القانون الثالث عشر
#قانون الألم
أنس معابرة
تحدثت في القانون السابق عن حقك في #المكافأة والتقدير بعد إنجاز معين، أو الوصول لهدف طالما تطلعت للوصول اليه، ذلك يعني أنك نجحت في مسعاك ووصلت الى مبتغاك، ونلت المكافأة التي تستحق.
ولكن ألم تواجهك العديد من #الصعوبات والمتاعب للوصول الى ذلك #الهدف؟ ألم تحس بالألم والمعاناة؟ وكيف سيكون شعورك لو لم تصل الى ذلك الهدف؟
لو أردنا أن نجمع الأشخاص الذين شعروا بالألم في مرحلة ما من مراحل حياتهم في صعيد واحد، كفشل أحدهم في الدراسة، أو ألم جسدي كوجع، أو ألم نتيجة فقد شخص عزيز، أو ألم ناتج من خيانة صديق أو قريب، أو ألم بسبب ظلم وإفتراء تعرض له، وغيرها الكثير من أشكال الألم، ستكون النتيجة بأنك جمعت جميع الناس، ولم يتخلف منهم أحد.
• أنواع الألم وحقيقته
هنالك نوعان رئيسان من الألم؛ ولا بد لكل إنسان أن يتعرض اليهما عبر صعوبات تواجهه خلال مسيرته في هذه الحياة وسعيه لتحقيق أهدافه، وتتسبب تلك المصاعب بالشعور بالألم، وربما يأتي ذلك الشعور من خلال الإخفاق في الوصول الى الأهداف أيضاّ، ولكنه في كلتا الحالتين لا يتعدى الألم النفسي، الذي يشعر به العقل والقلب.
وهنالك نوع آخر من أنواع الألم، ألا وهو الألم الجسدي، كأن تشعر بالألم الشديد في خاصرتك، وعند مراجعة المستشفى، تجد بأنه لا بد من إجراء عملية جراحية لإزالة الزائدة الدودية. أو حين تشعر بألم شديد في الأسنان، أو بصداع في الرأس، أو ألم في المعدة، وهو ذاته الألم الذي تشعر به حين تمتد يدك للإمساك بشيء ساخن.
جميع القوانين حتى الآن تحدثت عن متطلبات لا بد من تواجدها في الإنسان لتتحقق له السعادة في حياته، ولكن ماذا عن الألم في هذا القانون؟ هل من المفروض أن يكون الألم متواجداً في حياتنا لتحقيق السعادة؟
إن الحقيقة المهمة التي لا بد من إدراكها أن الألم جزء من حياتنا، سواء رغبنا بذلك أم رفضناه، وهو موجود بنوعيه: الجسدي والنفسي، وتكمن السعادة في كيفية تعايشنا مع الألم، وتقبلنا لوجوده في هذه الحياة، وتحقيق الفائدة من نوبات الألم الجسدي أو النفسي الذي نمر به بين الفينة والأخرى من خلال ما يسمى بالقانون التراجعي.
إذا كنت من الملايين حول العالم، والذين يمتلكون عدداً من الكيلوجرامات الإضافية، ويسعون الى خسارتها، فلا بد أن الكلام هنا سيعجبك كثيراً. أنت تسعى لإنقاص وزنك، ذلك يعني أنت تمتلك وزناً إضافياً، ويتسبب ذلك في إيلامك، وتسعى لأن تمتلك جسداً جميلاً متناسقاً، من خلال إتباع حِمية غذائية وممارسة التمارين الرياضية، ومن المؤكد بأن تلك المدة التي ستقضيها في خسارة الوزن ستكون بالنسبة لك كقطعة من جهنم.
لأنه من المؤكد أن ستنظر الى نفسك في المرأة كل يوم بألم، وتزيد من كرهك لنفسك بهذا الشكل، وستزداد تعاستك وأنت تنظر في قراءة الميزان، وتحسب عدد الجرامات التي خسرتها.
ينص القانون التراجعي للفيلسوف الآن واتس على أن: “الرغبة في التجارب الإيجابية تجربة سلبية. وقبول التجارب السلبية تجربة إيجابية”. أي بإختصار؛ أنك كلما لاحقت أمراً ما بشدة وجعلته هدفاً مصيرياً، فإنك ستشعر بالسوء تجاهه، بينما لو تجاهلته جزئياً، فسيكون شعورك أفضل بكثير.
