“القذاذفة” ينقلبون على حفتر بعد اعتدائه على سرت، والقبيلة تتوعده بردّ عنيف

سواليف
يواجه خليفة حفتر أزمة جديدة بخسارة أهم حفائله بمدينة سرت وهي قبيلة القذاذفة التي ينحدر منها الرئيس المخلوع معمر القذافي، بعدما اعتدت قواته على المدينة واعتقلت عدداً أبنائها وقتلت أحدهم، فقد توعدت القبيلة قوات حفتر برد عنيف، خاصة وأنه استعان في عدوانه على أبناء جلدته يمرتزقة من جيش تحرير السودان.

أسفرت الاعتداءات على أهالي سرت عن انشقاق عدد من أبناء قبيلة القذاذفة الضباط وانسحابهم من صفوف قوات حفتر، فيما خرج المجلس الاجتماعي للقبيلة ببيان يطالب فيه بإطلاق سراح كل المعتقلين من أبناء سرت، معتبراً عدم الاستجابة للمطالب يعني وصف “عملية الكرامة” بالعدو الواجب قتاله.
ميليشيات حفتر تقتل مواطناً في سرت

وقالت مصادر مطلعة لـ”عربي بوست” أن كتيبة طارق بن زياد التي يشرف عليها أحد أبناء خليفة حفتر استعانت بمرتزقة حركة جيش تحرير السودان بقيادة “مني آركو مناوي”، وقتلت أحد أبناء القبيلة ويدعى ناصر اعويدات القذافي، حيث دهسته سيارة مسلحة أمام منزله.

كما اعتقلت عدداً من مؤيدي سيف الإسلام القذافي، وأبرز هؤلاء ـ وفق المصادر ـ “نصر محمد بلقاسم الزياني، وعبد الهادي عطية الزياني، وقذوفه عويدات، واصيل محمد زيد، وميلاد سالم فرحات، وعلى عبد الله سعيد، وحمزة علي السويدي، وحمزة بدري اصبيع، وعلي جمعة عمران، واسامة حسن الساعدي، مجدي حسن الساعدي”.

وكانت قوات الكرامة قد بدأت في حملات الاعتقال فور إعلان مؤيدي سيف الإسلام القذافي عن تنظيم أولى مسيراتها المؤيدة له، واعتقلت الشيخ محمد عبدالسلام النقيب رئيس المجلس الاجتماعي لقبائل زليتن بالداخل والخارج، ومنسق فرع الجبهة الشعبية اجدابيا أحمد الزوى، مستهدفة ترهيب مؤيديه ومنعهم من الخروج في المسيرات.

كما طالت الاعتقالات نشطاء ومدونين، من بينهم، خالد المغربي وبوزيد الجبو، وغيرهم.
هل يدفع حفتر قبيلة القذاذفة لمواجهته عسكرياً في سرت ؟ / رويترز
“القذاذفة” تسحب أبناءها من ميليشيات حفتر

بعد حملة الاعتقالات التي نفذتها قوات حفتر في سرت، طالب المجلس الاجتماعي لقبيلة القذاذفة، بإطلاق سراح كل المعتقلين من أبناء سرت، وعدم التعرض للتظاهرات والاحتجاجات التي ينظمها أبناء سرت ، وشدد المجلس في بيانه أن عدم الاستجابة لهذه المطالب يعني اعتبار “عملية الكرامة” عدواً وجب قتاله.

وطالب مجلس القبيلة في بيانه، بتسليم العناصر التي تسببت في قتل ابنها ناصر عويدات القذافي، وتسليم العناصر التي اقتحمت منازلهم أفراد اقبيلة.

وشدد البيان: “نحذر إن لم يُستجب لهذه المطالب فوراً فإن الأمور ستؤول إلى ما لا يحمد عقباه، سوف نقاتل “عملية الكرامة” ، وندعو كل أبناء القبيلة الذين انضموا إليها بالانسحاب منها فوراً”.
أتباع القذافي في مصر ينشقون عن حفتر

الانشقاقات حول حفتر لم تتوقف عند أبناء قبيلة القذاذفة في سرت، بل انضمت إليها أطراف رئيسية من أنصار النظام السابق كانت داعمة لحفتر، أولهم موسى إبراهيم الناطق باسم ما يسمى بـ”المقاومة الشعبية” التي تتخذ من مصر مقراً لها، حيث نشر بياناً بصفحته الرسمية بعنوان “إفلاس الرجمة والموقف الصحيح للوطنيين في ليبيا”.

وقال إبراهيم في بيانه: “إن عمليات المداهمة والقبض والاعتقال التعسفي التي طالت العشرات من المدنيين في عدة مدن في شرق ليبيا وتطورت اليوم في سرت إلى الإعتداء على العائلات وقتل الشباب وترهيب الأطفال في مضاجعهم، يزيد من تكريس الصورة السلبية لقيادة مشروع “الكرامة” والجيش، ويفضح النزعة السلطوية والجهوية والفردية المسيطرين على الأمور في الرجمة”.

وتابع إبراهيم قائلاً: “كان لدى الكثيرين بارقة أمل أن يتجه مشروع الكرامة والجيش التابع له وبشكل تدريجي نحو حاضنة وطنية تجمعه مع بقية أحرار الوطن، ولهذا انضموا بالآلاف للجيش والعمل السياسي الموازي له ولكن رهاننا عليهم خسر لأسباب ذكرتها في رسالة مرئية سابقة قبل 5 أشهر”.

فيما قال منسق العلاقات الليبية المصرية إبان حكم القذافي، أحمد قذاف الدم : “إن ما حدث بالأمس في مدينة سرت المجاهدة، من مداهمات بالرصاص على أحياء ومنازل الأمنين، هو عمل مدان بكل المقاييس، وغير مبرر لقبائل أيدت القوات المسلحة”.

وأضاف قذاف الدم أن أهالي سرت اعتقدوا أن السلام عاد إلى هذه القرية الآمنة التي ذاقت مرارة أفعال الدواعش الذين نصبوا المشانق لأهلها باسم الدين، واعقبتها غزوات من هنا وهناك حتى عاد الجيش”، وداعا حفتر للتدخل والتحقيق في الجرائم ومعاقبة المتورطين.
أحمد قذاف الدم يدين اعتداءات حفتر على سرت ويعتبرها مثل أفعال داعش
مقرات حفتر العسكرية هدف مشروع

وأكد الناشط السياسي أحميد القذافي لـ”عربي بوست” أن ميليشيات حفتر سلمت القبيلة جثمان ناصر القذافي بعد تدخل أعيان قبائل المنطقة الشرقية وأمرت بسجن العناصر المسؤولة عن الاعتداءات التي وقعت.

وأضاف القذافي أن عدد من المتهمين في حادثة مقتل ناصر القذافي واعتقال الآخرين أكثر من 30 مسلحاً ليبياً من المنطقة الشرقية فضلاً عن المرتزقة التابعين لحركة تحرير السودان و أن القبيلة تصر على تسليم الجناة لجهاز أمني بمدينة سرت.

كما أكد القذافي أن مرتزقة الجنجاويد قاموا أمس بالاعتداء على أحد أبناء قبيلة الحسون بمدينة سرت وجدت على هاتفه صوراً لسيف الإسلام القذافي بعدما قامت بتفتيشه، ثم ألقت به في الطريق بعد تعرضه للإغماء من شدة الإعتداء.

مشيراً إلى أن المرتزقة انسحبوا من منطقة بوهادي بعد الاشتباكات التي وقعت في اليومين الماضيين وأن قبيلته بانتظار تنفيذ مطلبهم بالانسحاب من مناطق الغربيات وجارف والمناطق التي تقطنها القبيلة إضافة إلى وسط المدينة.

وتابع القذافي أن المدينة تعج بأعداد كبيرة من المرتزقة السودانيين والروس والجنجاويد ومرتزقة أخرين من تشاد وسوريا واليمن، فضلاً عن مؤيدي حفتر من أبناء قبائل المنطقة الشرقية.

إضافة إلى أبناء قبيلة الفرجان من أبناء عمومة حفتر، قدموا لمدينة سرت بأسلحتهم ومعداتهم عبر طائرات شحن كبيرة نقلتهم من بنغازي مطار القرضابية بسرت.

وأكد أن أكثر من عشرين ضابطاً من أبناء قبيلة القذاذفة انسحبوا من صفوف حفتر بعد الحادثة مشيراً إلى وجود قرابة 5 ضباط لم ينسحبوا بعد، وسوف ترفع القبيلة عنهم الغطاء الاجتماعي حال استمرارهم في صف حفتر.

مشدداً على أن القبيلة في حال عدم التزام حفتر بتنفيذ مطالبها ستقوم برد مسلح وعنيف في المناطق التي تسيطر عليها القبيلة، إضافة إلى المناطق التي تمتلك فيها القبيلة تحالفات قوية خصوصاً في الجنوب.

مشيراً إلى نقل المعارك إلى مناطق خارج سرت وأن كل المقرات العسكرية والمسلحين التابعين لحفتر سيصبحون هدفاً مشروعاً لقوات القبيلة”.
حفتر يعزل سرت ويقطع عنها الاتصالات

أكدت مصادر أن ميلشيات حفتر قطعت الاتصالات وخدمات الإنترنت داخل المدينة وعزلتها، بعد أن طالبت حكومة الوفاق بجعل المدينة منزوعة السلاح.

