اللهم أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً

((اللهم أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً))

#ماجد_دودين

طوبى لمفاتيح #الخير، مغاليق الشر، وأسعد الله قلوبا تتقطع لمواجع الآخرين، ورحم الله أنفسا تسعى على حوائج #المحتاجين

يا مَنْ تـَصَدَّقَ مالُ الله ِ تـَبْذلـُهُ في أوجُـهِ الخير ِما لِلمال ِ نـُقصانُ

كـَمْ ضاعَفَ اللهُ مالا ً جادَ صاحِبُهُ إنَّ السَخاءَ بـِحُـكـْم ِاللـهِ رضــوانُ

إنَّ التـَصَدُّقَ إسعادٌ لِمَنْ حُـرِموا أهلُ السَّخاءِ إذا ما احْتـَجْتهُمْ بـانوا

داوي عَليْلـَكَ بالمِسْكين ِتـُطـْعِمُهُ البَـذلُ يُنـْجيـكَ مِـنْ سُـقـْم ٍ وَنِيرانُ

يا مُنـْفِقا ً خـَلـَفا ً أُعْطِيتَ مَنـْزِلـَة ً يا مُمْسِكـَا ًتـَلـَفــا ًتـَلـْقى وَخُسْـرانُ

لا تـَخـْذِلـَنَّ لآتٍ رادَ مَسْألـَة ً جَــلَّ الـَّذي ساقـَهُ كافـاكَ إحْســانُ

إن نفع الناس والسعي في كشف كروبهم من صفات الأنبياء والرسل، أشرف الخلق محمدٌ صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن حاجة لم يردَّ السائل عن حاجته، يقول جابر رضي الله عنه: (ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط فقال: لا) أخرجه البخاري في صحيحه. والدنيا أقل من أن يُردَّ طالبها.

وعلى هذا النهج القويم سار الصحابة رضي الله عنهم والصالحون من بعدهم ، لأن السعي في حاجة الناس ومسايرة المحتاجين والمكروبين دليل على طيب المنبت، ونقاء الأصل، وصفاء القلب، وحسن السريرة، وربنا يرحم من عباده الرحماء، ولله أقوامٌ يختصهم بالنعم لمنافع العباد، وجزاء التفريجِ في الدنيا تفريجُ كربات يوم القيامة ، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) رواه مسلم ، وفي لفظ له: ((من سرَّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه)) .

نعيش في زمن الشح والبخل … في زمن المادة … في زمن جفّت فيه ينابيع الروح وتحولت إلى طبيعة مادية قاتلة … في زمن قلّ فيه أهل الزكاة وأهل الصدقة – إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ – ممن يعرفون فضل الصدقة وفوائدها… وهذا غيض من فيض من فوائد الصدقة وفضلها … سائلا الله أن يقينا شحّ أنفسنا لنكون من المفلحين: (( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) سورة الحشر.

  • الصدقة تجعل الملائكة تدعو بالخلف على المتصدق فتقول “اللهم اعط منفقا خلفا” يقول عليه الصلاة والسلام: ((مَا مِنْ يوم يُصبِحُ فيه العبادُ؛ إلا مَلَكانِ يَنْزِلان، يقول أحدُهما: اللهم أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، ويقول الآخر: اللهم أعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً)) [أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
  • الصدقة تنتصر على الشياطين – قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَا يُخْرِجُ رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَفُكَّ عَنْهَا لَحْيَيْ سَبْعِينَ شَيْطَانًا”. ” السلسلة الصحيحة ” (3 / 264)
  • الصدقة تعالج المرضى – عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ).
  • الصدقة تطفئ غضب ربك، قال صلى الله عليه وسلم “ان الصدقة لتطفئ غضب الرب “قال عليه الصلاة والسلام;( (إن الصدقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وتَدْفَعُ مِيتَة السُّوءِ)) [رواه الترمذي وحسّنه]
  • الصدقة تمحو خطاياك، قال صلى الله عليه وسلم “الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار”
  • الصدقة تحسن الخاتمة للمتصدق، قال صلى الله عليه وسلم “صنائع المعروف تقي مصارع السوء”، قال صلى الله عليه وسلم “ان الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء”

وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو أمامة ((صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب)) [رواه الطبراني في معجمه الكبير ح8014، وقال الهيثمي: إسناده حسن 3/115]

  • الصدقة ظلك من اللهب، قال صلى الله عليه وسلم “كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس” قال صلى الله عليه وسلم “كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ. أَوْ قَالَ: “يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ يَزِيدُ: وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لاَ يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إِلاَّ تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَىْءٍ، وَلَوْ كَعْكَةً أَوْ بَصَلَةً، أَوْ كَذَا. أخرجه ابن المبارك فى الزهد وأحمد وابن حبان.
  • الصدقة تفك رهانك يوم القيامة ،قال صلى الله عليه وسلم “من فك رهان ميت (عليه الدين) فك الله رهانه يوم القيامة” عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” إِذَا أُتِيَ بِالْجِنَازَةِ لَمْ يَسْئَلْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الرَّجُلِ وَيَسْأَلُ عَنْ دَيْنِهِ ، فَإِنْ قِيلَ : عَلَيْهِ دَيْنٌ كَفَّ عَنِ الصَّلاةِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قِيلَ : لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَلَّى عَلَيْهِ ، فَأُتِيَ بِجِنَازَةٍ فَلَمَّا قَامَ لِيُكَبِّرَ سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ : هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ دَيْنٌ ؟ ، قَالُوا : دِينَارَانِ ، فَعَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ، وَقَالَ : صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ ، فَقَالَ عَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَرِئَ مِنْهُمَا ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، فَكَّ اللَّهُ رِهَانَكَ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ إِلا وَهُوَ مُرْتَهَنٌ بِدَيْنِهِ ، وَمَنْ فَكَّ رِهَانَ مَيِّتٍ فَكَّ اللَّهُ رِهَانَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هَذَا لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً ؟ ، فَقَالَ : بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً ” . سنن الدارقطني رقم الحديث: 2625
  • الصدقة سترك من النار، قال صلى الله عليه وسلم “يا عائشة استتري من النار ولو بشق تمرة، فأنها تسد من الجائع مسدها من الشعبان”. وفي الطبراني من حديث فضالة بن عبيد مرفوعا: اجعلوا بينكم وبين النار حجابا، ولو بشق تمرة ولأحمد من حديث ابن مسعود مرفوعا بإسناد صحيح: ليتق أحدكم وجهه النار ولو بشق تمرة. وله من حديث عائشة بإسناد حسن: يا عائشة، استتري من النار، ولو بشق تمرة، فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان. ولأبي يعلى من حديث أبي بكر الصديق نحوه، وأتم منه بلفظ: تقع من الجائع موقعها من الشبعان. وكأن الجامع بينهما في ذلك حلاوتها. وفي الحديث الحث على الصدقة بما قل وما جل، وألا يحتقر ما يتصدق به، وأن اليسير من الصدقة يستر المتصدق من النار.

لا تدري، لعلك بدعوة صالحة، ممن فرجت كربته وأعتقت رقبته وقضيت دينه، تسعد أحوالك، والدنيا محن، والحياة ابتلاءات، فالقوي فيها قد يضعف، والغني ربما يُفلس، والحي فيها يموت، وصاحب الحق قد يصبح عليه الحق، لكن مواقف الرجل الإيمانية الرجولية، التي يلتمس فيها ما عند الله، ويثني عليها عباد الله، هي التي تبقى للدنيا والآخرة، فالسعيد من اغتنم جاهه وماله في خدمة الدين ونفع المسلمين، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (من مشى بحق أخيه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة)

والمعروف ذخيرة الأبد، والسعي في شؤون الناس زكاة أهل المروءات، ومن المصائب عند ذوي الهمم عدم قصد الناس لهم في حوائجهم، يقول حكيم بن حزام: (ما أصبحت وليس على بابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب)

ويقول الشافعي رحمه الله:

الناس بالناس ما دام الحياة بهم والسعد لا شك تارات وهبات

وأفضل الناس ما بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات

لا تمنعن يد المعروف عن أحد ما دمت مقتدرا فالسعد تارات

واشكر فضائل صنع الله إذ جعل إليك لا لك عند الناس حاجات

قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

وأعظم من ذلك أنهم يرون أن صاحب الحاجة منعم ومتفضل على صاحب الجاه حينما أنزل حاجته به، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (ثلاثة لا أكافئهم: رجل بدأني بالسلام، ورجل وسَّع لي في المجلس، ورجل اغبرت قدماه في المشي إليَّ إرادة التسليم عليَّ، فأما الرابع فلا يكافئه عني إلا الله) قيل: ومن هو؟ قال: (رجل نزل به أمرٌ فبات ليلته يفكر بمن ينزله، ثم رآني أهلاً لحاجته فأنزلها بي).

ولا يقتصر السعي في قضاء حوائج الناس على النفع المادي فقط، ولكنه يمتد ليشمل النفع بالعلم، والنفع بالرأي، والنفع بالنصيحة، والنفع بالمشورة، والنفع بالجاه، والنفع بالسلطان. ومن لطيف كلام جعفر الصادق رحمه الله أنه قال :-(إن الله خلق خلقا من رحمته برحمته لرحمته وهم الذين يقضون حوائج الناس)

ولله در أبو العتاهية حيث قال: –

اقض الحوائج ما استطعـت وكن لهمِّ أخيك فارج

فلخـير أيام الفـتى يوم قضى فيه الحوائــــــــــــــج

ومما يدل علي فضل قضاء حوائج الناس ما رواه البخاري في صحيحه (أن رجلًا لم يعملْ خيرًا قطُّ، وكان يُداينُ الناسَ، فيقولُ لرسولِه: خُذْ ما تيسَّر، واتركْ ما عَسُرَ وتجاوزْ، لعل اللهَ يتجاوزُ عنا. فلما هلك قال اللهُ له: هل عملتَ خيرًا قطُّ؟ قال: لا، إلا أنه كان لي غلامٌ، وكنتُ أُدايِنُ الناسَ، فإذا بعثتُه يتقاضى قلتُ له: خُذْ ما تيسَّرَ، واتركْ ما عَسُرَ، وتجاوزْ، لعل اللهَ يتجاوزُ عنا. قال اللهُ تعالى: قد تجاوزتُ عنك).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى