المبالغة / يسار خصاونة

المبالغة

جاء في الأثر أننا أمة وسط ، وخير الأمور الوسط ، وهذا لا أثر له في حياتنا وفي سلوكنا وأفعالنا ، فقد أصبح الكثير من أبناء هذه الأمة يميلون إلى التطرف والمبالغة في كل شي، ويطيب لهم المنفخة وتضخيم الامور ولو كانوا على خطأ حتى انهم يجادلونك بعلمهم المسبق لنتائج غيبية لا يعلمها الا الله ، ومثل هؤلاء نتاج ثقافة الوهم والإسراف والمبالغة المتجذرة في عقول متصحرة لم تؤمن بالآخر بل وتسهين بقدراته ووعيه ومنها ما نقرؤه في برامج وشعارات المرشحين من مبالغات تستخف بعقول الناخبين من هذا الوطن ، والأمثلة كثيرة ،من المدينة الصناعية حتى المدينة الجامعية ، فتقرأ مثلاً في الصناعية ما يلي ” تصليح جميع أنواع السيارات ، قطع غيار لجميع السيارات والموديلات ، وتقرأ في الجامعية ” تصليح جميع أنواع الالكترونيات ، فتفهم أن المعلم الصناعي يعرف كل شيء والدكتور الجامعي يعرف كل شيء ، وفي صيغ المبالغة نقول … اتصلت بك مليون مره.. كل الناس معي.. بعرف مليون من هالشكل .. قلتلك مليون مره كذا وكذا .. ولو اقتربنا من الدين لسمعنا عن الشيخ أنه يعرف كل شيء عن الدين ، وقريباً من السياسة نعرف كل شاردة وواردة ، هذه المبالغات وهذا الاسراف في القول هو ثقافة تربى عليها أفراد المجتمع فأنتجت التطرف ، فقد امتد في البعض الاسراف حتى في ضمان إرادة الغير ومصادرتها دون الرجوع اليه ، وعند الموت تقرأ في خطابات النعي والرثاء كلمات لا علاقة لها بالراحلين ولا نفع لهم منها سوى المباهاة الفارغة التي لا يحتاج إليها إلاّ من ينشرها فقط ؛ ربما أكون مخطئاً بذالك ، لكن ما يجري حولنا من مظاهر شكلية يجعلك تقف عند الكثير من الامور المتشابهة حتى وصل الأمر الى أسماء عشائرنا فنجد أنها تنتهي بجمع الجموع أو جمع الجماعة أو صيغة منتهى الجموع ، وهي في الاصل مفردة ، ماذا استفدنا من المبالغات ، وماذا حصدنا ؟ غير خلق جيل متطرف دينياً وسياسياً ورياضياً وعشائرياً ، وقد جاء في الأثر ” من قال لا أعرف فقد أفتى ” ِ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى