اللقاءات الملكية بالمتقاعدين العسكريين
موسى العدوان
بمناسبة لقاء #الملك عبد الله الثاني المعظم، مع عدد من الزملاء #العسكريين المتقاعدين العسكريين قبل أيام، عدت إلى مقال حول هذا الموضوع، كنت قد كتبته قبل ما يزيد عن ثماني سنوات، ولكنه مع الأسف لم يجد آذانا صاغية واستجابة له، بل استمرت الممارسة ذاتها حتى هذه الأيام.
ولأنني لم أجد ما أضيفه على مقالي السابق رغبت أن أعيد نشره تاليا دون زيادة أو نقصان، مع أملي بأن يقرأه من لا يهمه الأمر، كنوع من التسلية وقضاء الوقت.
- * *
لقاءات الملك مع #رجالات #النخبة . . !
بقلم : فريق ركن متقاعد موسى العدوان
لا أعرف ما هي السياسة التي يتبعها الديوان الملكي في لقاءات جلالة الملك مع بعض المتقاعدين العسكريين . إذ نسمع بين حين وآخر أن جلالته قد اجتمع بعدد من المتقاعدين في منزل أحدهم وتبادل الحديث معهم في أمور عامة تهم الوطن . وهنا نتساءل :
هل يجتمع جلالته بمن تنطبق عليهم صفة ( النخبة ) من المفكرين وأصحاب الرأي بين المتقاعدين العسكريين ( مع احترامي لهم جميعا ) والذين يحيطون بعلوم الاستراتيجيات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية ، دون غيرهم من أقرانهم المتقاعدين ؟
لقد سمعنا عن اجتماعات عديدة جرت على هذا المنوال خلال الأشهر الماضية مع أشخاص محددين ، تكررت أسماء بعضهم في لقاءات عديدة ، ولكننا لم نلمس مخرجات تلك الاجتماعات وأثرها في تغيير قناعات الناس ، أو ظهور بصماتهم على مسيرة المجتمع ، وعملية اتخاذ القرار على المستويات الرسمية . لا بل أننا لم نعرف ما هي المواضيع التي جرت مناقشتها خلال تلك الاجتماعات .
أحب أن أبين لمخططي هذه الاجتماعات ـ وإن كنت شخصيا غير تواق للمشاركة بها ـ أنها تضر ولا تنفع ، تهدم ولا تبني ، تفرق ولا تجمع ، وأنها في المحصلة تصنف المتقاعدين إلى صنفين ، مقربين للنظام ومبعدين عنه ، لا سيما وأن معظم المدعوين للحضور ينتمون إلى منطقة جغرافية واحدة ، ولا يمثلون شرائح المتقاعدين العسكريين في مختلف مناطق المملكة .
إذا كان مخططو تلك ( الغدَيات ) يرغبون بإيصال نبض الشارع إلى صاحب القرار ، فلماذا لا يجمعون عددا معينا من متقاعدي كل محافظة في ندوة أو حلقة دراسية ، تطرح خلالها قضايا الوطن الساخنة ومناقشتها بعمق لمحاولة إيجاد حلول مناسبة لها ، دون الاعتماد على إجابات وآراء عشوائية ، تبرز في جلسة غداء مستعجلة ؟
لاشك بأن هناك الكثير من القضايا التي تستحوذ على اهتمام المواطنين ، والتي تنخر في بنية المجتمع وتخلخل أركان الدولة ، من بينها على الصعيد المحلي مثلا : إشكالية الهوية ، التوطين والتجنيس ، العنف المجتمعي ، الفساد ، الغذاء والدواء ، ارتفاع الأسعار . أما على الصعيد الخارجي فمنها : الموقف من الأزمة السورية ، اللاجئون السوريون ، الغاز المصري ، العمالة الوافدة الخ . . . فهل تم التطرق لهذه المواضيع الهامة في تلك الاجتماعات ، التي يجري ترتيبها على استحياء في ساعات الظلام وإرسالها إلى المضيف ؟
عزيزي دولة رئيس الديوان المحترم
الوطن ملك للجميع ومن بينهم المتقاعدين العسكريين بمجموعهم دون تمييز ، ولا يجوز اختزالهم بعدد محدود تحت غطاء من السرّية . إنهم من أسهموا في بناء الأردن بالعرق والدماء والشقاء ، وهم من يطلق عليهم اليوم تندرا ( الحرس القديم أو الديناصورات ) ، و هم من حملوا همّ الوطن وحافظوا على
كيانه في وقت عصيب ، عندما كان غيرهم على مقاعد الدراسة خارج الوطن . لم يكن همهم في ذلك الحين مصالحهم الخاصة ، ولم ينتظروا الأعطيات وامتلاك القصور الفارهة في ضواحي عمان على حساب الفقراء . ولكن سوء حظهم قادهم اليوم لمن يُقرّب البعض منهم ويُبعد البعض الآخر ، لغاية في نفسه نعلم كنهها بكل تأكيد .
إن النهج الذي تم اتباعه حتى الآن في عقد مثل تلك الاجتماعات ، لأشخاص منتخبين على أسس شخصية ، سواء كانت من صنعكم أو من صنع غيركم، هو نهج فاشل بكل معنى الكلمة ، لأنه يفتت لُحمة المتقاعدين العسكريين ، ويبعث على الضغينة وينمي الحقد بين المتقاعدين وأصحاب القرار . وستكون نتيجة هذه التصرفات إفراز تصرفات سلبية تنعكس على المجتمع الأردني بكافة أطيافه .
ختاما أرجو الله بقلب مخلص أن يهدي مخططي هذه الاجتماعات ، للتعامل مع كافة المتقاعدين العسكريين بنزاهة ومساواة دون تحيز أو تمييز لما فيه مصلحة الوطن ، الذي يرقد حاليا فوق بركان ساكن ، يهدد بالانفجار في أية لحظة لا سمح الله . . !
التاريخ : 13 / 4 / 2013