اردوغانيات / د . خالد غرايبة

اردوغانيات
وانت تشاهد مقابلة الجزيرة مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، تشعر بارتباط عاطفي مع الرجل الذي توحي لك لغة جسده بإيمانه وبتصالحه مع نفسه وبصدقه وبإدراكه بما يستطيع وبما لا يستطيع. فالرجل شخصيه كاريزمية من الطراز الرفيع وهو خطيب مفوه ولديه القدرة على العزف على جميع الاوتار الحساسة لكل من البسطاء والنخبة على السواء.
فخطب اردوغان البليغة تذيب من يسمعها وتجعله يشعر أنه لا زال هنالك أملٌ في أن يعود مجد حضارتنا يوماً وهذا غذاء عقول المسلمين في مشارق الارض ومغاربها.

الا أن ذلك لا يعني ان الرجل “يبيع الكلام” فهو يعلم ما يقول ويعلم كيف يؤثر في جمهوره. وقد اثبت انه رجل فعل كما هو رجل قول. فالجميع يعرف انجازاته وذكائه وبراعته السياسية، ويعرفون ايضاً أن الرجل نظيف اليد ونظيف التاريخ ولا يستطيع احدٌ أن يغمز من قناته في ذلك.

ربما لم يحصل زعيم لدولة عربية او اسلامية على الشعبية التي حصل عليها اردوغان في الزمن الحديث. ولعل سبب ذلك يعود الى بالدرجة الاولى الى إعتزازه بالإسلام وبحضارة المسلمين وإلى مواقفهِ في ما يتعلق بقضايا المسلمين في العالم، وخصوصاً قضية فلسطين، وإن كانت تلفزيونية احياناً. ولكني اعتقد ان الأهم من ذلك كلِّهِ هو حالة “إنتظار المخلُّص” الناتجة عن حالة الوهَن التي تسود بلادنا العربية والتي هي جزء من تراثنا الثقافي المتأصل في الشخصية العربية.

اردوغان نموذجٌ سياسيٌ وثقافيٌ وفكري إسلامي متميز وفريد ولكنه أولا واخيراً شخصية وطنية تركية فأولويته تركيا فقط. وهذا لا يعيبه، بل يجعلنا نرفع له القبعة احتراماً لاخلاصهِ لوطنهِ ولمصالحه العليا.

قد تكون الوظيفة الرئيسية لأردوغان في زمن امتنا هذا ان يكون قدوة للحكومات والنخب العربية بفكره وببراعته وبإخلاصه لوطنه؛ الا ان التفكير بأن اردوغان سيخرج العرب والمسلمين من مأزقهم الحضاري فتلك سذاجة كبيرة. فأردوغان لن يستطيع ان يقدم حلولاً لمن لا يرغبون بحل مشاكلهم.

ودمتم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى