القذافي حذّر عام 2009: تهديد روسيا ومحاولة تطويقها يعرض البشرية لخطر الدمار

سواليف

يستعاد الزعيم الليبي الراحل #معمر_القذافي في مناسبات عديدة منذ مقتله في عام 2011، في قراءات متجددة لآرائه ومواقفه. واللافت أنه كان أولى اهتماما خاصا بالإشكاليات بين #روسيا و #أوكرانيا.

وكان القذافي قد أدلى بتصريحات لوسائل إعلام يوم 14 أغسطس 2009، حذر فيها من أن تحقيق #حلف_شمال_الأطلسي لخططه الرامية الى التوسع نحو الشرق يشكل خطرا مباشرا على مصالح وأمن #روسيا.

وقال معمر القذافي بهذا الشأن إن”حلف #الناتو يحاول اليوم جر الجمهوريات السوفيتية السابقة الى مدار نفوذه، الأمر الذي لا يمكن ان نصفه إلا بكونه يشكل خطرا واقعيا على روسيا.”

وفي المناسبة ذاتها، أعرب القذافي عن قلقه من توتر العلاقات بين روسيا و #أوكرانيا، وقال عن ذلك “اقتنعت خلال زيارتي لأوكرانيا بوجود مشاكل خطيرة في العلاقات بين الدولتين. وإحدى هذه المشاكل هي سعي القيادة الأوكرانية إلى الانضمام الى الناتو”، مشيرا إلى أن كييف تنظر الى الحلف باعتباره جهة ضامنة لأمنها، “الأمر الذي لا يمكن إلا أن يثير القلق لدى روسيا”.

وفي مقالة نشرها في أبريل من نفس العام، تطرق إلى وضع روسيا التاريخي والمعاصر وما وصفه بمحاولات زحف الغرب نحو الشرق، حيث أشار إلى أن روسيا كانت هدفا لما سماه “توسعا غربيا”.

وشرد القذافي في مقاله أن هذا الاستهداف بدأ في مستهل القرن التاسع عشر بمحاولة نابليون الوصول إلى الثروات الروسية، تلته محاولة هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية تحقيق  الهدف نفسه بجيوشه الجرارة.

وأعرب الزعيم الليبي عن اعتقاده بأن حلف شمال الأطلسي يسير بتوسعه نحو الشرق على خطى نابليون وهتلر مستغلا تفكك الاتحاد السوفيتي والفراغ الذي خلفه، وذلك لأن الغرب يعتقد أنه حقق انتصارا في الحرب الباردة على المعسكر الاشتراكي وبالتالي فإن ذلك يدفعه إلى سد الفراغ المحيط بروسيا لإحكام الطوق حولها ومحاصرتها.

ويصل القذافي إلى استنتاج مفاده أن تمدد الحلف نحو الشرق وضمه لبلدان شرق أوروبا وسعيه لمحاصرة روسيا من جميع الجهات، يعد استفزازا خطيرا ومحاولة لتطويقها واخضاعها.

وفي الخاتمة يشدد على “أن روسيا دولة لا يمكن حصارها وهزيمتها بسهولة كما أثبتت ذلك وقائع التاريخ البعيدة والقريبة”.

 ويتطرق العقيد في هذا السياق إلى الإمكانات العسكرية الروسية التي يرى أنها تجعلها صعبة المنال بفضل امتلاكها الثالوث النووي، أي الصواريخ الاستراتيجية والقاذفات بعيدة المدى والغواصات النووية.

ويرى القذافي أن تهديد روسيا ومحاولة تطويقها يزج بالبشرية في مغامرة جديدة تختلف عن مغامرة الحرب العالمية الثانية في كونها تعرض البشرية قاطبة هذه المرة للإبادة والدمار.

وتاليا نص مقال القذافي

“أوكرانيا مشكلة حقيقية”

“نـــوفمبـــــــــر 2008 “

وبأي وسيلة ممكنة، ومحاولا أن أساهم في خلق عالم حر وآمن؛ لغرض أن تتمتع الشعوب بالحرية والأمن، وإن شعبي و احد منها ومن هذا الباب والمبدأ أطرح رأيي في القضايا والمشاكل الدولية الخطيرة كلما تمكنت آملا أن يؤثر ذلك في السياسة الدولية بوجه إيجابي .

ففي هذا المقال أتناول أوكرانيا التي أعتبرها مشكلة حقيقية.

إن أوكرانيا الآن تعتبر دولة مستقلة ذات سيادة وعضواً في الأمم المتحدة، لكن هذا غير كاف بالنسبة للأوكرانيين، لماذا؟ السبب هو تاريخ أوكرانيا ، بل حتى تاريخ المنطقة الذي يعود إلى أكثر من ألف عام حيث لم تكن روسيا مثلما هي عليه الآن و لا أوكرانيا ، بل كانت تسمى كييف روسيا .

ويقول الأوكرانيون إن أوكرانيا هي المهد ، و ذلك من باب الاعتزاز بماضيهم، ويقول الأوكرانيون إن التاريخ المشترك للمنطقة ديمغرافيا جعل من الصعب النظر إلى أوكرانيا كدولة من طرف إخوانهم الروس .. ويقولون إنه كان هناك طمس للغة الأوكرانية خلال المئتي عام المنصرمة .

ويقولون ـ أي الأوكرانيون ـ إن تاريخ أوكرانيا كله نضال من أجل الاستقلال استمر مئات السنين.

وإنهم حصلوا على استقلالهم خمس مرات قبل استقلالهم الحالي .. ولكن يقولون هذا الاستقلال لم يدم.
لماذا؟ لأنه لم تكن ثمة ضمانات لذلك الاستقلال، فأول استقلال لدولة أوكرانيا كجمهورية مستقلة وكما يقولون دام 6 شهور والمرة الثانية دام 3 شهور، وهناك استقلال في إحدى المرات دام 18 ساعة فقط.

الروس من الناحية الرسمية لا يعترضون على استقلال أوكرانيا بل يعترفون بأن أوكرانيا دولة مستقلة ذات سيادة وجارة.. وشقيقة.

إذن ما هي المشكلة الحقيقية الخطيرة في الموضوع؟ المشكلة الخطيرة هي أن أوكرانيا تريد ضمانات دولية لاستقلالها حتى لا تفقده مرة أخرى كما تقول، ولكن هذه الضمانات صعبة جدا وخطرة جدا بالنسبة لروسيا، هذا هو لُب المشكل وخطورته.

فما تراه روسيا خطرا على أمنها واستقلالها تراه أوكرانيا ضمانا لأمنها.. واستقلالها هذا هو أساس المشكلة، وهنا التناقض الشديد في سياسة البلدين.

بوضوح أوكرانيا تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وتعتبر هذا هو الضمان المضمون لاستقلالها، وفي الواقع هو ضمان ضد روسيا و ليس ضد أي دولة أخرى، بينما الروس يقولون: إن هذه الضمانات التي تطلبها أوكرانيا هي تحديات خطرة جدا لأمن روسيا، ويقولون: لا داعي لها؛ لأن روسيا تعترف بأوكرانيا كدولة مستقلة ذات سيادة.

وفي الواقع ـ بغض النظر عن وجهة نظر الطرفين ـ إن الأمر غاية في الخطورة.. وإنه مشكلة حقيقية، فإذا وصل حلف الأطلسي إلى أوكرانيا فمعناه الدق على باب موسكو.. و إذا دق العدو على باب دارك فإما أن تفتح له ليدخل أو قد يحطم الباب، هذا هو الشيء الخطر المتوقع.

وبالمقابل فإن أوكرانيا ترد على هذا التخوف لتطمئن شقيقتها روسيا بأن الدستور الأوكراني لا يسمح بمنح قواعد عسكرية أجنبية على الأرض الأوكرانية.

وعليه ترى أوكرانيا أنه لا داعي للتخوف مادامت القواعد غير مسموح بها في أوكرانيا ولكن روسيا ترد بالمقابل بأن الخطر لا يتوقف على وجود قواعد عسكرية من عدمه.. بل إن الأراضي الأوكرانية في هذه الحالة ستكون من ضمن أراضي حلف الأطلسي، وإن الحلف سيتواجد فوقها حتى بدون قواعد ثابتة، وان القوات المسلحة الأوكرانية ستكون كذلك من ضمن قوات الدول الأعضاء في الحلف، وهذا أمر مرفوض بالنسبة لروسيا؛ لأنه يمس أمنها مباشرة، وبطريقة خطرة غير مسموح بها.

بينما الأوكرانيون يؤكدون أنهم يطلبون ضمــانات دولية لاستقلالهم فقط، ولا يطلبون جلب المخاطر لروسيا.. وأنهم على استعداد لتوقيع أي وثيقة مع الروس للتعهد بأن أوكرانيا لن تكون مصدر خطر عليهم، لكن الروس يرون أن الخطر يوجد بمجرد أن تكون أوكرانيا عضوا في حلف يعدّ عدوٌّا لروسيا وهو الناتو، فالأوكرانيون يقولون: نحن لن نعمل شيئا ضد روسيا، ولكن نعمل الشيء الذي في مصلحة أوكرانيا.

إلى جانب هذا المشكل الأساسي ثمة مشاكل أخرى ثانوية، ولكنها سيئة.. وما لم تحل فقد تقود إلى مضاعفات غير محمودة، وحلها على ما يبدو يواجه صعوبات جمة ، ويصفها الأوكرانيون بأنها مشاكل شائكة مثل مشكل: جزيرة توزلا ،والجرف القاري وترسيم الحدود ، ومدينة سيفستوبل .. والقاعدة العسكرية الروسية .. وما حدث في عامي 1932 ـ 1933 ( قصة المجاعة ) التي يقول الأوكرانيون إنها إدانة للماضي البغيض وليست إدانة لروسيا وهناك شبه جزيرة القرم ومن المعروف أن قرابة 20% من سكان أوكرانيا هم روس !!

وهكذا تبدو الصورة للمشكلة الحقيقية الأوكرانية … وقصدت من طرحها من جانبي و توضيحها بعد زيارتي روسيا لأول مرة بعد أن تفككت دولة الاتحاد السوفيتي ، وزيارتي أوكرانيا لأول مرة بعد أن أعلنت أنها دولة مستقلة قصدت من هذا أن تكون كل الأطراف على علم ، وقد يساعد ذلك على تقدير المواقف والعواقب قبل اعتماد سياسات قد تضر بالسلام العالمي الذي يهمّ بلادي ، كما يهمّ كل الشعوب ، وقد تضرّ تلك السياسات بأصحابها أيضا ؛ إذن الأطراف المعنية أطراف هامة جدا فوق الكرة الأرضية ، وصدامها سيضرّ حتما بالأمن والسلم الدوليين ، وهى روسيا والاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي.

المصدر
روسيا اليوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى