سواليف
طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الأردن بالتأسي بالمغرب في إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات والتي تتيح للمغتصب الافلات من العقاب في حالة تزوج من ضحيته، معتبرا أن وجود المادة المذكورة تنتهك حق المغتصَب أو المغتصبة في العدالة.
وخصّ المرصد الحقوقي الدولي ومقرّه جنيف الإلغاء المطلوب فيما يتعلق بزواج القاصرات اللواتي تعرضن لإحدى الجرائم التي نصت المادة على شمولها بالعذر الموقف لتنفيذ العقوبة. وتقضي المادة 308 في قانون العقوبات الأردني بإيقاف تنفيذ العقوبة بحق المعتدي (مرتكب الجريمة) في خمس جرائم، إذا تم عقد زواج صحيح بين المعتدي وضحيته، وتشمل الجرائم الخمسة ما يلي: جريمة الإغواء، جريمة الفعل المنافي للحياء، جريمة الخطف، جريمة هتك العرض، جريمة الاغتصاب.
واستهجن المرصد الاورومتوسطي أن تجيز المادة 308 صحة الزواج في حالة مواقعة قاصر دون سن الثامنة عشر (طفلة)، ثم قيام المعتدي بالزواج من ضحيته، منبّها إلى أن الأصل حماية الطفلة وعدم الاعتداد برضى الضحية بالزواج من الجاني، حيث أن افتراض سلامة رضائها باعتباره رضاءً مُعتَبراً أمر غير سليم، وهو حتى يخالف موقف المشرع الأردني في القوانين الأردنية الأخرى كالقانون المدني، والذي اعتبر أن الأصل في رضى القاصر أنه رضاً معيب وقابل للإبطال.
وحذّر المرصد في “ورقة موقف” أصدرها صباح الاحد من بقاء المنظومة التشريعية على حالها فيما يتعلق بإثبات نسب الطفل الناتج عن جريمة الاغتصاب، مطالبا بتعديل المنظومة وإتاحة الاعتراف بنسب الطفل عبر تحليل الحمض النووي أو في حالة الاعتراف بالنسب من قبل الاب.
ولا يقبل قانون الاحوال الشخصية الاردني إثبات نسب الطفل الذي يولد نتيجة مواقَعة خارج إطار الزواج؛ رضائيةً كانت أو غير رضائية، حيث أن ثبوت النسب لا يكون إلا من خلال الفراش القائم على عقد زواج صحيح ومكتمل الأركان.
واعتبر المرصد الاورومتوسطي ان من الضروري “إثارة الوعي حول مظلومية الضحية في هكذا قضايا والنظر إليها باعتبارها ضحية لا جانياً، وأن الذي يرتكب هذه الأفعال هو “مجرم” بوصف القانون.
وأشار المرصد إلى أهمية وضرورة توفير الدعم النفسي و الاجتماعي والإرشادي للضحية من قبل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني بما يمكّنها من تجاوز الأزمة، والعمل على إيجاد عيادات لضحايا هذه الجرائم وتبني ذلك رسميا من قبل الدولة، مفضّلا أن يرد ذلك بالقانون.
ونبه المرصد الاورومتوسطي الى وجود نص مشابه لنص المادة 308 من قانون العقوبات الأردني في القانون المغربي وكذا السوري، مبينا ان النص تم إلغاؤه في المغرب قبل سنتين بعد انتحار فتاة بسبب إجبارها على الزواج من مغتصبها، وفي سوريا تم تعديله بحيث تبقى العقوبة حتى في حالة الزواج، ولكن يستفيد الجاني حينها من عذر مخفِّف.
وطالب المرصد الحقوقي المشرع الأردني باستباق حادثة كالتي وقعت في المغرب، مشيرا الى انها قد تكون حدثت بالفعل دون أن تأخذ صداها في المجتمع، حيث يتم التكتم على تفاصيل ومسببات الجرائم الواقعة على النساء في المجتمع الأردني في الغالب.
وذكر المرصد أن النص القانوني المتمثل بالمادة 308 يعطي مخرَجا للمجرم عبر إعطائه الفرصة -في حال رفض فتاة للزواج منه- أن يقوم بارتكاب إحدى الجرائم الخمسة بحقها ما قد يجعلها مضطرة تحت ضغط المجتمع والعائلة حينها أن تقبل بالزواج منه، وبحجة أن أحداً آخر لن يتقدم لها بعد ذلك.
ونبّه المرصد إلى إشكاليات في النص ذاته للمادة 308، إذ اعتبر انها تسمح بالتمييز في حالة تعدد المعتدين (حيث عندها تسقط العقوبة عن الذي سيتزوج الضحية فيما تبقى على الباقين)، أو عجز الجاني عن الوفاء بمتطلبات الزواج من الضحية، أو في حالة اختلاف الدين بين المعتدي والضحية (حيث لا تجيز القوانين الأردنية زواج المسيحي من المسلمة) أو إذا كانت الضحية متزوجة.