات وحتى نهاية الثلث الاول من شهر شباط على اقل تقدير , هذا النشاط المتواصل والحالات الجوية المتتابعة المرافقة له ستكون غير معتادة نظراً لاتصالها الزمني دون فواصل زمنية تذكر , نتيجة استمرار تدفق الكتل الباردة عبر القارة الاوروبية صوب المنطقة .
من المتوقع ان ترتفع معدلات الامطار خلال الثلث الأول من شهر شباط بصورة ملحوظة , تزامناً مع تشكل منخفضات جوية متتابعة شرق البحر الأبيض المتوسط والتي يتضح عليها ملامح القوة والعمق , بفعل احترار سطح مياه شرق البحر الابيض المتوسط مما سيزيد من فعالية الحالات الجوية بمشيئة الله تعالى.
نسأل الله ان تكون سقيا رحمة لا سقيا عذاب , وسنطلعكم على تفاصيل الحالات الجوية تباعاً عند اقتراب الفترة .
والله تعالى دائماً اعلى واعلم
المهندس احمد العربيد