أنا لا أدعوك الى التوقف عن الحِمية الغذائية، أو التمارين الرياضية، ولكن دعوتي بأن لا تجعلها – هي أو غيرها – محور حياتك، وعدم تحقيقها سبباً لزيادة ألمك.
كلنا يتطلع الى أن يصبح غنياً، أو وسيماً رشيقاً، أو محبوباً من الجميع، أو مشهوراً بين الناس وحول العالم، ولكن أن تضع واحدة من تلك السمات هدفاً مصيرياً لك؛ سيجعلك تركض خلفها طوال حياتك، دون أن تحقق هدفك الذي تطمح اليه، وفي نفس الوقت ستزداد نسبة الألم في حياتك.
لقد كان الاهتمام المُفرِط بالجمال لدى بعض النساء سبباً لخوضهم غِمار عمليات التجميل، والعبث بما وهبه الله لهم من جمال، بل والطمع في الحصول على رسمة معينة للعين، ونفخة محددة للشفاه، وبروز في الخدين وغيرها، وبعضهن لم يستطعن التوقف عند حد معين من تلك العمليات، الأمر الذي تسبب في مضاعفات طبية لبعضهن، ووفاة البعض الآخر. لقد تسببت ملاحقتهن المُفرِطة لموضوع الجمال بضياع سعادتهن، والقضاء على أحلامهن.
ولمزيد من التوضيح؛ لتذهب امرأة جميلة الى أحد أطباء التجميل، وستجد أنها بحاجة الى عدة عمليات، فأنفها يميل بنسبة 0.005%، وخدها بحاجة الى بروز بمقدار 0.003%، وشفاهها بحاجة الى نفخ بمعدل 0.01%، هي لم تكن تعلم بكل تلك الحقائق، بل كانت سعيدة بتلك النعم التي حباها الله بها، لقد كانت على قناعة تامة بأنها جميلة، ولكن متابعتها المُفرِطة لهذا الموضوع جعلها تدرك أنها بشِعة جداً، وبحاجة الى “تعديل”، وتسبب ذلك بالمزيد من الألم والمعاناة لها.
المثال الثالث يتعلق بالمال، فطموحك لأن تصبح غنياً نابع من فقرك في الوقت الحالي، وبالتالي ستسعى الى جمع أكبر مقدار من المال، ولكن المشكلة لن تتوقف عند حد معين، وستتحول الى موظف يقوم بجمع المال وتكديسه للورثة من بعدك، وكلما تصل الى الهدف؛ ستقوم بتحديد هدف جديد بعدد أكبر من الأصفار، وطالما لم تصل اليه؛ سيكون الألم رفيقك الذي يقض مضجعك، ويحرمك من السعادة والراحة.
لنأخذ مثالاً رابعاً لأحد الأشخاص الذي فقد والده، من المؤكد أن ذلك سيكون سبباً في تألمه وعذابه، ومن الممكن أن يجلس ليتذكر مآثر والده وتضحياته الى أن يلحق به، وينتقل من حزن الى حزن، ومن ألم الى ألم، ومن الممكن أيضاً أن يطبق القانون التراجعي، في أن يقلل من تركيزه على حالة الألم التي يعيشها، وسيجد أنه يعود تدريجياً الى حياته الطبيعية، بعد كمية محدودة من الألم.
إن من أكثر الأمثلة وضوحاً في تعاليم ديننا الحنيف في السيطرة على الألم من خلال القانون التراجعي؛ هو تحديد مدة العزاء بثلاثة أيام فقط – عدا المرأة على زوجها -، وبعد ذلك تعود الحياة الى طبيعتها، ويعود أهل المتوفى الى أشغالهم وحياتهم، لكي يبتعد تفكيرهم عن الفقيد. بل إن الإسلام حرَّم كذلك المناسبات لتذكُّر المتوفى وإعادة إحياء الحزن في المنزل، كالأسبوع والأربعين، وذكرى الوفاة السنوية، وغيرها، كل هذا من أجل تقليل التركيز على الألم، وفتح الباب أمام الحياة الطبيعية لذويه.
• الألم موجود
في عام 563 قبل الميلاد، وفي بلدة تدعى لومبيني (تقع على الحدود الهندية النيبالية اليوم)، ولأسرة تعتنق الديانة الهندوسية، وُلد سيدهارتا. وتقول الأسطورة بأن الملكة مايا، والدته، رأت في المنام أنها ستلد مُعلماً روحياً أو قائداً عظيماً، ولذلك مُنح اسم سيدهارتا الذي يعني “الإنجاز المثالي”.
أراد والده الملك أن يصير إبنه حاكماً ليخلفه في الحكم وليس معلماً، لذلك حماه خلال طفولته من كل أشكال الألم والأسى، وعاش سيدهارتا حياة من الترف، وحرص والده على تأمين كل متطلباته كي يبقى الى جانبه، ويساعده في الحكم.
كبُر سيدهارتا، وبات شاباً كريماً وطيباً، وفي سن السادسة عشرة، تزوّج من قريبته ياشودارا، وبدأت رغبته برؤية العالم الخارجي تكبُر أيضاً، وعندما بلغ التاسعة والعشرين من العمر، بات يخرج في رحلات قصيرة بعيداً عن القصر، ليكتشف أحوال الناس في المدينة حيث عايش تجارب أثرت على حياته وفلسفته.
رأى سيدهارتا رجلاً عجوزاً للمرة الأولى، ومريضاً للمرة الأولى، وجثة للمرة الأولى. كذلك التقى برجل مقدس يبحث عن الحقيقة، وعن سبل تخفيف شقاء الناس.
تلك المشاهدات تسببت بأسى عظيم لسيدهارتا، لأن حياته المترفة حالت دون معرفته بالشيخوخة والمرض والموت والمعاناة، ولذلك أراد البحث عن سرّ المعاناة، ليضع حداً لها.
هكذا، قرر أن يترك قصر عائلته وزوجته، وينطلق في رحلته بحثاً عن الإجابات. تخلى عن كل مقتنياته، وعن ملابسه الباهظة، لكي يحاول أن يفهم أكثر معنى الشقاء.
زهد سيدهارتا غوتاما بالملذات، وعاش حياة بسيطة خالية من الممتلكات والمُتع، وجرب التأمل المنضبط، وصام لفترات طويلة، لكنه كسر صومه مرة، ليأكل بعض الأرز، ما جعله يلاحظ أنه لم يجد بعد حلّاً للغز القضاء على المعاناة. من هنا، رأى أن الطريقة المثلى للحياة هي ما بات يسمّى ب “الطريق الوسطى”، أي إيجاد حالة وسطية بين الاسراف الذ عاشه في القصر، والحرمان الذي يعيشه خارجه.
واصل غوتاما التأمل لفترات طويلة، ما جعله يبلغ مرحلة التنوّر، ولقب حينها بالبوذا، أو “المتنوّر”. وأسس بوذا جماعة الرهبان البوذيين الأولى أو “السانغا”، والتي تضم أشخاصاً يسعون لتكريس حياتهم للإنضباط ولتعاليم الدارما أو حقيقة الوجود. ونقل بوذا فلسفته وتعاليمه للرهبان الأوائل شفاهياً، ولم تُجمع في نصوص مكتوبة الا بعد مئات السنوات من وفاته.
كان الهدف من تعاليم بوذا إنهاء الشقاء البشري، من خلال النظر السليم، والنية السليمة، والكلمة السليمة، والعمل السليم، وكسب الرزق السليم، والجهد السليم، والذهن السليم، والتركيز السليم.
هذه الأفعال تشكل عجلة دارما الثمانية الأضلع، وهي واحدة من حقائق البوذية الأربعة. والتي تتلخص في النقاط التالية:
الحقيقة الأولى: حقيقة الألم النبيلة حيث ان الحياة الإنسانية في أساسها معاناة متواصلة، منذ لحظات الولادة الأولى وحتى الممات، وطبيعة الحياة تكون في ألمها وأتراحها وأفراحها وعدم كمالها وعدم إرضائها وعدم دوامها وعدم جوهريتها من هذه الناحية.
الحقيقة الثانية: وتتلخص بان الانسياق وراء الشهوات، والرغبة في تلبيتها هي أصل المعاناة، تولدت هذه الرغبة نتيجة عدة عوامل، إلا أن الجهل هو أصلها جميعا، حيث أن الجهل بالطبيعة الحقيقة للأشياء ثم الانسياق وراء الملذات يولدان الجذور الثلاثة لطبيعة الشر، وهي: الشهوانية، والحقد، والوهم، وتنشأ من هذه الأصول كل أنواع الرذائل والأفكار الخاطئة.
الحقيقة الثالثة: إن الشهوة والجهل والتعلق بالأشياء المادية يمكن التغلب والقضاء عليهما، ويتحقق ذلك عن طريق كبح الشهوات ومن ثم القضاء الكلي عليها.
الحقيقة الرابعة النبيلة هي الطريق الذي يؤدي إلى إيقاف الشهوات، ويتألف الطريق من ثمان مراحل، ويسمى بالدرب الثماني النبيل، وتمتد على طول هذا الطريق ثمان فضائل: الفهم والفكر والكلام والسلوك والمعيشة والجهد والوعي والتركيز الصحيح.
صحيح أن البوذية فلسفة لا ديانة، واليوم لها أتباع كُثُر حول العالم، وقد إنحرفوا عن التعاليم التي وضعها لهم مؤسسها، ومالوا الى عبادته وتقديسه، وضربوا بحقائقه الأربع عرض الحائط، إلا أن الهدف من ذكر هذه القصة كلها هو الإشارة الى مقدار الحكمة التي توصل لها بوذا بعد أن تعرض الى مستويات مرتفعة من الألم، بعد أن كان عالة على المجتمع لمدة 29 سنة قضاها في قصر والده.
وهو حال الأنبياء كذلك، لقد تطلب الأمر الكثير من التفكير والهدوء والخلوة من النبي صلى الله عليه وسلم، لم يعجبه حال قومه، وما وصلوا اليه من عبادة الأوثان، وتألم كثيراً من عاداتهم وتقاليدهم، وكان نتيجة ذلك أن كافأه الله بالرسالة.
واحتاج سيدنا موسى عليه السلام لأربعين يوماً من الخلوة والتأمل والصوم وهجران الملذات، لكي يحصل على الرسالة التي وهبها له الله، والتعاليم الربانية التي عاد بها لقومه.
• فوائد الألم
قد يتساءل البعض: وهل للألم فائدة؟ ألا يكفي مقدار العذاب المصاحب للألم مهما كان نوعه، فما الفائدة التي من الممكن أن نجنيها من تعرضنا للألم؟
تخيل أنك لم تشعر بالألم ويدك تقترب من المدفأة، أو والنار قد أمسكت بطرف ثوبك، أو أنك لم تشعر بالألم في جهة القلب واليد اليسرى، هل تعلم ماذا ستكون النتيجة؟
إن الألم الجسدي قد يصيبنا أحياناً، ولكن من المهم أن تدرك أنه عبارة عن إنذار لمصيبة أكبر، أو تحذير من مضاعفات خطيرة، الصداع في الرأس قد يشعرك بضرورة مراجعة الطبيب، وألم الأسنان هو تحذير لتسوس قد يتسبب بخسارة السن لاحقاً، وألم القلب واليد اليسرى هو تمهيد لجلطة قلبية – لا سمح الله -، ويجب عند الشعور به أن تتوجه الى المستشفى فوراً.
عندما سقطت التفاحة على رأس إسحاق نيوتن – على الرغم من عدم تأكيد القصة -، من المؤكد أنها سببت له الألم، فراح يبحث عن السبب الذي دفعها للسقوط، ولماذا لم تتحرك نحو الأعلى أو الى أحد الجانبين، الى أن توصل الى قانون الجاذبية الأرضية، فلولا الألم ما أحس بها نيوتن، ولتأخر الكشف عن قانون الجاذبية لقرون.
إن الألم الذي تعانيه الأم عند الولادة يعتبر أشد أنواع الألم على وجه الأرض بعد الحرق حياً، ولكن الغريب أن الأم بعد ولادتها تعود فتحمل مرة أحرى، ثم أخرى، ولكن ما الذي يدفعها لتحمل كل تلك الآلام عدة مرات؟ إن الأم تعلم جيداً أنها لن تحس بشعور الأمومة لولا تلك الآلام، ولن تجد من يناديها بأمي دون الآلام المخاض، حتى مريم البتول عليها السلام؛ وهي في قمة الألم والمعاناة، يطلب منها الله عز وجل أن تهز الشجرة لتأكل رطباً جنياً.
وملالا يوسف زاي شعرت بالكثير من الألم في حياتها، فهي فتاة باكستانية، سيطرت حركة طالبان على مكان إقامتها، ومنعتْ الفتيات من الذهاب للمدارس. لقد كان بإمكانها الرضوخ للأمر الواقع كغيرها من الفتيات، إلا أنها تحدت الظروف، وكسرت الحصار المفروض من مقاتلي الحركة على الفتيات، وعند عودتها من مدرستها في أحد الأيام، صعد أحد مقاتلي الحركة الى الحافلة التي تستقلها، وأطلق عليها النار في الوجه مباشرة.
