القيادات العربية قيادات مسنة وتنكر استحقاقات العمر

#القيادات_العربية قيادات مسنة وتنكر استحقاقات العمر

الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

ما بال شعوبنا العربية تتمسك ببعض الموظفين المسنين وتصر على أن يبقوا على رأس وظائفهم رغم بلوغهم من العمر عتيا ورغم أنهم أمضوا أعمارهم المديدة في التنقل من موقع الى آخر، ومن #منصب الى منصب ويتقاضون اربعة أو خمسة #رواتب_تقاعدية .إنهم لا يتقاعدون مع أن العمل العام مضني وينتظر شاغلوا المواقع القيادية في الأجهزة الحكومية في العالم الغربي الفرصة ليتقاعدوا أو يقدموا استقالاتهم من العمل الحكومي .لا أعلم لماذا تصر أيضا الأنظمة السياسية والشعوب في الدول العربية على الاستثمار في المسنين من الموظفين الحكوميين والحرص على ابقائهم في واجهة العمل الإداري والسياسي الى أن يتوفاهم رب العزة!!!وفي إطار تحليل هذه الظاهرة تؤكد إحدى مدارس الفكر السياسي والاجتماعي بأنه في حين أن الثقافة السياسية السائدة في الدول المتقدمة تركز على المستقبل والتنبؤ به واستشرافه نجد أن الثقافة السياسية في الدول النامية تركز على الحاضر والماضي دون أن يكون لها رؤى مستقبلية أو تطلعات استشرافية للفرص والتحديات المستقبلية ، وهذا ربما يفسر تمسك الأنظمة بشخوص مسنين يغلب عليهم ذاكرة الماضي أكثر من رؤية واستشراق المستقبل. في الجزائر تم انتخاب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الذي بلغ السابعة والسبعون من عمره وكان رئيس وزراء الجزائر في عهد الرئيس بوتفليقة ووزير للسكن والعمران في عدة حكومات جزائرية ووزير للاتصال وتبوأ مناصب مختلفة في الدولة .أما الرئيس الراحل بوتفليقة فقد تم انتخابه رئيسا للدولة بطريقة ديمقراطية رغم أنه عاجز عن السير على قدميه ومصاب بسكتة دماغية وقد تجاوز الثاني والثمانين من العمر فما الذي يدفع الشعب الجزائري لخيار كهذا لقيادة الجزائر في هذه الاوقات العصيبة؟؟
أما تونس الخضراء فهي ليست ببعيدة لا من حيث الجغرافيا ولا من حيث الثقافة السياسية عن الجزائر التي جعلت التوانسة ينتخبون الأستاذ الجامعي قيس السعيد رئيسا للدولة الذي ما لبث وأن قيد الحريات وجمد البرلمان وركز صلات الدولة التنفيذية والتشريعية بيده.لقد سبق لأهلنا في تونس وأن انتخبوا الراحل الباجي القائد السبسي البالغ من العمر ( 88 ) عاما والذي كان قد عاصر الحرب العالمية الثانية والاستقلال وعمل مسؤولا ووزيرا في معظم حكومات بلده فما الذي كان سيقدمه هذا الشخص وما هي الطاقة التي اختزنها لقيادة دفة التغيير في تونس الخارجة التي كانت تتلمس طريقها نحو الحرية والتقدم!!! أما بقية الدول العربية فتعاني فيها الصفوف القيادية الأولى والثانية والثالثة وحتى العاشرة من الكهولة والتقدم في السن فلا نعلم كيف وأين يسيرون ببلادهم إذا كان معظمهم قد فقدوا الذاكرة ناهيك عن غياب القدرة على التركيز !!!
أما في الأردن فقد راعني وأنا أشاهد بعض المسئولين السابقين الذين أتذكر بعضهم وهم يتقلدون المواقع القيادية منذ كنت طفلا وما زلت أراهم يستحوذون على مواقع هنا أو هناك. أحدهم ما زال ينظر على الاردنيين في اقتصادهم نفس المصطلحات التي كان يستخدمها قبل خمسين عاما هو ذاته عاصرناه وزيرا ورئيس مؤسسات عامة أو أهلية ذات نفع عام وفي مراكز حساسة ثم ينتهي الأمر به وبالعشرات أمثاله ممن شبعوا من المواقع القيادية ليعودوا الى مجلس الأعيان الذي أصبح ملاذا وموئلا للمتقاعدين في محطتهم الأخيرة قبل انتقالهم الى الرفيق الأعلى راضيين مرضيين وبعضهم يتمنى لو أن يدفن في المقابر الملكية لعلى وعسى أن يساعدهم ذلك على تجاوز عظمة سؤال ملك الموت عن شبابهم فيما أفنوه ؟؟. المسئولين الأردنيين من كبار السن متشبثون بالمناصب يناضلون من أجل الألقاب والإمتيازات .
عشرات كبار السن ممن تجاوزوا الثمانين سنة من الوزراء والمسئولين ورؤساء وأعضاء مجالس إدارة كبريات الهيئات والشركات التي لا يعرفون عن طبيعة عملها شيئا إلا مقدار المكافأة الشهرية الهائلة التي يتقاضاها لقاء هذه العضوية كل هؤلاء رأيناهم على شاشة التلفزيون الاردني ينظرون علينا كلاما وعظيا وإنشائيا لا يصمد أمام حقائق العصر ومعطيات الواقع .نعم نقول لهم شكرا على خدماتهم الماضية ولكنهم ينبغي ان لا يكونوا ضمن ماكنة اتخاذ القرار نظرا لفقدان معظمهم لأهلية اتخاذ القرار…نعم سئمنا والله من هيمنة هؤلاء على مسرح الحياة السياسية والاقتصادية والادارية والأكاديمية في الدولة الأردنية على مدار نصف قرن من الزمان ونستغرب إصرار الحكومة على الاستثمار في عناصر من الموظفين السابقين الموغلين في الكبر في الوقت الذي يوجد فيه كثير من الشباب الأكفاء والخبراء ممن تتوفر لديهم الطاقات والقدرات التجديدية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى