القرامي / زياد عضيبات

القرامي
أقولها بملء فمي، اقولها لكل أردني من لحمي ودمي، كان إلى الشمال أو إلى الجنوب ينتمي، من قرى اربد ، من الرمثا غرة الشمال إلى عجلون أم الجبال، من جرش، من السلط والكرك والعقبه مروراً بالمفرق وبدو الشمال والوسط والجنوب إلى قاطني الصحاري اللاهبه، إلى سكان المخيمات قاطبةً، ممن تقاسموا معنا شضف العيش وكدر الماء، إلى أهل الغور الذين لا يملكون من أراضي الغور إلا المجرفه التي يعملون بها.. و أجورهم اليوميه التي لا تكفيهم ثمناً للسجائر، إلى عشائر النّوَر الذين نجلهم حيث أنهم ينسجون معنا هذه الفسيفساء البشريه الجميله، إلى مسيحيي هذا البلد الاُصلاء، إلى العسكر الذين خدموا بالجيش لسبعةٍ وعشرين عاماً ولم يحظوا إلا بمئتان وخمسين ديناراً تقاعد لا تكفيهم لدفع فاتورة ماء ولا كهرباء، إلى الحراثين الذين بدأوا يحرثون الوطن عن عُمر خمسة عشر عاماً وتقاعدوا بسن الستين دون أن يجدوا من يعيلهم، إلى رعاة الماشيه.. إلى الباعه المتجولين، إلى زارعي البندوره البعل في رحابا ليتعيشوا منها، إلى كل من هُضم حقه في هذا المجتمع، إلى كل إنسان يحمل قصةً مثقلةً بمعركة الحياه وباطل الكفاح اليومي..

نقول لهم ولنا : أنتم أهل الوطن وأصحابه، أنتم الأحق، أنتم الأصل والاساس، أنتم القرامي اباً عن جَدّ، تلك القرامي الراسخه، في الأعماق اوتادها ضاربة ، لا تهزها الرياح العاتيه، أنتم من بنى البلد وتحمل الكثير، أنتم الأكثريه..

أما القادمون الجدد مَن أوتي بهم لتسلم المناصب وتوريثها من الآباء إلى الأبناء والاحفاد فهؤلاء هُم المرتزقه ، هُم الذين نهبوا وما زالوا ولم يشبعوا بما نالوا، فهؤلاء الذين تسلموا المناصب والامتيازات، وزاوجوا ما بين السلطه والعطاءات، ستطير كراسيهم البلاستيكية المزوره مع أول هبة ريح غربيه، فليخرجوا إلى قصورهم في الخارج، فطائراتهم جاهزه، وارصدتهم خارجه، وقصورهم في بلاد الغرب فارهه، فلا يمثل شعبنا هؤلاء ولا الذين يسكنون قصور عبدون ودابوق و الرابيه -مع الاستثناء- ، والأردنيون الحقيقيوا المواطنه هُم من ذاقوا مرارة العيش وخدموا السنين الطويله في الجيش وسهروا الليالي في خدمة الوطن ومجالات أخرى كثيره..
الأردني هو من قطع على قدميه المسافات ليوفر أجور المواصلات وليس من إنتقل من التهام الشبس وتغيير الحفاظات إلى كراسي الوزارات..

فلا يحرث البلاد غير عجولها، وستطرد في يومٍ ما كل فلولها..

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى