الفتى في الصف التاسع / قيود
أعتدت أن أستعير وأقرأ الكتب من مكتبة المدرسة ، ذلك المكان الممتلئ برائحة الكتب القديمة والإضاءة الخافتة والهدوء الآسر ، كان أمين المكتبة شخصية ودودة لطيفة يحفظ آماكن الكتب بدقة عجيبة ..
متعاونآ مع الطلبة ..فأنت تختار الكتاب الذي تشاء وتستعيره و لا يتدخل بأختيارك مطلقآ .
سافر آمين المكتبة يومآ في إجازة إلى قريته ، ودوام مكانه معلم لغة عربية سمين ضخم البنية يكاد عمرة يتعدى الخمسين ، ذو وجه عابس صارم .
دخلت المكتبة عليه ذات مساء ، لأستعير كتاب عنوانه “إدارة الحرب مع إسرائيل ” وهو رسالة ماجيستير تقع في 600صفحة تقريبآ تتحدث عن بنية المجتمع الصهيوني وطبقاته وإيجابياته وسلبياته ، وعن الأقليات في هذة الدولة الحديثة وعن هيكلة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، وأمور عديدة منها آخطاء العرب الكارثية في الحروب مع هذا الكيان السرطاني .
تناولت الكتاب ، وتوجه نحو الآمين المؤقت الذي كان مشغولآ في حل الكلمات المتقاطعه ، استأذنته في أن أستعير الكتاب ، رفع رأسه ووازن نظاراته السميكة ونظر نحوي وقال ما أسم الكتاب ؟
جاوبته “إدراة الحرب مع إسرائيل” !
أخذ الكتاب من يدي ، تصفحة سريعآ ، ووضعه بعيدآ على الطاولة ، وأردف ممتعضآ (روح أقرأ شي من مستواك ، هي مجلات “حاتم” و “الشرطي الصغير” )..!
لم أجادله ، كانت صفعه باردة على وجهي .
من وقتها وانا أكره القيود ، والتحكم في ميول الناس في التفكير والإطلاع ، و الإكتشاف .
جعفر السعيدين