انتخابات رابطة الكتاب الاردنيين .. ماذا بعد ؟

انتخابات رابطة الكتاب الاردنيين .. ماذا بعد ؟
اسماعيل أبو البندوره
في الملتقيات والحوارات الانتخابية الدعائية التي تعقد هذه الأيام ( عشية الانتخابات التي ستجري بداية شهر أيلول القادم ) ينحصر النقاش والمداولات حول الانتخابات وطقوسها ويتراجع ويكاد ينعدم الحديث عن الآليات والبرامج والرؤى حول تطوير عمل الرابطة في المجال الثقافي بالدرجة الأولى ، وفي مجال تطوير بنية الرابطة مؤسسياً وتغيير الطرائق الكلاسيكية في العمل والتفاعل على الصعيدين الداخلي والخارجي ، وإعادة النظر في تكوين الهيئة العامة وتضخمها وعزوفها عن المشاركة في أنشطة الرابطة واجتماعاتها واقتصار هذه المشاركة على الانتخابات بشكل حصري .
الرابطة ( وكما هو وضع الكثير من النقابات والروابط ) تعقد في العادة اجتماعاً كل عام أو عامين يتكرّس تماماً للشأن الانتخابي ولا تعقد مؤتمراً نقابياً عمومياً للحوار والتطوير والتغيير وتبادل الآراء والمساءلة والمحاسبة ، ولا يتم في حالات كثيرة مناقشة التقارير الادارية والمالية بشكل دقيق وايجابي يفضي الى التغير والتغيير والارتقاء بالعمل الثقافي المؤسسي ، وأصبح ذلك طقساً من طقوس الرابطة والعديد من النقابات ووضعها في حالٍ مأزقي أو في حالة طقوسية “غير وضد نقابية” لا تعبأ بالمجريات والفراغات والمخالفات وترتضي بحالة منوالية من العمل الباهت التكراري الذي لا يغني ولا يسمن من جوع ويفاقم من حالة الفراغ الناشئة والمتعمقة منذ أكثر من عقدين في صفوف العديد من مؤسسات المجتمع المدني في بلدنا .
وفي مثل هذه الحالة الشائهة يختفي وينوس الصوت النقدي والاحتجاجي الذي يحاول أن ينبّه ويلفت النظر إلى إشكاليات الرابطة والنقابات ويصبح بهذه المثابة صوتاً ضائعاً في البرية أو يتعوده الناس على أنه من منتجات ومفارقات وملابسات طقوسيات الرابطة ورأياً نافراً من لزوميات التهافت العمومي ، ويستمر الأمر على هذا المنوال ويصبح متعذرا على الحل ، وتبقى الأحوال على حالها إلى الدورات القادمة حيث تترحّل الطقوسية ذاتها ولا يظهر في المشهد سوى رموز حياكة وصياغة الكتل واجتذاب الأصوات ثم تعود الأمور إلى مجاريها من حيث تدهور وتجوّف النشاطية النقابية وإشاعة ألوان من الثقافة الباهتة التي تعمق حالة البؤس الثقافي العمومي المزمن .
أجدني مكرهاً منذ أعوام بأن أكرر في العديد من الحوارات حول الرابطة وانتخاباتها بأن على من يريد أن يتحقق من أزمتنا الرابطية عليه أن يدقق في إشكالية وضع الهيئة العامة وخياراتها الانتخابية وأن يتملى في أعاجيب فوضى الاجتماع وإدارته وما يتبعها في لحظة فرز الأصوات ليرى العجب العجاب من المفارقات والعصبويات والانحيازات التي تشير إلى أزمة بنيوية صارخة ومثبّطة تستدعي “إعادة التشكيل التنظيمي والنقابي والرؤيوي” وضرورة التأكيد على أن كل سعي للاصلاح والتغيير لا بد أن يبدأ في إصلاح هذا الانفصام وهذا الخلل البنيوي المزمن في الهيئة العامة.
ومن هنا – كما أرى وأقدر – ومن خلال التمعن في هذا الاختلال المرعب والمؤسي يجب أن نبدأ ، ومن هنا تكون لحظة التفكير بالتغيير وضرورة التفكير بدعوة الهيئة العامة إلى الانعقاد في مؤتمر ثقافي تصحيحي – استثنائي أو عادي – بعد انقضاء فترة الانتخابات لبدء حديث نقابي – ثقافي جدي يناقش الأزمات والمشكلات ويخرج بتوصيات واستخلاصات قد تنقذ الرابطة من دواماتها التي تتكرر كل عامين وقد تعيد إليها بريقها ودورها النقابي والثقافي والوطني الذي حظيت به منذ تأسيسها .
هذا الذي أقول أكاد أسمعه من الكثيرين وما أفعله أنني أخرجه إلى العلن لا حباً في النقد المجرد ولا انتقاصاً من رابطتنا التي بدأت لحظة تأسيسها بتكوين وتشكل فكري ثقافي مغاير ومؤثر وصل صداه إلى آفاق بعيدة محلية وعربية وعالمية في زمن معين ، وإنما هي محاولة من عضو في الهيئة العامة إلى طرح أسئلة لا يتمكن من طرحها في اجتماع الهيئة العامة القادم نظراً للإنهمام الأحادي بالانتخابات ومجرياتها وعدم وجود حيزات وممكنات مناسبة للحوار وطرح الاسئلة والمبادرات والاحتجاجات إذا لزم !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى