الغول / رائد عبدالرحمن حجازي

الغول
مُنذ نعومة أظفاري وأنا أسمع بقصص عن الغول , وقد تخيلته كائن ضخم , مخيف تُقشعر له الأبدان , كبير الفم , ويأكل البشر . وقد كانوا الكبار عندما يريدون تحذيرنا من مكان ما أو عمل ما يقولوا لنا ( هسع بناديلكوا الغول …. لا تروحوا لغاد ترى في غول بيوكل الأولاد .. الخ ). للأسف كان هدفهم بريء ولكن في الواقع زرعوا فينا الخوف والرعب . لذلك كُنا ننصاع لأوامرهم ونتجنب نواهيهم . لأكتشف فيما بعد بأن الغول هو من البشر .
بالأمس فرحت كما فرح معظم الناس , كيف لا وقد تم اكتشاف أطنان من الدواجن المنتهية الصلاحية وقد كانت في طريقها لبطون من يعيشون على تراب هذا الوطن , ولولا لطف الله وثم جهد الخيرين من أبناء هذا الوطن لحلت كارثة بشرية لا يعلم عواقبها إلا الله .
لكن للأسف هذه الفرحة لم تدوم طويلاً عندما طالعتنا الصُحف والمواقع الإخبارية بخبر مفاده بأن شركة الدواجن مدار البحث تقرر إغلاق مسلخ الشركة في القطرانة بعد قصة الدجاج الفاسد ومن ثم عادت وتراجعت عن القرار بحجة توفير ألدواجن بأسعار معقولة , وخاصة في شهر رمضان .
لا أعتقد أن أي عاقل يقتنع بهذا الخبر , وعلى ما أظن أن العُقلاء في وطني كُثر . فمن الواضح أن الشركة أرادت لي ذراع الحكومة عن طريق التهديد بإنهاء خدمات ما يُقارب 1500 موظف وبالتالي تكون محصلة من سيتم حرمانهم من لقمة العيش أضعاف هذا العدد , بحيث لو فرضنا أن كل موظف يُعيل على الأقل 4 أشخاص .
ومن طبيعتي أنني إذا أردت أن أُشير لمواطن الخلل فلا بد من تقديم الحل لكي لا أُتهم بالتنظير . أوليس كان الأجدر بأن تضع الحكومة يدها على المستودعات والمسالخ التابعة لتلك الشركة من خلال وضع موظفين ممن لديهم الكفاءة والإختصاص بمتابعة سير العمل والتزويد مع بقاء كادر العمال الذين لا ذنب لهم , وبذلك تكون الحكومة قد حافظت على الأمان الوظيفي للعمال واستمرار تزويد السوق بالدواجن كما كان مقرراً بالإضافة للمحافظة على أموال وأرباح الشركة ريثما يقول القضاء كلمته . إلا إذا كان في الأمر إنّ , وبذلك يكون ذراع الفساد قد تغلب على ذراع الحكومة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى