سواليف
قالت مصادر أمنيّة، وُصفت بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، قالت أنّ الإرهاب المؤطر، أيْ إطلاق النار، زرع العبوات، السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية التي تسندها منظمات الـ”إرهاب” والأنظمة الداعمة مثل إيران، يعود إلى الضفّة الغربيّة، ومنها يُحتمل إلى داخل الخط الأخضر، على حدّ تعبيرها، كما نقل مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أليكس فيشمان، عن هذه المحافل. ورأت المصادر عينها، أنّ هذا هو الوجه الحقيقيّ لموجة الإرهاب التي تنتظم الآن خلف الكواليس وتُهدد بأنْ تحتل مكان الموجة العفوية والشعبية للقتلة الإفراد، ضاربي السكاكين والداهسين.
وتابعت المحافل الأمنيّة، رفيعة المستوى، قائلةً بقلقٍ إنّ القرار الذي اتخذّته في الأشهر الأخيرة القيادة العسكريّة لحماس في غزة، هو استئناف العمليات في الضفة، وبشكلٍّ خاصٍّ داخل الخط الأخضر، حتى بثمن المواجهة الشاملة مع إسرائيل.
وبحسب هذه المحافل، أضافت الصحيفة العبريّة، تشعر حماس، بعد سنة ونصف من الجرف الصامد، بأنّها وصلت إلى مستوى من الجاهزية الجيّدة بما يكفي كي تجتاز حربًا أخرى في مواجهة الجيش الإسرائيلي. ولفتت إلى أنّه من ناحية إسرائيل، هذا أخطار إستراتيجيّة، ذلك أنّها في العام الجاري قد تجد نفسها في مواجهة أخرى في القطاع.
في المُقابل، أوضحت المصادر الإسرائيليّة أنّ حزب الله، حتى الآن، هو جهة هامشية من ناحية شبكات الـ”إرهاب” المؤطر في الضفّة الغربيّة، لافتةً إلى أنّ كشف خلية حزب الله في طولكرم يدلّ على الجهد الذي تبذله المنظمة للعودة إلى الصورة في الجبهة الفلسطينية، مثلما فعلت في الانتفاضة الثانية عندما عمل نحو 70 في المائة من خلايا فتح ضدّ إسرائيل برعاية نصر الله، حسبما ذكرت.
وأردفت المصادر قائلةً إنّه من ناحية حزب الله، الجبهة الفلسطينيّة هي الأساسيّة التي يُمكنه منها العمل ضدّ إسرائيل دون إشعال الحدود الشمالية، ولكن عمق تسلله إلى المنطقة لا يزال بعيدًا عن قدراته. وشدّدّت المصادر على أنّ القصة الحقيقيّة هي حماس، موضحةً إنّه قبل عدّة أسابيع كشفت المخابرات الإسرائيليّة شبكة لحماس في الضفة، تضمنت ضمّ أمور أخرى مختبرات متفجرات وإعداد مخرب انتحاري لتنفيذ عملية تفجير في القدس، وخرج الجناح العسكريّ لحماس في غزة، الذي قاد الخلية، من نقطة افتراض بانّ إسرائيل لن تتمكن من التجلد في ضوء عملية فتاكّة في قلب القدس.
وبحسب المصادر نفسها، كان تقويمه للوضع أنّ إسرائيل ستعمل على الردّ بشكلٍ مكثفٍ في الضفّة، بما في ذلك ضرب السلطة الفلسطينية، وبالمقابل تُنفذ أعمال ردّ شاملة في القطاع. وقال فيشمان، نقلاً عن المحافل الأمنيّة في تل أبيب، إنّه في إسرائيل تشتعل منذ بضعة أشهر أضواء حمراء: حماس، كما يُقدّرون، تسمح لنفسها بالانتقال إلى عمليات التفجير في الضفّة الغربيّة لأنّها استكملت الاستعدادات الأساس لتوجيه “الضربة المفاجئة” إياها التي فشلت في تنفيذها قبل سنة ونصف، عشية الجرف الصامد، على حدّ تعبيرها.
وأردفت المصادر نفسها قائلةً إنّه من غير المستبعد أنّ الحديث يدور عن تسلل إلى الأراضي الإسرائيليّة، بالتوازي ومن عدة نقاط، من الجو، البحر والأنفاق، بمرافقة نار قذائف الهاون والصواريخ المكثفة، لإلحاق الحد الأقصى من القتلى الإسرائيليين. علاوة على ذلك، نوهّت المصادر نفسها إلى أنّ حركة حماس قامت بتطوير أيديولوجيا مناسبة تتضمن هجوما ابتدائيًا يضرب الإسرائيليين بالصدمة، ويُشكّل نوعًا من الثأر الفلسطيني على الضربة الأولية التي وجهتها حماس في عامود السحاب، وفي أثنائها قتل عشرات أفراد الشرطة في منشأة في غزة.
وأردفت المصادر الإسرائيليّة أنّه يبدو أنّ قسمًا من عمليات إعادة البناء التي تقوم بها حماس في القطاع قد استكملت: أنفاق التفجير التي تتسلل إلى داخل الخط الأخضر أُعيد بناؤها أغلب الظن، بما في ذلك، إذا ما تعلمنا من تجربة الماضي، عدة فتحات لكل نفق، إضافة إلى ذلك فإنّ القوات الخاصّة، النخبة والغواصين، تُواصل التدّرب بشكلٍ مكثفٍ، وأُعيد بناء قوة الطائرات بلا طيار، ومخزون الصواريخ استكمل جزئيًا.
وشدّدّت المصادر عينها على أنّه في بداية موجة الـ”إرهاب” الأخيرة، قبل نحو أربعة أشهر، شجعت حماس في غزة وقيادة حماس في اسطنبول الفلسطينيين على تنفيذ أعمال عنف ومجدت الطاعنين والداهسين، وفي نفس الوقت شجعت حماس موجة الإرهاب، ولكنها لم تعبر الخطوط من خلال تفعيل الخلايا التي أقامتها في الضفة خشية من ردّ إسرائيل.
وبحسب المصادر الإسرائيليّة، كانت إستراتيجية حماس هي محاولة ضعضعة استقرار نظام محمود عبّاس، من خلال خلق الاضطراب في الشارع الفلسطيني. وبالمقابل، قدّرت إسرائيل بأنّ حماس منشغلة بتعاظم القوى، وعالقة في أزمة اقتصاديّة بسبب فقدان الدعم من إيران وتلقت ضربة قوية من المصريين الذين هدموا جزءً هامًّا من أنفاق التهريب. إضافة إلى ذلك قّدرت إسرائيل بأنّ ليس لحماس حتى الآن قدرة ومصلحة في المخاطرة في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي.
وخلُصت المصادر إلى القول إنّ هذا التقدير الإسرائيليّ قد تغير عندما تبينّ أنّ حماس تُوجه رجالها في الضفة للعودة إلى عمليات تفجير في داخل الخط الأخضر. وبالفعل استيقظت الخلايا في الميدان، واكتشفت عدة مختبرات متفجرات. وبالتوازي بدأ يتدفق المال إلى هذه الخلايا، وخرج المبعوثون وجاءوا إلى الضفة، وبات واضحًا اليوم أنّ حماس، بتوجيه من محمد ضيف، تقوم بتغيير الاتجاه وترفع ثمن الرهان أمام إسرائيل، حسبما أكّدت المصادر الأمنيّة في تل أبيب للصحيفة العبريّة.
راي اليوم