#القرمطي_الأخير…… #ليث_شبيلات
#يوسف_غيشان
(هذا المقال نشرته بتاريخ 15-12-1996 على الصفحة الأخيرة من صحيفة “عبد ربة” الساخرة التي ترأست هيئة تحريرها قبل عقود……..إلى الخلود أيها الليث)
في السنين العجاف وفي العصور الخداج تنبلج الشخصيات المركزية: شخصية البطل الضحية والضحية البطل…إنها شخصيات تحمل رسالة تثويرية قد لا ندركها تماما…رسالة تسعى إلى إعادة تشكيل نمط العلاقات وتفتيت حصوة البداهات المزيفة وتحمل مشعل الحياة وسط العاصفة التي ستعيد ترتيب الأشياء.
الليث أبو فرحان شخصية مفصلية صنعت محليا، للعلم فالطبيعة بخيلة جدا بأمثال هذه النماذج وسيرة البطل الشعبي لا تكتب شفاها فقط بل تروى وتحفظ في شاشة الذاكرة، لذلك سنبدأ فيما هو الان، حتى لا نقع في مطب التكرار.
خروجه الأخير من السجن بسيارة الملك وضعه في أرخبيل الحيرة لثواني: هل يشكر الرجل، أم يخرج من السيارة ويطبق الباب وراءه مثل أي جلف غليظ القلب لمجرد التمتع بهتافات أولئك الذين يبحثون عمّن يسبّ عنهم ويقاتل عنهم ويسجن عنهم ويحرر فلسطين عنهم، وهم يصفّقون.
تغلب الليث على عقدة النجومية والتضحية المشروطة بهتافات الجماهير وتصرف بعقلانية تبشر بإمكانية انتقاله من فردية البطل الضحية إلى البطل القائد الجماهيري الذي لا يحتكر الصح، ويؤمن بديمقراطية الحوار للتوصل إلى مطالب عادلة ضمن الممكن يستطيع حملها ويتجاوز بها الصداحين والمداحين والمنافقين، ويوصلها إلى مركز القرار بكل براءة وصدق ووضوح.
وأخيرا
هل تملك الأرض ألا تدور؟
والشمس ألا تشرق؟
والبحر ألا يخرج الموج؟
وهل يملك الليث أن يرتجف أمام الصياد؟
لا، فهذا قضاء قضاء قضاء.
عد أيها الليث إلى الغابة ولا تحوّل العرين إلى مكتبة أو غرفة نوم.
صحيح أن الغابة خطرة وملأى بالوحوش الغدارة وأفخاخ الصيادين. لكن ليس بوسع الغابة أن تكون بلا أسد، وليس بوسع الأسد أن يكون بلا زئير.
حاصر حصارك أيها القرمطي الأخير…. فجّر نبعك الجمعي قبل أن يتم الجفاف اصطفافه، واقدح زنادنا في ليل الاتفاقات، واعتزل اعتزالك أيها القرمطي الأخير.