الغوطة جحيم الانظمة العربية ؟!
{{{ الصهاينة يسابقون الزمن لتغطية ارض فلسطين المحتلة بالمستوطنات، باحدث الطرق الهندسية و افضل المواصفات العصرية، في حين تتبارى الانظمة العربية، لوقف دورة الزمن بالقمع،الاستبداد،الظلم،تعطيل الدساتير،البرلمانات المزورة،مسح المعارضة ،تكميم الصحافة.لا تكتفي بكل ما سلف،بل تستعين ايضاً بدول الشر الكبرى، لهدم مدنها فوق رؤوس مواطنيها،لانهم طالبوا بابسط حقوقهم.المخجل في الانظمة الملعونة من شعوبها انها عندما تستكمل تحويل اوطانها قاعاً صفصفا وقبل رفع الانقاض عن الذين يأنون تحت الاسمنت والحجارة،تتفاخر باعلان النصر على البقية الباقية ممن بقي على قيد الحياة دون ادنى مقومات للحياة.عربان يقتلون مجاناً بعضهم بعضا و متعهدون ـ وطنيون ـ يدمرون حواضرهم بجنون.مجانين لا يرون ابعد من انوفهم المجدوعة بسكاكين الامريكان كعلامة فارقة. نيرون المهووس بالحرائق احرق روما وحدها بينما الانظمة لم تدع مدينة من مدنها تسلم من شرها ؟! }}}.
لا بلاغة الكلمة ولا خيال القصيدة ولا صدمة الصورة جميعها مجتمعة،قادرة على تصوير الخراب الانساني الذي ضرب عمق العربي،فاعطب روحه وشرخ نفسه المشروخة اصلاً من الاحكام العرفية و احكام الطواريء التي تركت ندوباً لن تبرأ لعقود طويلة.حروب عربية بينية مجنونة فالتة من الاطر الاخلاقية و الانسانية.فمنذ ازيد من عشرة اعوام، احرقت المال،قتلت البشر،هدمت الحجر، وما من رجل رشيد يقول لاهله :ـ ( لا ) تعيدوا الامة للعصور المظلمة.الكل يعاني هستيريا سياسية او مصاب “بحول فكري” لا يرى الا ما يريد ان يراه.كلٌ ينظر من زاويته الضيقة المذهبية،الطائفية،العنصرية،الاثنية،النفعية.لذلك طاشت على السطح هويات فرعية قاتلة ليس لها من سند الا البندقية،فتخردقت الهوية الجامعة،وتعددت الاعلام الحاراتية،وتكاثر المخاتير على الطريقة اللبنانية.
مشاهد الخراب على الفضائيات تصدمك كأنها ” صلية رصاص ” فتصيبك بمقتل. صراخ طفلة تحت الانقاض “اريد ماما” تهز الدنيا ولا تهز شعرة في شوارب أُولي الامر،و اية لغة يمكن ان تصف كهلاً تكسرت عظامه وهو يتمتم في نزعه الاخير:ـ ماذا فعلنا حتى تهدموا بيوتنا علينا ؟!. القاتل المنتشي برائحة الموت، يرد من شرفة قصره،مبتسماً و مبشراً باقتراب الحسم و اعلان النصر . الامم المتحدة بوقاحتها المعتادة هي الاخرى، تعلن عن ارسال معونات انسانية فيما التطهير العرقي يعمل على قدم وساق على استكمال دورته الشيطانية ؟!. القتلة قتلوا التنوع الحيوي من النملة الى الشجرة،دفنوا العابد في محرابه واجهضوا المرأة الحامل بطفل المستقبل. وطن عربي لم يبق منه الا الخرائب ومواطن غارق في دمه حتى ركبتيه !.
اين يذهب العربي المحاصر بين فكي الانظمة ودول العدوان؟!.اين يذهب سيزيف العربي بعد ان تعب من حمل جثته على ظهره والهرب بها ” من زاوية لإخرى”. قالوا السعيد من التصق بتراب وطنه حباً.اصبح السعيد من امتطى قارب موت فراراً الى دولة اجنبية كي ينجو بروحه من موت محقق و حصل في الغربة على رقم بدل اسمه بعد احترقت هويته،والغني في ـ بلاد بره ـ من يظفر بوجبة طعام تقيم أَوده.ذنب هؤلاء انهم مواطنون في بلادٍ ضربها جنون الانظمة، لعنة النفط الذي تحول من اعمار الى كارثة،لعنة الكراسي المنحوتة من عظام الشعوب المنهوبة المنتهكة.فما ابشع الحياة ان كانت كهذه وما افظعها حينما يمضي المرء عمره حذراً من لغم ارضي يطأه دون ان يدري،من برميل متفجر يهبط على راسه بين عائلته. ماذا بعد ان يصبح الوطن مقبرة.
خشبة المسرح العربي منخورة، بالف سوسة وسوسة.الاضاءة متفحمة .الممثلون جثت متفسخة،خرجت للتو باكفانها البالية من قبورها.هو البعث ينهض من عالم الموت للشهادة على انظمة احترفت قتل مواطنيها، ادمنت شرب دمهم.جنون.مشهد جنائزي تقشعر له الحجارة…نسأل مقاولين التدمير والممولين معاً:ـ هل المطلوب في ” الظروف المختومة ” تحويل الوطن الى رماد بعد تسويته بالارض ؟!. لدفع الامة الى رحلة تيه دون بوصلة، كما تاه بنو اسرائيل في سيناء اربعين سنة ؟!.هل المطلوب تحويل الوطن العربي الى اطلال وطن غير قابل للسكن حتى ترضى امريكا و الصهاينة عن الانظمة الرضيعة ؟!.بدهية ان مياه المحيطات كلها، ليس بمقدورها اغراق قارب صغير، لكن ثقباً كخرم ابرة يغرق باخرة عملاقة لانه يتسرب منها الى داخلها وهذا انتم الخرم والابرة. نتهم الانظمة انها احدثت شروخاً في السفينة العربية و اعطالاً في محركات الدفع الامامية كي تغرق الامة. تُرى هل الغوطة آخر بصماتها ؟! .
الغوطة لمن لا يعرفها جنة الله على ارض سوريا…حديقة دمشق الفيحاء الخلفية،باقة ورد لا ينقطع عطرها،سلة الفاكهة الشهية. الذ عناقيد الدالية.قطوفها دانية، تدير الرؤوس بلا كؤوس…الغوطة لغة الينابيع الهامسة في جوف الارض الطيبة،قصائد الدروب المخضوضرة بالمحبة النقية…هديل اسراب الحمام المسافرة في براري بلاد الشام الواسعة…مئذنة الله الاعلى،ملتقى العصافير العاشقة.بساط الحضرة الآلهية المفروش بالخضرة على مدار السنة.هندسة الطبيعية الفطرية التي خلق الله فيها من كل زوج بهيج،وجعل كل ما فيها ومن فيها طيب وجميل. يقول اهل الشفافية المتعلقين بالذات الآلهية في الادعية :ـ ربنا دلنا بك عليك،نقول لهم :ـ الغوطة طريق سالك لمعرفة الله بلا دليل او ادلة.هناك رب العزة يتجلى باجمل صورة …!