لم تمت ملالا، وتم إجراء عدة عمليات جراحية لها، ولكنني أعتقد بأن كمية الألم التي نالتها كبيرة حتى الآن وكافية، فهل توقفت هنا؟ لا لم تتوقف؛ لقد كانت كمية الألم الإضافية تدفعها الى المزيد من العمل للمطالبة بحقوق الفتيات في التعليم، وتم تهديدها عدة مرات، والتهديد بإغتيال أسرتها، إلا أنها زادت الأمل كلما زاد الألم، فما كانت النتيجة؟
لقد بلغ صوتها الآفاق، وطافت حول العالم للترويج لحقوق المرأة في الحياة والعمل والتعلم، وتم بيع الملايين من كتبها، وأصبحت متحدثة مطلوبة حول العالم، وفي عمر 17 عاماً فقط؛ حصلت ملالا عام 2014 على جائزة نوبل للسلام، لتكون أصغر من يحصل على الجائزة على مر التاريخ.
إن الألم جزء من المسار، أو جزء من العملية الحياتية، من المهم لك أن تشعر بالألم في مرحلة ما من مراحل حياتك، ولكن الأهم من ذلك أن تستثمر ذلك الألم لتحوله الى أمل.
• الألم والسعادة
في أواسط القرن العشرين، أجرى عالم النفس كازمير دابروفسكي دراسة على الناجين من الحرب العالمية الثانية، وكيف تعايشوا مع الحرب وذكرياتها، لقد كان أغلبهم في بولندا، وشهدوا على موت الكثير من الناس بالقصف أو الجوع، وتدمير المدن، وحرق القرى، والإغتصاب على يد الألمان أو الروس لاحقاً.
لقد ذكر الباحث في نتائج دراسته: “أن أغلب الأشخاص أفادوا بانهم أصبحوا أشخاصاً أفضل وأكثر مسؤولية وسعادة في الحياة، بسبب الويلات التي عانوها زمن الحرب على الرغم من شدتها وألمها”.
لقد بتنا ندرك جيداً الآن أن الألم ما هو إلا جزء من الحياة، ولن يتم الحصول على الملذات والنجاحات التي نتطلع إليها دون مقدار مناسب من الألم.
يتلخص الرابط العجيب بين الألم والسعادة في إستثمار الألم لتجنب ألم أكبر، وفي وضع حد له من خلال تقليل التركيز عليه، والخروج من حالة جلد الذات وتمريغها في وحل الألم.
وكذلك في تحويل الألم الى أمل تماماً كما فعل الأنبياء عليهم السلام، وبوذا وملالا وغيرهم على مر التاريخ.
خلاصة القانون
لو أردنا أن نجمع الأشخاص الذين شعروا بالألم في مرحلة ما من مراحل حياتهم في صعيد واحد، كفشل أحدهم في الدراسة، أو ألم جسدي كوجع، أو ألم نتيجة فقد شخص عزيز، أو ألم ناتج من خيانة صديق أو قريب، أو ألم بسبب ظلم وإفتراء تعرض له، وغيرها الكثير من أشكال الألم، ستكون النتيجة بأنك جمعت جميع الناس، ولم يتخلف منهم أحد.
الألم نوعان؛ جسدي ونفسي، ولا بد لكل إنسان أن يتعرض اليهما عبر صعوبات تواجهه خلال مسيرته في هذه الحياة وسعيه لتحقيق أهدافه.
فقد شخص عزيز، وزن زائد، الحمل والولادة والتربية، العلل والأمراض، المطالبة بالحقوق، ولد عاق، الظلم والإفتراء والإضطهاد، كلها أمور قد تسبب لنا الألم، وهذا من طبيعة الحياة.
أن الألم ما هو إلا جزء من الحياة، ولن يتم الحصول على الملذات والنجاحات التي نتطلع إليها دون مقدار مناسب من الألم.
يتلخص الرابط العجيب بين الألم والسعادة في إستثمار الألم لتجنب ألم أكبر، وفي وضع حد له من خلال تقليل التركيز عليه، والخروج من حالة جلد الذات وتمريغها في وحل الألم.
وكذلك في تحويل الألم الى أمل تماماً كما فعل الأنبياء عليهم السلام، وبوذا وملالا وغيرهم على مر التاريخ.