مضيفة أن ميليشيات حفتر نشرت دوريات مسلحة في بعض الشوارع الرئيسية، في حين قالت شركة المدار الجديد إنَّ خدماتها داخل المدينة وفي ضواحيها توقفت بسبب إيقاف معدات الربط الشبكي بمُقسّم مدينة سرت قامت به جهة مجهولة.

وأضافت المصادر أن المواطنين في سرت يعتمدون الآن على وسائل الاتصالات الفضائية مثل هواتف الثريا وخدمات الإنترنت المرتبطة بالأقمار الصناعية في ظل انقطاع كافة الاتصالات المحلية عن المدينة.
استنكار حقوقي للاعتقالات التعسفية

أعلنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إدانتها لاستمرار حملات الاعتقالات التعسفية والعشوائية بمدن سرت وأجدابيا وبنغازي، التي نفذها جهاز الأمن الداخلي وكتيبة طارق بن زياد التي يُشرف عليها أحد أبناء خليفة حفتر.

واستنكرت اللجنة في بيان إعلامي، ما وصفته بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مدن بنغازي وسرت وأجدابيا، مُعتبرة أنها اعتداء على الحريات العامة والحياة المدنية.

وأنها تعدٍّ على حرية الرأي والتعبير التي يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية، والإعلان الدستوري المؤقت.

وطالبت اللجنة الجهات المسؤولة عن عمليات الاحتجاز غير القانوني والاعتقال العشوائي، دون أوامر من الجهات القضائية، بالكشف عن مصير المُعتقلين وكافة المختطفين والمختفين قسرياً وإطلاق سراحهم فوراً، وحملتهم مسؤولية سلامتهم وحياتهم.

كما طالبت اللجنة السلطات في شرق ليبيا، بالعمل بجدية على ضمان حق التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي لكافة الآراء والتوجهات السياسية.
سرت بين تردي الأمن وخطر الألغام

تعيش مدينة سرت بعد سيطرة ميليشيات حفتر عليها في يناير الماضي على وقع تجازات أمنية واعتقالات تعسفية طالت أهالي المدينة وتخريب وسرقة منشآتها ومكنت مليشيات حفتر المرتزقة من احتلالها، حيث سيطر مرتزقة “فاغنر” الروسية على قاعدة القرضابية، وانتشرت عناصر حركة تحرير السودان في محطات الوقود وعلى شواطئها.

وغرقت مدينة سرت في دوامة من الفوضى وتردي الأوضاع الأمنية والمعيشية في ظل نقص الوقود وشح السيولة مع انتشار فيروس كورونا.

وبحسب مصادر محلية مطلعة أكدت أنه منذ الأيام الأولى التي سيطرت فيها ميليشيات حفتر على سرت بدأت تنتشر ظاهرة التعدي على مؤسسات الدولة وأملاك المواطنين في المدينة حيث أحرقوا مبنى هيئة الثقافة وسرقوا محتوياته.

كما قامت قوات حفتر بخطف عميد المدينة وأحرقت مبنى البنيان المرصوص، وشنت الميليشيات حملة اعتقالات واسعة لمنتسبي العملية التي قضت على داعش عام 2016.
مفخخات تركتها ميليشيات حفتر
يواجه أهالي سرت خطر الألغام التي زرعتها ميليشيات حفتر والمرتزقة التابعون لها

كما شهدت مدينة سرت أيضاً تمدد سيطرة مرتزقة فاغنر وعناصر حركة تحرير السودان على مرافقها العسكرية والمدنية، واستمرار تدفقهم عليها عبر رحلات جوية من بنغازي.

و في يوليو/تموز الماضي، قتل مرتزقة فاغنر مواطنَيْن وجرحوا آخر بعد أن انهالوا على الثلاثة بوابل من الرصاص أثناء توجههم إلى مراعي الإبل التي يملكونها جنوب منطقة وادي جارف.

كما قامت عناصر فاغنر بزراعة الألغام في المدينة بين الأحياء وداخل البيوت ما تسبب في وفاة أكثر من 5 أشخاص بالمدينة حتى الآن، وفق المصادر.
من هي قبيلة القذاذفة؟

هي القبيلة التي ينحدر منها معمر القذافي، حيث ولد وقضى جزءاً كبيراً من حياته المبكرة، في نجوعهم بالبادية، بكون القذاذفة كانت قبيلة بدوية بامتياز، وتعتمد في حياتها على الإبل فإن أغلب تواجدها في الساحل الليبي بمدينة سرت وتعتبر وادي الحنيوة ووادي تلال ووادي بوهادي من مناطق القذاذفة الرئيسية.

المصدر
عربي بوست
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى