القطّة الشيوعية الحمراء والغنم العربيّ الأزرق

القطّة الشيوعية الحمراء والغنم العربيّ الأزرق
د. جودت سرسك

لقد أحسنتْ الصين إدارة أزمتها ونشرَ الهلعِ عبْرَ العالم في الوقت الذي يرتعُ فيه الكلبُ الروميّ في منتجعه ويحشو آباره بالنفط العربي الرخيص وهو يرددُ : ماءْ ماءْ يا غنماتي ماءْ ماءْ. أكاد أجزمُ أنّ الإشاعة انطلتْ على الِلحى والعباءات العربية وكما يقولون : لو جُنّ ربعُك ما بنفعك عقلك, فما علينا سوى المضيّ بهذا الجنون. لا أستطيع تخيّل أحدٍ من الزعامات الفكرية أو الطبية والعلمية يجرؤ على اتهام نظرية الكورونا بالكذبة المعاصرة , بل إنّ الكلّ بلا استثناء يختبئون وراء علب الهايجين والكمامات التي حوّلت الرجال إلى نساء . بالأمس صرّحت حماس عن رغبتها بالحصول على الكمّامات بالخاوة وراح يصرخ الناطق الرسمي باسمها, وفي زمن (حارة كلْ مِن إيده إلُهْ) وشعارات نحن أوّلاً, فلا مجيب لهم ولا طنيب . هل رأى أحدٌ منّا مصاباً بالكورونا في حيّه أو مدينته؟ تمّ عرضُ صورٍ مؤخرا لحالات وهي محشوّة بالكورونا وتُضيِّق الخناق عليها ولكنْ هل هذه الصور لمرضى حقيقيين أم مِن فضاءات ووحي عالم الإنترنت ؟
إنّ القوّة وحدها والإمكانات لا تفي بالغرض , وإن الأزمات تولّد ما كان عصيّا وتحيي ما كان ميْتاً ,لقد آن الأوان لهذه الأمة أن تهتدي وتمتلك إرادتها ولا بدّ للولادة من مخاض . إنّ قريةَ ذي القرنين كانت تمتلك القوة الاقتصادية والمعدنية إلا أنها استعانت بذي القرنين لأنّ أهلها يفتقدون الإرادة والمبادرة .
في وسط نزول الجيش للشارع وكادر الكمّامات وبيض الملابس البواسل والمؤتمرات الصحفية المتتالية وحظر التجوال والبروباغندا الإعلامية العالمية والتحديث المستمر لعدد الوفيّات في كلّ دولة لا يملك المرء إلا أنْ يصاب بالهلع وركوب الموجة المقيتة وتصديق الكذب .لا يملك أحدٌ مخالفة هذا التيّار الجارف صراحةً إلا مغامر غِرّ أو حديث عهدٍ بالخطاب والكتابة ولا شيء يخشي عليه من مناصب أو مكتسبات ,أو الحديث السرّي في الخفاء .اكذب ثم اكذب ثمّ اكذب حتى تصدق كَذِبك.
إدّعى رجلٌ ذات مرّةٍ أنه قادرٌ على كسبِ قلب فتاة مغترة بجمالها على الغدير وكانت تشترط لمن يودّ الارتباط بها شيئاً من الفراسة فلمّا جاءها وكانت تمشط شعرها وألقى عليها التحيّة فعرفت مقصده , فبدأ بسؤال صديقتها وكان يعرفهنّ,مااسمكِ يا خيّة ؟ فقالت له : اسمي في وجهي فقال لها : أهلا بك يا شامة .وراح يسأل صاحبتها التي يرغب بودّها عن اسمها فأجابته: اسمي وراءك. فنظر وراءه وقال في نفسه: لا شيء ورائي سوى عجِزي وخجلَ أنْ يصارحها بما فكّر, وعجز عن معرفة لُغز اسمها وقد كان غديرُ الماء يغمر رجليه وعجِزَه مِنْ وراءه. إنّ حالة الغباء كفيلةٌ أنْ تحُول بيننا وبين مطالبنا ولا بُدّ من نهضةٍ على غرار كلّ شيء من شأنه كسْرُ قيودِ الذلّ والتبعية وغياب الفراسة بغضّ النظرِ عن لونِ النهضة كما قال الرئيس الصيني حفظ اللهُ تربته وجعلها رطبةً( دينغ بينغ) وما شابهها : لا يهمّ لون القطة إنْ كانت حمراء شيوعيةً أو زرقاءَ رأسماليةً , المهم أنْ تكون قادرةً على صيد الفئران .
لقد تداول ناشطون مؤخراً في نيويورك في مستشفى كوينز مقطعاً يصوّر حالة الكذب والتضليل الإعلامي الأمريكي حيث يخلو من المرضى رغم إحاطته بخيام احتياطية في حال اكتظاظ الأسرّة الداخلية ويغرّد مصور الفيديو أن احذروا من التضليل الأمريكي فما هُمْ إلّا مجرِموا حروبٍ وويلاتٍ على الأمّة العربية والإسلامية.
لقد أوعزت القيادة العليا للحكومة مؤخراً البدء بتخفيف حالة الجمود الاقتصادي وتشغيل القطاعات الخاصة تدريجيا ,في حين أن الصحة على لسان الناطق الرسمي أعلنوا أنّ العودة للحياة الطبيعية ستكون في حال عدم تسجيل إصابات جديدة لمدّة تلاثة أيام متتالية ,فهل قرارنا رهينٌ بمصالح اقتصادية عالمية أو نفوذ رجال الإقتصاد ومصالحهم ,علماً أنّ لسان الحال : يكاد الفقير يقول خذوني .أنا مش كافر بس الجوع كافر, ولا يقصد بالجوع غياب الخبز والطحين ولكنّه غياب الخطّة المستقبلية وانتفاء مفهوم التكافل فلا عجب إنْ خرج أحدٌ شالحاً كمّامته إن لم يجدْ قوتَ يومه.
بعيداً عن الأرقام والتحليلات والإحصاءات ,وقريباً من الظُرَف والسخرية السياسية والإيماء على نهج الجاحظ في كليلة ودمنة ونهج جورج في مزرعة الحيوان ,ثلاثة عجّلوا بهنّ ,إكرام الضيف إن حضر,وإكرام الميت دفنه,وزواج البنت إن بلغتْ . لقد كشفت أزمة كورونا والكذب الإعلامي أنّ نصف نسائنا يفتقدن تبعّل أزواجهنّ ويفتقدن حنان الذكورة وذلك عبرَ كثرة التغريدات بفارسِ الحلقة الرجل المتّزن خشبيِ الملامح معالي سعد الجابر الذي كان بلا منازع بديل موسم سنويّ مهمّ وهو سعد الذابح. وكان من محاسن كورونا معرفتنا بهذا الرجل الطيب عن قرب .
أسئلة مشروعة يطرحها العقل : لماذا لا نرى المصابين بالكورونا , لماذا تتنقل البؤر من مكان إلى آخر كالقط والفأر, لماذا لم توفّر أمريكا أجهزة التنفس والكمامات من قبل رغم تأخر وصول الفيروس لها ,لماذا يعقّم الطبيب الإبرة السامة للمحكوم عليه بالإعدام , ولماذا لا يصنعون طعام القطط بنكهة الفئران ؟ ولماذا نبيع البترول العربي بالرخيص ؟
إنّ حالنا كحال كلبٍ أصيب بانهيار عصبي لكثرة نباحه , دون أن يعلم أنَّ مَنْ يبُثُّ له النباحَ والعواء شخصٌ أطرش.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى