الليل أفضل الاصدقاء
نور الجابري
هو عنكَ لا يَغيبُ
حتى في عتمةِ القبر الليل لازمك
الليلُ كاتم الأسرار و كأنه بصمتٍ يناديكَ
و كأنه قمر مرَّ في مساءٍ كي يفقدّك
هو من يرقب أنفاسك .. يحصيها
فإذا نمت أنت بظلامِهِ داعبك
و إذا أطلت الغياب ..و صرت تحت التراب
كان الليل هو الوحيد في عتمة القبر من عانقك
يا ليل يا قاريء الحزن
يا ساترَ الدمع
يا صانعَ الأمنيات
يا ليل ما أطولك
كيف إستطعتَ أنّ تكونَ مَعنا كلّنا
كيف إحتويت أهآتِنا و إنتشرت على إمتداد آلامِنا
يا أيّها الأسودُ الحالك ..ما أجملك… و ما أحلكَك
يا ليل لو كُنتَ تنطق
فأيّ الحكايات الغريبة ستروي !
و أيّ حزنٍ كان سَيشغَلك
هل كنت ستنقل رسائلنا
أو تَجمعَ شملنا
أتحِبُنا بسوادِك أمّ أنّك مجبر على حبنا
هل تَملكُ حرية الإختيار …أمّ أنّك مثلنا
تنتظر الغريب أن يَعشَقك
يا ليلُ لماذا تطارِدُ شَمسنا
أمّ أنّها تمشي ورائك
تُحاولُ الوصولَ إليكَ
كي سهوةً مِنكَ تُقبّلك
فكم هو صعبٌ أنّ تكونَ وحيداً
لكن أصعب أن تهوى قاتِلك
يا سيد الأشجان أنتَ
قد مرَّ عليكَ الكثير
و كلّ صباحٍ فارقت الكثير
فهلآ علمتني… كيف أُعانِقك
هلآ فعلت لعلّي أُجِيد الوداع
فأحتفظ بدمعي لفرحٍ مثير
فارقني و أنا طفلٌ صغير
لعلّه أيضا قدّ فارقَك
و يا أيها القلب هلآ ابطأت نبضك
هلا أخفضتَ صوت إنقباضاتك
فصوتُها في سكونِ الظّلام من أرّقك
هلا تركت خلفك من سرق الفرح و غيّرك
يا قلب هلّا تعلمّت من الليل
لا تلتقي ولو صدفةً بِمنّ آلمك
و لا تختلف مع أحدٍ
بلّ تَسَلَلّ …رويداً رويداً
و أترُكَ مساحَةً للظلّ
فإن الظِّلال قبل المغيب
تَزورك كي تَرسمك
ثم…. تختفي كأنّها لم تَكنّ
سَرابُكَ المنظور و قد سكن دَاخِلك
يا قلبّ ..تعّلم أدآب الوداع
جربّها مع كلّ الرفاق
لعلّه لا يَكون الفراق
و ذات يومٍ مثل سرابٍ نلتقي
و نكتفي بالصمتّ
و كُنّ يا قلب كما الليّل …
تَبتسمُ لي بصمتك
و أنا بصمتي لا أُعاتِبك
