#الـتأطير و #المقاطعة
م. #أنس_معابرة
تعالى النباح في الآونة الأخيرة المُهاجم للمقاطعة التي يخوضها الغيورون على هذه الأمة، أولئك الذين يرفضون التعامل مع شركات ومؤسسات ودول تدعم الاحتلال وجيشها الذي يقتل الأطفال والمدنيين، حتى لو كان ذلك عبر شراء علبة من مشروب غازي، أو مسحوق تجميل.
المهاجمون للمقاطعة مدعومون بلا شك، إما من المؤسسات والشركات التي تضررت جراء المقاطعة، وقاربت على اعلان افلاسها واغلاق فروعها، وخسرت الجزء الأكبر من قيمة أسهمها في أسواق التداول، أو هم مدعومون برغبات وأهواء شخصية بعد أن “تضررت مصالحهم” كما يدّعون، وكأنهم لا ينتمون لهذه الأمة، ويعيشون بمعزل عن المصائب التي يسوقها الاحتلال ومعاونيه.
وقد يكونون من الذباب الالكتروني الذي يعمل لصالح الاحتلال، ويحاول الإشارة إلى عدم جدوى المقاطعة، وكأن الناس اليوم لا يتابعون أسواق الأسهم، ولا يرون أفرع الشركات التي تدعم الاحتلال وهي خاوية على عروشها.
لقد آتت المقاطعة أُكلها رغم أنوفهم، ونرى بأعيننا ما يمكن أن يفعله الشعب الواعي، الذي يعلم مصلحته جيداً، ويرفض الانسياق وراء الإعلانات والعروض والخصومات المغرية، وسيترك تلك البضاعة لتكسد وتصدأ، ولن تجد من يلتفت اليها.
ويستخدم المهاجمون للمقاطعة اليوم أسلوب التأطير، والتأطير مصطلح يشير الى حالة تأطير للمعلومات، أو وضعها في إطار بحيث يُؤثر الإطار على طريقة تعامل الافراد مع المعلومة رغم عدم تغير مضمونها.
وعادة ما يسخر هؤلاء من المقاطعة، ويدعون المقاطعين إلى التخلي عن الملابس أو السيارات، أو التوقف عن استلام حوالات المغتربين، غيرها من المنتجات الغربية إذا كانوا مقاطعين.
لهؤلاء نقول: نعم نحن مقاطعون، وقد نستخدم بعض الأدوات والمنتجات الغربية، ولكننا نحاول أن نقتصر في ذلك على الأدوات الضرورية التي ليس لها بديل حالياً، ومتى ما وجدنا بديلاً عنها سنتركها إلى غير رجعة، ولن نعود لها حتى بعد نهاية الحرب.
لن أخسر شيئاً حينما اقاطع وجبة طعام لمطعم يفتخر بدعمه للاحتلال، ولن أخسر شيئاً عندما أترك علبة المشروب الغازي لتصدأ في مستودعات الشركة الوقحة التي تكابر وتتحدى المقاطعين، ولكنني سأكسب ديني وعروبتي وكرامتي وانسانيتي.
لقد وضع دانتي وصفاً للجحيم، فكان على شكل طبقات، وعندما سئل عن طبيعة الأشخاص الذين يقبعون في قعر الجحيم فأجاب: “هم هؤلاء الذين لا يتخذون موقفاً في الأزمات الأخلاقية”، ولا يوجد أزمة في الأخلاق والضمير كالتي يعيشها العالم اليوم، وعدم اتخاذك لموقف يتناسب مع حجم الجرائم التي يقوم بها الاحتلال هو غياب للضمير، وفقد للإنسانية، وتخل عن المسؤولية.