الفياضانات وشروط النهضة / د نبيل الكوفحي

الفياضانات وشروط النهضة
د نبيل الكوفحي

ما شهده البلاد خلال هذا الموسم الشتوي من كوارث بشرية ومادية وليس آخرها ما حصل يوم الخميس خصوصا في العاصمة عمان، يصل لدرجة الفضيحة لمن لديهم احساس بالمواطنة. تتكررت المأساة وسوف تتكرر مرات عديدة ما دامت ادارة الدولة تقوم على تعيينات ” محاسيب أصحاب السلطة” و” أصهار أصحاب الذوات” و” الرشا السياسية” لبعض النواب.

ما حصل يُدلل بلا أدنى شك أن كثيرا من ” المسؤولين” يقودون البلاد نحو هاوية سياسية واقتصادية واجتماعية، ولم يعد كلامهم المعسول ينطوي على أحد, فلم تعد نظرية ” أكذب أكذب حتى يصدق الناس” ذات مفعول في زمن أصبح فيه كل مواطن صحفيا وكاتبا، وتأثير بعض الشخصيات أكثر من كل الاعلام الرسمي، غير الاهتمام بسفاسف الامور كما احتفالات امانة عمان الاخيرة دون أدنى شعور بما نعيشه جميعا.

لا بد من اجراء اصلاح سياسي فوري تُعيد السلطة للشعب، يتم انتخاب وتشكيل الحكومات على خلفية برامج سياسية واقتصادية تُقدم للمواطنين عبر أحزاب سياسية، وأن أية محاولات للقفزفوق هذه الحقيقة البشرية، تجعل كل العملية السياسية عبثا لا طائل منها، وتضع كل برامج تمتين الهوية والانتماء الوطني مجرد هراء، وتقتقل الأمل في نفوس كل الشباب الذي يزرح تحت بطالة وقلة رعاية وشعور يتعمق بغياب العدالة. الاجراءات الاصلاحية الشكلية والتبريرات الفجة بالقول بوجود مجلس نواب يراقب ويحاسب الحكومات أصبحت تثير الاستفزاز، بعد تكرار المشهد الممل عبر سنوات من تفصيل القوانين الانتخابية بضمان المخرجات ” نواب حكومات” اولاً مع استثناءات بسيطة لا تُسمن ولا تُغني من جوع.

هناك مشكلة بنوعية وقدرات الاشخاص المسؤولين الذين يقودون معطم مؤسسات الدولة في كل قطاعاتها، ورائحة فساد بعضهم عبر السنوات الاخيرة تزكم الأنوف، وتغييرهم مهم، لكن الأهم تغيير في نهج الاختيار، من نهج يقوم على أساس ” التنفيع والنفاق وحاضر سيدي” الى نهج الكفاءة واحترام الرأي العام وتحمل المسؤولية برجولة، وما أكثرهم في بلدي.

حديث الحكومة الحالية عن مشروع النهضة أصبح مثيرا للسخرية أمام “الانجازات التي تحققت” من: رفع الاسعار والضرائب ومسلسلات التعيينات للوظائف العليا بلا ادنى اعتبار لاسس الكفاءة وقواعد أي نهضة، وتراجع النمو، الأمر الذي يجعلها أمام استحقاق الاستقالة لحفظ ما تبقى من ماء الوجه، ولا أظنها قادرة على السير بالاتجاه الصحيح، فما قيدت نفسها به من أثقال لا يُمكنها من اعادة النهوض الا اذا اعترفت بأخطائها وبدأت تصحيح فوري بدءاً من اقالة وزراء لا يرى المواطن منهم غير ما ينافي الحقائق على الارض واؤلئك الذين يمارسون تضليل الرأي العام، بالاضافة لعشرات المدراء والامناء العاميين الذين لا يمتلكون الحد الادنى من الخبرات الفنية والمهارات الادارية، والذين لا يتقنون غير مهارات الاستعراض غير المتقن.

مجلس النواب ايضاً شريك بحالة التردي العام، اذ أن تركيز جُلَ نوابه على المنافع الفردية والسفرات، وما يكاد يسمع لهم المواطن صوتا معبراً عنه غير قليلين محاصرين، الأمر الذي يستوجب تعديل قانون الانتخاب بما يضمن مجلسا قادماً افضل منه، الأمر الذي لا يُعجز الدولة ان أرادت ذلك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى