الكلمة الرمزية التي كانت كفيلة بإنقاذ #الدول #العربية من #كارثة #حزيران
موسى العدوان
في كتابه ” #الأردن في #حرب #1967 ” كتب الدكتور سمير مطاوع ما يلي وأقتبس بتصرف: ” في 3 حزيران ( يونيو ) 1962 استقبل الملك حسين السفير التركي، الذي أبلغه أن المعلومات المتوفرة لديه، تفيد بأن #إسرائيل ستبدأ هجومها على الدول العربية في الخامس أو السادس من حزيران، بغارات مفاجئة ضد القوات الجوية المصرية.
ويقول السيد سعد جمعة أن السفير العراقي الذي زاره يزم 4 حزيران أكد له تلك المعلومات. بل وأبلغه أنه بناء على المعلومات التي بحوزتهم، فإن إسرائيل ستبدأ الحرب في صباح اليوم التالي أي في الخامس من حزيران.
وبعد ذلك قام جمعة والسفير العراقي بزيارة الملك حسين لإبلاغه بتلك التطورات. وعلى الفور أبلغ الملك حسين عامر خماش، الذي قام بإبلاغ عبد المنعم رياض بتلك الأنباء. وبناء على طلب الملك حسين نُقلت تلك الأنباء إلى القيادة المصرية العليا في القاهرة. ورد المصريون بأنهم كانوا يتوقعون ذلك الهجوم وهم مستعدون له.
لقد كانت تلك هي المرة الثالثة التي يحذر فيها الأردن #مصر، بأن إسرائيل ستبدأ هجومها على الأرجح بتلك الطريقة. والمناسبتان السابقتان كانتا أثناء اجتماع القاهرة في الثلاثين من أيار، وفي الثالث من حزيران حين أبلغ الملك حسين الرئيس جمال عبد الناصر، أن جميع المعلومات التي وصلت للأردن، تشير إلى #هجوم إسرائيلي مفاجئ على #المطارات المصرية في الخامس أو السادس من حزيران.
وبالفعل في السابعة من صباح اليوم التالي، الخامس من حزيران، التقط الرادار الأردني في منطقة عجلون إشارات، تشير إلى نشاط جوي مكثف في سماء إسرائيل. ونُقلت تلك المعلومات إلى عبد المنعم رياض، الذي نقلها على الفور إلى القيادة المصرية العليا.
لكن القيادة المصرية العليا لم تتلقَ الرسالة ولم تضع السلاح الجوي المصري في حالة تأهب. وكان ما يظهر على شاشة الرادار في عجلون هو في حقيقة الأمر، تحليق جميع طائرات سلاح الجو الإسرائيلي باتجاه مصر . . .
أما الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية المصرية الأسبق، فقد كتب في مذكراته بعنوان ” حرب الثلاث سنوات 1967 / 1970 ” ما يلي: ” كان نذير المعركة هو إرسال إنذارين تعبويين في غاية الأهمية، الأول من مكتب مخابرات العريش بقيادة المقدم إبراهيم سلامة، إلى جهة غير معنية بالعمليات ( مكتب الوزير شمس بدران بكوبري القبة ) في الساعة السابعة صباحا، بينما وصل إلى هيئة عمليات القوات المسلحة بالقيادة العامة في الساعة 9,40 دقيقة من صباح يوم 5 / 6 / 1967.
والإنذار الثاني من الفريق عبد المنعم رياض في القيادة المتقدمة بعمان الساعة السابعة صباحا. ففي محطة عجلون للإنذار المبكّر جهاز رادار ممتاز، يرتفع 400 قدم عن مستوى السهل الساحلي بإسرائيل، ومدى عمله جيد جدا، وتم ربطه لاسلكيا بشيفرة بسيطة على جهازين للاستقبال.
أحدهما يمثل مصدر المعلومات الاستراتيجية والتعبوية لمصر والقوات المسلحة. وهو محطة إرسال واستقبال كبيرة في مكتب شمس بدران بكوبري القبة. وجهاز الاستقبال الثاني كان بغرفة العمليات الرئيسية للقوات الجوية والدفاع الجوي بمنطقة الجيوشي، وهو مركز الاستقبال الرئيسي، بينما كان مكتب الوزير هو الفرعي، أي يستمع فقط لما يُذاع في المركز الرئيسي. هكذا كان تنظيم تبادل المعلومات.
وفي الساعة السابعة بتوقيت إسرائيل والثامنة بتوقيت مصر، بثت محطة عجلون للإنذار المبكر إلى المحطتين معلومات عن وجود موجات متتابعة من مقاتلات إسرائيل، تتجه نحو الجنوب الغربي مترجمة باللفظ الكودي: ( عنب ) . . ( عنب ) . . ( عنب ).
لم تستقبل محطة الاستقبال الرئيسي بالجيوشي الإنذار، نتيجة خطأ شخصي من عريف الإشارة قال عنه في التحقيق : أنه غيّر تردد الاستقبال للوصول إلى استماع أوضح، وفي المرة الثانية قال : إن توقيت العمل بالتردد القديم حسب جدول الشيفرة انتهى، فغير على التردد التالي. على أي حال لم يستقبل الإشارة، ولم يصل الإنذار المبكر إلى المركز الرئيسي للطيران والدفاع الجوي عن مصر.
أمّا المحطة الفرعية وهي محطة استماع فقط خاصة بالمخابرات، في مكتب شمس بدران في كوبري القبة فقد استُلمت الإشارة، وتحليلها واضح ولا يمكن أن يحدث فيه سوء فهم. إنه إنذار أكيد ببدء هجوم طيران العدو على أراضي مصر في اتجاه الجنوب الغربي من إسرائيل. إلاّ أن الضابط المناوب في كوبري القبة، لم يُخطر الوزير لعدم وجوده في مكتبه بكوبري القبة أو في مدينة نصر.
وبعد مرور 40 أو 50 دقيقة من استلام الضابط المناوب للإنذار، وبالصدفة خلال مكالمة تلفونية عابرة مع زميله بالمحطة الرئيسية بالجيوشي، أراد أن يذكّره بنفس الإشارة وما فيها من اسم كودي يدلل على طائرات العدو المغيرة، فقابله الضابط المناوب على نفس المحطة الرئيسية بالتهكم قائلا: عنب أيه وبصل أيه ؟ دول فوق دماغنا . . أي أن الطائرات الإسرائيلية تقصف فعلا مطاراتنا، وكانت الساعة 8,45 دقيقة بتوقيت مصر”. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق: لا أريد أن ابحث في الأخطاء العسكرية والسياسية التي حدثت في حرب حزيران على 1967، على كثرتها، ولكن أقول: أن كلمة رمزية واحدة ( عنب ) في الشيفرة على جهاز اللاسلكي، لو التُقطت من قبل القيادة العسكرية العليا المصرية، وجرى العمل بما يترتب عليها من إجراءات، لتفادينا الكارثة التي حلت بالدول العربية، وغيرت وجه التاريخ، بعد أن دُمّر سلاح الجو المصري، بطائراته الجاثمة على الأرض.
وهذا يعود أساسا لسوء اختيار القيادات العسكرية، التي كانت تقود أكبر قوة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط. فهل نأخذ الدرس والعبرة مما سبق، أم نكرر أحداث التاريخ الخاطئة؟
التاريخ : 7 / 6 / 2022وّر