المخدرات في مجلس النواب / فايز شبيكات الدعجه

المخدرات في مجلس النواب

لأول مرة في تاريخ مجلس النواب تطغى قضية جنائية على مناقشات البيان الوزاري ، حيث احتلت ظاهرة تفشي المخدرات مساحة واسعة من كلمات النواب وتوقفوا عندها كثيرا لأنها بدأت تأخذ بعدا وطنيا مدمرا بالانتشار بين الشباب وأصبحت أكثر فتكا بالمجتمع.
أدرك النواب على ما يبدو البون الواسع بين درجة تنامي حدة المشكلة وتسارعها وبين درجة الاهتمام والمكافحة ، ولذلك تركزت كلماتهم في المجلس على مطالبة الحكومة بمكافحة الظاهرة بحزم وبلا هوادة.
القضاء على تنامي الظاهرة سهل ، والسادة النواب على قناعة بأن المسألة ليست مسألة دعم لوجستي ، فجهاز الأمن العام مدعوم ومشبع بالإمكانيات المادية والبشرية ، ويحظى برعاية ملكية واهتمام حكومي دائم، لكن المشكلة تكمن في إدارة هذه الإمكانيات والطاقات الأمنية الهائلة، وتوجيهها توجيها صحيحا يضمن وقف الظاهرة القاتلة ، التي أصبحت تتولد عنها ظواهر جنائية مستحدثة تقشعر لها الأبدان، كان آخرها إقبال الأردنيات على ممارسة الجنس مقابل الحصول على المخدرات كما أظهرتها دراسة حكومية استقصائية نفذها المجلس الاقتصادي والاجتماعي مؤخرا ، وظهور التعاطي لدى طلبة المدارس وسكن طالبات الجامعات .
العيب ليس في التشريعات كما يحاول البعض تبرير العجز عن وقف انتشارها ، فالعقوبات الحالية كافية لإخافة المتورطين وكبح جماحهم إذا وجدوا غلظة في إجراءات الملاحقة والقبض تشد وثاقهم وتفوت عليهم فرص الإفلات من يد العدالة .
الواجبات والمهام الأمنية الناعمة استنزفت طاقة الأمن فيما تجارة المخدرات مزدهرة ، وإدخالها الى المملكة سهل وترويجها أسهل ، وتنشط في ظلالها عمليات التعاطي جهارا في رابعة النهار ، ولهذه الأسباب تداعى علينا تجار المخدرات كما تتداعى الأكلة على قصعتها .
نعيش في أزمة مخدرات تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، والمؤكد انه لا وجود لخطة أمنية جادة في هذا السياق، او دعم فعلى مناسب لإدارة مكافحة المخدرات، أو أن هنالك برامج لكنها ليست مقنعة ولا تفي بالغرض وغير قابلة لنشرها أمام الرأي العام ، فليس في الأمر سرا إذا ما كشفت مديرية الأمن العام عن حجم التعزيزات اللوجستية ، أو الخطوط العريضة لإستراتيجيتها وخططها التنفيذية في المكافحة لإقناع الأردنيين ونوابهم بحل قريب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى