اللهم أكرمنا وغزة بصباح خيرٍ ويوم سلامٍ

اللهم أكرمنا وغزة بصباح خيرٍ ويوم سلامٍ

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

صباح الخير … صباح الأمل والسعادة، صباح السعة والفرج، والنجاة من كل ضيقٍ وكربٍ…

صباح الرجاء والتوسل والدعاء إلى الله عز وجل، رب العباد، الرحمن بخلقه والرحيم بعباده….

مقالات ذات صلة

صباح الخير لذوي القلوب المكلومة والنفوس الحزينة، والمتألمين لما أصابهم، والمتوجعين مما حل بهم ونزل فيهم…

صباح الخير لأصحاب الضمائر الحية، والقلوب الطيبة، والمقاصد الصادقة، الغيورين على الحق، والحزانى على القتل والدم، والرافضين للظلم والقهر والعدوان…

كم نتمنى خاصةً نحن #الفلسطينيين أن نستيقظ يوماً فنجد أن #الحرب على #غزة قد انتهت، وأن العدو الإسرائيلي عنها قد رحل، وأن عدوانه قد توقف، وأن عداد القتل قد توقف، ومسلسل الغارات والقصف والدمار قد انتهى، وغابت عن سماء غزة طائرات العدو الحربية، ومسيراته التجسسية، وانكفأت دباباته ونكست مدافعها وعادت أدراجها بعيداً، وتوقفت عن تهديد أهلنا بحمم قذائفها، وعاد شعبنا إلى مناطقه ولو كانت مدمرة، وإلى بيوته ومنازله ولو كانت ركاماً.

كم نتمنى أن نصحو يوماً فنجد أن الحصار عن قطاع غزة قد رفع، وأن المعابر قد فتحت، وقوافل المساعدات قد بدأت بالدخول، وهيئات الإغاثة ومؤسسات العمل الخيرية قد باشرت أعمالها في قطاع غزة، وأخذت المساعدات تصل أهلنا، وتدخل إلى كل مناطقنا، الشمال كما الجنوب، وباتوا يملكون قوت يومهم، ويحوزون على وجبةٍ كاملةٍ في نهارهم، ولا يعانون من جوعٍ أو يشكون من عطش، ولا يبكي أطفالهم من وجع، ولا يئن جرحاهم من ألم وقد وصلهم الغذاء والدواء، وبدأوا العلاج والاستشفاء.

كم نتمنى أن نعود إلى حياتنا الطبيعية، وأن نستعيد أمننا وسلامنا، وأن نعود إلى أعمالنا ومهامنا، وتفتح المدارس لاستقبال أطفالنا وتلاميذنا، وطلابنا في الجامعات والمؤسسات التعليمية لاستئناف الدراسة فيها، واستعادة أنماط الحياة العادية التي نستحق أن نعيشها كغيرنا وأن نستمتع بها كسوانا، فنحن شعبٌ يحب الحياة، ويستحق أن يعيشها ويستمتع بها على أرضه وفي وطنه، وبين أهله وأحبابه، وفي بيوته ومناطقه.

كم نتمنى أن نصحو يوماً فنجد أن أشكال وهيئات أهلنا التي تغيرت وتبدلت سحناتها بسبب الحرب والحصار والجوع والعطش والحرمان، قد عادت أجمل مما كانت، واستعادت نضارتها وإشراقها وبهاءها، واسترجعت صحتها وعافيتها، وقوتها وعنفوانها، وذهب الروع عن وجوههم، واستقرت الطمأنينة في قلوبهم، وتخلصوا من الخوف والقلق، والحزن والأسى، وقد لبسوا الجديد، وأخذوا زينتهم التي عرفوا بها، وكأنهم إلى صلاة العيد قد خرجوا، وفي أيام العيد قد فرحوا، وقد ازدانت نساؤهم ولبست بناتهم أجمل ما بقي من ثيابٍ عندهن، وغدون جميعاً زهراوات جميلاتٍ، سعيداتٍ راضياتٍ، هانئاتٍ مطمئناتٍ.

متى يأتي هذا الصباح الذي يصحو فيه أهلُنا جميعاً، يجتمعون في بيوتهم مع أولادهم وأحبابهم، على طاولة الإفطار ومائدة الصباح، يفطرون معاً “الفول والحمص والفلافل” التي تشتهر بها غزة، ويحبها أهلها ويحرصون عليها، وتتنافس المطاعم في تحضيرها، ويحتسون بعد الإفطار قهوة الصباح التي أصبحت حلماً بعيد المنال، وعادةً قد اندثرت وانتهت، ولم يعد أحدٌ في غزة يفكر فيها لأسباب كثيرة أقلها الفقر والفاقة وضيق ذات اليد والحاجة، فضلاً عن الحرب المدمرة والقصف الوحشي المستمر والعدوان الذي لا يتوقف.

اشتقنا لصباحٍ جديدٍ في غزة لا حزن فيه ولا بكاء، ولا حسرة ولا ألم، ولا ثكل ولا فقد، ولا شهداء نبكيهم أو أسرى نحن إليهم، ولا جرحى نقلق عليهم ونهتم لوجعهم، ونشعر بالأسى لعدم القدرة على علاجهم أو التخفيف من آلامهم، ونعجز عن توفير المال اللازم لعلاجهم، أو الكافي لتسفيرهم إلى الخارج عبر مصر، التي يستنزف العبور منها أموالنا وكل متاعنا، ويذوي عمرنا ولا نستطيع توفير كلفة الطريق، وضمان المرور، وسلامة الوصول.

ولعلنا نحن أبناء غزة الذين نعيش في الخارج، بعيداً عن أهلنا وخارج وطننا، نأمل أيضاً في صباحٍ جميلٍ نعيشه بصدقٍ دون ألم وحسرة، ودون بكاءٍ وتبكيتٍ، وتأنيبٍ وحرج، فقلوبنا هناك، وحياتنا منوطة بأهلنا في غزة، نفرح لفرحهم، ونحزن لحزنهم، ونهتم لأمرهم، ونقلق من أجلهم، ولا تطيب لنا الحياة أبداً ونحن نتابع حالهم، ونرى أوضاعهم، ونفجع بمصائرهم.

صباح الخير لكل حرٍ شريفٍ يأبى أن يضام الفلسطينيون وأن يظلموا، وأن يهانوا ويعذبوا، وأن يستمر العدو الإسرائيلي في العدوان عليهم، والبطش بهم والتنكيل بهم، وممارسة القتل اليومي ضدهم، وألف تحيةٍ لكل من سعى لرفع الظلم عنهم ووقف الحرب ضدهم، وإنهاء العدوان الإسرائيلي عليهم، وتعويضهم عما أصابهم، وإن كان الفقد لا يعوض، فالمصاب جلل والخسارة كبيرة، والجرح غائرٌ والألم بليغ.

صباح الخير لغزة وأهلها، ولكل أبنائها وأحبابها، في الوطن والشتات، سائلاً المولى الكريم أن يجعل صباحها القريب صباح أمنٍ وسلامٍ وطمأنينةٍ ورجاء، لا خوف فيه ولا قلق، ول سأم ولا ألم، وأن يعجل فيه ولا يتأخر، فقد والله بلغت القلوب الحناجر، وضاقت علينا الأرض الضيقة، ولم يبق لنا بابٌ نطرقه سواك يا الله، فاقبلنا وأجرنا وكن معنا ولا تتخلى عنا.

بيروت في 4/5/2025

moustafa.leddawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى