القانون الثاني عشر .. قانون الإستمتاع والمكافأة

القانون الثاني عشر .. #قانون #الإستمتاع و #المكافأة

أنس معابرة

هل #الحياة كلها #تحديات وصعوبات؟ لماذا يصف البعض الحياة بأنها #المعاناة الخالصة، بل ويبررون بكاء الطفل حين ولادته بصعوبة الحياة ومشقتها، ألا يوجد في الحياة لحظات من الإستمتاع، إلا تستحق أنت ومن حولك من أسرة وزملاء وأصدقاء وأصحاب المكافأة على مجهود بذلتموه، أو هدف حققتموه، أو غاية وصلتم اليها بعد عناء؟

يعتقد العديد من الناس ممن يصفون أنفسم ب “الجادين”، بأن الحياة تخلو من المتعة والفرح والإستمتاع والإستجمام، وربما نضيف إليهم بعض أولئك المتشددين في الإلتزام الديني، الذين يعتقدون بأن الحياة صلاة وصيام وقيام الليل وتهجد وقراءة للقرآن وذكر الله فقط، وما عدا ذلك فهو لهوٌ منهيّ عنه، وإضاعة للوقت والجهد والمال.

شخصياً أعتبر الحياة مجالاً واسعاً للسعي والعناء، وفرصة لتحقيق الأهداف والطموحات، بل ما خلقنا الله عز وجل إلا لأجل هدفٍ سامٍ يتمثل في عبادته وإعمار الأرض. وبالمقابل الحياة فرصة لنا للتعبير عن سعادتنا في الأهداف التي وصلنا اليها، وهي فرصة لإسعاد مَن حولنا، وإدخال البهجة الى قلوبهم، خصوصاً بعد مجهودهم في الوقوف الى جانبنا ودعمنا في الوصول الى تلك الأهداف وتحقيق تلك الغايات.

كن على علم تام بأنك تستحق مكافأة بعد كل مجهود بذلته، وكل هدف حققته في حياتك، وكذلك جميع مَن هم حولك؛ يستحقون المكافأة في المتعة والراحة بعد الجهود التي بذلوها في دعمك أو خدمتك، تماماً كالعامل الذي يُصلح لك سيارتك، فإنك تكافئه مباشرة بالمال الذي يستحقه مقابل تلك الخدمة. اليك مجموعة من أشكال المكافأة التي يجب أن تكون حاضرة في حياتك، بل يجب عليك أن تحرص عليها لتنال الحياة السعيدة:

  • أشكر ربك

ألا يستحق الرب الذي خلقك في أحسن صورة، وأتم عليك حسن الخُلُق والخَلق أن تشكره؟ أليس من الواجب عليك أن تحمد الله عز وجل على جميع النعم التي حباك بها من غير حول منك ولا قوة؟

في حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: “لمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟” فقال عليه الصلاة والسلام: “أفلا أحب أن أكون عبداً شكورا”. هذا الحديث هو ملخص ما أردت قوله في هذا الموضوع، بأن عليك أن تكون عبداً شكوراً لله على النعم التي إختصك بها، كنعمة الإسلام والصحة والزوجة الصالحة والأولاد والعمل والرزق وغيرها، بينما حُرم الملايين حول العالم من تلك النعم أو بعضها.

ومكافأتك لخالقك تكون من خلال إتباع أوامره وإجتناب نواهيه، تماماً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في قيامه الليل حتى تتفطر قدماه الشريفتان.

  • كافئ نفسك

بعد يوم من العمل الطويل الشاق، حققت فيه النجاحات، وقمت بالواجبات المسندة إليك بنجاح، أو بعد تحقيق هدف ديني أو دنيوي، كصيام شهر رمضان، أو صيام يوم تطوع، أو إتمام بناء منزل، أو شراء سيارة، فأنت تحتاج الى مكافأة.

عليك أن تشكر نفسك على تلك الجهود التي قامت بها، وعلى التحديات التي واجهتها، وعلى صبرها على جميع المغريات، والمواصلة في الطريق لحين تحقيق الهدف.

لا بد أن تكون المكافأة بحجم الإنجاز الذي قمت به، فبعد يوم عمل طويل تحتاج الى جلسة إسترخاء طيبة الى جانب فنجان قهوة، تخفف فيها من الضغوط التي لاحقتك خلال العمل. وبعد تحقيق إنجاز كبير كالحصول على علاوة في العمل نتيجة لجهودك؛ فأنت تحتاج الى رحلة إستجمام الى إحدى المناطق السياحية، تدفعك الى المضي في طريقك، والإستمرار في طريق النجاح.

قال سلمان الفارسي لأخيه أبي الدرداء رضي الله عنهما: “إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه”، وهي المقولة التي أيدها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: “إن لجسدك عليك حقاً، مثل الذي قال سلمان”.

كإدراكك لأهمية المكافأة والمتعة؛ لا بد أن تدرك أيضاً موقعها في سُلَّم الأولويات، فلا نضع المتعة والمكافاة في المُقدمة دوماً لأن لنفسنا علينا حقاً، لأنك بالتالي لن تختلف كثيراً عن مدمن المخدرات، الذي يعتبرها متعة، ويضعها في قائمة أولوياته. ولكن نرتب أولوياتنا وفق مبدأ الأهمية، بحيث نحصل على المتعة والمكافأة عند إحراز تقدم، أو عند تحقيق إنجاز يستحق ذلك.

  • كافئ أهلك

لم أعرف الإجتماع في أيام الميلاد في طفولتي وصباي، وبعد أن تزوجت وقامت زوجتي بعمل ذلك الإجتماع في يوم ميلادي وميلادها، وفيما بعد لأولادنا، أدركت مدى السعادة التي تدخل الى قلوب جميع الحاضرين في ذلك الاجتماع، وأدركت أهمية تقدير الشخص ومكافأته بالإجتماع في يوم ميلاده ومكافأته وتكريمه بهدية بسيطة.

طبقتُ تلك الفكرة مع أسرتي الكبيرة، فأصبحت أنظم الإجتماعات في مناسبات متعددة، كيوم ميلاد والداي، وإخواني وأخواتي وأولادهم، نجتمع ونأكل الحلوى ونضحك ونلعب، ثم يعود الجميع الى بيوتهم وقد دخلت السعادة الى قلوبهم.

اليوم وبعد سنوات طويلة على تلك الإجتماعات التي كنت أنظمها، ما زالوا يتذكرون تلك المناسبات، ويتذكرون مقدار السعادة التي شعروا بها مقابل مكافأة بسيطة تمثلت في اجتماع عائلي.

أستغربُ كثيراً من أولئك الذي يحرمون الاجتماع في يوم ميلاد أحدهم لتناول الحلوى، وتهنئته بيوم ميلاده، هل التحريم في الإجتماع وهو نوع من أنواع صلة الرحم؟ أم في المناسبة التي لا تتعدى ذكرى يوم ميلاد أحدهم؟

وتماماً كما قال سلمان رضي الله عنه، “لأهلك عليك حقاً”، إلا تستحق الأسرة منك مكافأة في صبرها على مزاجك المتعكر أحياناً؟ أم لا تحتاج الزوجة مكافأة على مجهودها في تدبير شؤون المنزل، والعناية بالأطفال طوال الوقت دون شكوى أو تذمر؟ أولا يحتاج الأطفال الى مكافأة على نجاحهم في دروسهم وتحقيق الدرجات العالية، لتكون حافزاً لهم في الأيام القادمة؟

بلى؛ يحتاج جميعهم الى مكافأة على جهودهم، قد تكون عبارة عن فسحة مسائية في إحدى الحدائق والمتنزهات، أو دعوة لوجبة طعام في أحد المطاعم، تخرجهم بها من أجواء المنزل الرتيبة، وقد تكون على شكل هدية بسيطة لزوجتك على جهودها الكبيرة، أو لأحد الأطفال على تفوقه في دراسته.

وقد تكون مكافأة الوالدين بإجتماع صغير شهرياً مع أبناءهم وبناتهم وأولادهم، لإدخال السرور الى قلبهم، أو تخصيص مبلغ شهري بسيط لدعمهم في مواجهة متطلبات الحياة.

أما الأخوة والأخوات وأبناءهم، فلهم علينا حق المكافأة أيضاً، كدعوتهم لعشاء عائلي في مناسبة ما، أو لرحلة لإحدى المناطق السياحية، تخفف عليهم ضغوط الحياة المختلفة، وتعمق أواصر المحبة بينكم.

  • كافئ زملاءك

ولزملائك في دراستك أو عملك حق المكافأة أيضاً، فهم من دعموك للوصول الى غايتك، ووقفوا الى جانبك لحين نجاحك أو تخرجك، أو لحين ترقيك في عملك، ولولاهم ما حققت تلك الدرجات من النجاح.

وتماماً كما ذكرنا في “قانون الإتيكيت”؛ لا بد من إستعمال مفاتيح القلوب من كلمات الشكر والثناء، فهي أبسط الأساليب للمكافأة، وأكثر من قول “جزاك الله خيراً”، تماماً كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من صُنِع إليه معروفاً، فقال لفاعله: جزاك اللَّه خيراً، فقد أبلغ في الثناء”.

ولا مانع في تطوير علاقتك مع بعض الزملاء، الذين تجد فيهم الصدق والإخلاص والأمانة، في دعوتهم الى غداء في أحد المطاعم كمكافأة لهم على جهودهم، وربما يتطور الأمر الى إتخاذك لبعضهم أصدقاء، وتبدؤون في التزاور العائلي، لتتحول علاقة الزمالة الى صداقة وثيقة، وأخوة في الله.

  • كافئ مجتمعك

ويستحق الناس من حولك على مكافأة على جهودهم في خدمتك أيضاً، فالجيران بحاجة الى مكافأة لصبرهم على إزعاج أولادك أحياناً، وعامل النظافة بحاجة الى مكافأة على محافظته على باب منزلك نظيفاً، وعامل البقالة والمخبز بحاجة على مكافأة ايضاً. نعم هم يأخذون أجورهم للقيام بتلك الأعمال، ولكنهم بحاجة الى دافع للإستمرار بالقيام بها، ولحافز يدفعهم الى بذل المزيد من الجهد في أعمالهم.

قد تكون مكافأتهم في إبتسامة صباحية في وجههم، أو تحية تلقيها عليهم كلما مررت بأحدهم، أو كلمات شكر وثناء بعد آداء خدمة مميزة لك، أو مبلغاً بسيطاً من المال تضعه في يد أحدهم تعينه به على متطلبات الحياة.

خلاصة القانون

الحياة لا تخلو من المتعة والفرح والإستمتاع والإستجمام، وليست خالصة للصلاة والصيام وقيام الليل والتهجد وقراءة القرآن وذكر الله فقط، بل هي مكان لكل ذلك، بالإضافة الى حقنا في الراحة والمكافأة والإستجمام.

كن على علم تام بأنك تستحق مكافأة بعد كل مجهود بذلته، وكل هدف حققته في حياتك، وكذلك جميع مَن هم حولك؛ يستحقون المكافأة في المتعة والراحة بعد الجهود التي بذلوها في دعمك أو خدمتك.

يستحق الخالق منك الشكر والثناء على النعم التي حباك بها، ومكافأتك لخالقك تكون من خلال إتباع أوامره وإجتناب نواهيه، وعبادته حق العبادة.

قال سلمان الفارسي لأخيه أبي الدرداء رضي الله عنهما: “إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه”، وهي المقولة التي أيدها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: “إن لجسدك عليك حقاً، مثل الذي قال سلمان”.

عليك أن تشكر نفسك على تلك الجهود التي قامت بها، وعلى التحديات التي واجهتها، وعلى صبرها على جميع المغريات، والمواصلة في الطريق لحين تحقيق الهدف، ويكون حجم المكافأة بحجم الإنجاز الذي قمت به.

يحتاج أهلك كزوجتك وأولادك ووالديك وإخوتك الى مكافأة على جهودهم، قد تكون عبارة عن فسحة مسائية في إحدى الحدائق والمتنزهات، أو دعوة لوجبة طعام في أحد المطاعم، وقد تكون على شكل هدية بسيطة لزوجتك على جهودها الكبيرة، أو لأحد الأطفال على تفوقه في دراسته، أو اجتماع عائلي، أو دعم مادي لوالديك.

كافئ زملاءك في العمل أو الدراسة على وقوفهم الى جانبك، وكافئ المجتمع من حولك كالجيران والعمال على الخدمات التي يقدمونها لك، وذلك من خلال إبتسامة أو تحية، أو مبلغ مادي بسيط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى