#العيد #سعادة وبهجة وفرح و #سنن وآداب
#ماجد_دودين
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَاهِبِ الْمَعْرُوفِ، وَصَاحِبِ الْعَطَاءِ، لَا يَعْتَرِيهِ مَوْتٌ وَلَا يَشْمَلُهُ فَنَاءٌ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، هَدَى عِبَادَهُ لِلصَّالِحَاتِ، وَيَسَّرَ لَهُمُ الْقُرُبَاتِ، وَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَافِرَ الْأَجْرِ وَعَظِيمَ السَّخَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا سَيِّدُ الْبَشَرِيَّةِ وَإِمَامُ الْأَوْلِيَاءِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الْأَطْهَارِ وَأَصْحَابِهِ النُّجَبَاءِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْحَشْرِ وَاللِّقَاءِ؛ ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:
يأتي العيد عاماً بعد عام ليشعل في القلوب مشاعر السعادة والبهجة ويطفئ دموع الأسى والألم ويبدد ضباب الكدر والهم.
يأتي العيد بأمر ربه حاملاً بين طياته أملاً جديداً وفضلاً إلهياً عظيماً، ليقول للقلوب المكلومة: هوناً عليك بعض الألم ولتخلعي سرابيل القلق ولتمسحي دموع الحزن ولتفرحي بفضل الله وبرحمته.
يأتي العيد ليقربنا من ربنا أكثر وليذكرنا بإحسان الله وفضله علينا؛ أنْ خلقنا سبحانه وأمدنا بالقوة ورزقنا من الطيبات وجعلنا مسلمين.
والعيد هو موسم الفرح والسرور، وأفراح المؤمنين وسرورهم في الدنيا إنما هو بمولاهم إذا فازوا بإكمال طاعته وحازوا ثواب أعمالهم بوثوقهم بوعده لهم عليها بفضله ومغفرته كما قال تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} [يونس: ٥٨].
وقال بعض العارفين: ما فرح أحد بغير الله إلا بغفلته عن الله، فالغافل يفرح بلهوه وهواه، والعاقل يفرح بمولاه.
ومن الخطأ أن يستثير المسلم أحزانه ويستذكر آلامه يوم العيد. فإن هاجمته تلك الهواجس فليردها باستذكار فضل الله ونعمه، وليتذكر أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يكتم أحزانه يوم العيد ويُظهر البِشر والسرور ويسمح باللهو المباح؛ فيقول (صلى الله عليه وسلم): لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بالحنيفية السمحة.
ويقول (صلى الله عليه وسلم) لأبي بكر عندما انتهر الجاريتين وهما يلهوان ويضربان بالدف: دعهما يا أبا بكرٍ، فإنها أيامُ عيدٍ.. [صحيح البخاري].
والعيد من شعائر الإسلام شرعه الله سبحانه توسعة على خلقه وإيناساً لهم بالاجتماع والابتهاج واللعب في حدود المباح.
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ. [سنن أبي داود وصححه الألباني].
وفي عيد الأضحى تجتمع أعظم الأيام: يوم النحر وأيام التشريق وهي خير الأيام عند الله وأعظمها قدراً.
قال صلى الله عليه وسلم: أَعظمُ الأيَّامِ عِنْدَ اللَهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ القَرِّ. [أبو داود وصححه الألباني].
ويوم القر: هو اليوم الذي يلي النحر وهو يوم الحادي عشر.
وفي صبيحة عيد الأضحى تعج المآذن بالتكبير والتهليل وتصدح حناجر الحجيج ملبّين لرب العالمين: لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك… إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
وفي يوم العيد يخرج المسلمون- في كل بقاع الأرض- إلى المصليات والمساجد- كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً- كي يؤدوا صلاة العيد ويستمعوا إلى الخطبة والدعاء.
إنه لموقف يبعث في النفوس استشعار عظمة هذا الدين وكماله وجلالة قدره .
وفي يوم العيد تترسخ روابط الأخوة والمحبة بين الجيران والأقارب فيتبادلون التهنئة ويتزاورون ويتهادون لحوم الأضاحي.
سنن وآداب العيد
فقد من الله على الأمة المسلمة بجملة من الأحكام والآداب، وأرشدهم في ذلك إلي أقوم منهاج، وجعلهم بذلك أنموذجا لغيرهم من الأمم، فقد راعى الشرع العقل، ولم يهمل النفس، ولم يُفرط في حق البدن، فكان ديننا بحق دين التوازن والشمولية، ومن الأمور التي دل الشرع على آدابها، الأعياد ((عيد الفطر، وعيد الأضحى))، وهما عيدا المسلمين، فالأول يفرح فيه المسلمون بإتمام عدة الصيام، والثاني يفرحون فيه بإتمام مناسك حج بيت الله الحرام.
وقد سُمى العيد عيداً لعوده وتكرره، وقيل: – لعود السرور فيه، وقيل: تفاؤلا بعوده على من أدركه، كما سميت القافلة حين خروجها تفاؤلا لقفولها سالمة، وهو رجوعها.
أولا: أن يتجمل للعيد دون مبالغة أو إسراف:
التجمل يوم العيد كان عاده متقررة، ولم ينكرها النبي صلى الله عليه وسلم، فعُلم بقاؤها)). وقال مالك: ((سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد.
قال ابن حجر: ((روى ابن أبي الدنيا، والبيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين))
ثانيا: الاغتسال يوم العيد قبل الخروج
فعن نافع: أن عبدالله بن عمر رضي الله عنه: ((أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلي المصلى))
ثالثا: تحريم صيام يومي الفطر والأضحى
فعن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ((لا صوم في يومين: الفطر والأضحى))
قال النووي: ((وقد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال، سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك))
رابعاً: تعجيل الأكل قبل صلاة الفطر وتأخيره إلى ما بعد صلاة الأضحى
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً))
عن عبدالله بن بُرَيْدَهَ، عن أبيه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يَطْعَم، ولا يَطْعَمُ يوم الأضحى حتى يصلى))
خامسا: صلاة العيد في المصلى بالخلاء.
عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه، قال ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلي المُصَلَّى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فان كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه، أو يأمر بشيء، أمر به، ثم ينصرف))
وقال النووي: ((فان كانت الصلاة بمكة، فالمسجد الحرام أفضل بلا خلاف))
حكم صلاه العيدين:
ذهب بعض العلماء إلي وجوبها وهذا مذهب الأحناف واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها ولم يتركها ولا مرة واحدة، واحتجوا بقوله تعالى: (فصلِّ لربك وانحر) أي صلاة العيد والنحر بعده وهذا أمر والأمر للوجوب، وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بإخراج النساء من البيوت لشهادتها، والتي ليس عندها جلباب تستعير من أختها.
وذهب بعض العلماء إلى أنها فرض كفاية وهذا مذهب الحنابلة، وذهب فريق ثالث إلى أن صلاة العيد سنة مؤكدة وهذا مذهب المالكية والشافعية، واحتجوا بحديث الأعرابي في أن الله لم يوجب على العباد إلا خمس صلوات.
فينبغي على المسلم أن يحرص على حضورها وشهودها خصوصا وأن القول بوجوبها قول قوى ويكفي ما في شهودها من الخير والبركة والأجر العظيم والاقتداء بالنبي الكريم.
سادسا: خروج جميع النساء في حجابهن الشرعي بغير زينة ولا طيب.
عن أُمِّ عطية، رضي الله عنها، قالت: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُخْرِجَهُنَّ في الفطر والأضحى: العَوَاتِقَ والْحُيَّضَ وَذَواتِ الْخُدُورِ، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب ُ، قال: لتلبسها أختها من جلبابِها))
ويجب على الرجل تفقد أهله عند خروجهن للصلاة ليتأكد من كمال حجاب النساء، فهو راع ومسؤول عن رعيته، فالنساء يخرجن غير متبرجات ولا متطيبات، والحائض لا تدخل المسجد ولا المصلى ويمكن أن تنتظر في السيارة مثلاً لسماع الخطبة.
سابعا: المشي إلى المصلى.
عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله ُ عليه وسلم يَخْرُجُ إلي الْعيدِ مَا شِياً وَيَرْجِعُ مَاشِياً )) وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ : (( مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إلي الْعِيدِ مَاشِياً ، وأَنْ تأْكُلَ شَيْئاً قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ ))
ثامنا : مخالفة الطريق في الذهاب إلى المصلى والإياب منه.
عَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ الله ِ ، رَضِي اللهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : (( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ))
وعَنْ ابْن ِ عُمَرَ : (( أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ ثُمَّ رَجَعَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ))
يعني أنه يرجع من مصلاه من جهة غير الجهة التي خرج منها إليه .
قال ابن القيم : (( وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد ، فيذهب في طريق ، ويرجع في آخر . فقيل : ليسلم على أهل الطريقين ، وقيل : لينال بركته الفريقين ، وقيل ليقضى حاجة من له حاجة منهما ، وقيل : ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق ، وقيل : ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله ، وقيام شعائره ، وقيل : لتكثر شهادة البقاع ، فان الذاهب إلي المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجه ، والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلي منزله ، وقيل وهو الأصح : إنه لذلك كله ، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها ))
تاسعا : التكبير أيام العيدين ووقته .
قال الصنعاني: (( التكبير في العيدين مشروع عند الجماهير ، فأما تكبير الإفطار فأُوجبه النَّاصِر لقوله تعالى : (( وَلتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هداكم وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )).البقرة : 185
والأكثر أنه سنة ، ويكون من مغرب أول ليلة من شوال إلى خروج الإمام ، أو حتى يصلي ، أو حتى يفرغ من الخطبة .
وأما تكبير عيد النحر فأُوجب أيضا لقوله تعالى : (( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ )) البقرة : 203
ولقوله : (( كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ )) الحج : 37 … وذهب الجمهور إلى أنه سنة مؤكدة للرجال والنساء ، ومنهم من خصه بالرجال … وأما ابتداؤه وانتهاؤه … فأصح ما ورد عن الصحابة … أنه من صبح يوم عرفة إلي آخر أيام منى ، أخرجهما ابن المنذر . واعلم أنه لا فرق بين تكبير عيد الإفطار وعيد النحر في مشروعية التكبير ، لاستواء الأدلة في ذلك ، وان كان المعروف عند الناس إنما هو تكبير عيد النحر
عن الزهري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى ، وحتى يقضي الصلاة ، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير.
ويبدأ التكبير في عيد الفطر من غروب الشمس ليلة العيد إلى خروج الإمام لقوله تعالى : {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }البقرة: 185 وقد ثبت (( أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ويكبر حتى يأتي الإمام ))
ويسن الجهر به في الطرقات والمساجد والبيوت.
قال الألباني: ((وفي الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهراً في الطريق إلى المصلى ، وان كان كثير منهم بدأوا يتساهلون بهذه السنة ، حتى كادت أن تصبح في خبر كان … وذلك لخجلهم من الصدع بالسنة والجهر بها … ومما يحسن التذكير به بهذه المناسبة : أن الجهر بالتكبير هنا لا يُشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض ، وكذلك كل ذكر يُشرع فيه رفع الصوت أو لا يُشرع ، فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور … فلنكن في حذر من ذلك))
وقال البغوي: (( ومن السنة إظهار التكبير ليلتي العيدين مقيمين وسفرا في منازلهم ، ومساجدهم ، وأسواقهم ، وبعد الغدو في الطريق ، وبالمصلى إلى أن يحضر الإمام))
عاشراً : صيغ التكبير.
وردت صيغ التكبير عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم فمن ذلك :
{15} ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أنه كان يقول : (( الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد ))
كما ثبت تثليث التكبير عنه في مكان آخر بالسند نفسه، يقول: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله ، والله اكبر، الله اكبر ، ولله الحمد )).
فبأي صيغة مما ورد كّبر المسلم ، فقد أدى السنة وأقام الشعيرة .لا تستحيي من التكبير فإنه سنة نبيك :
حادي عشر : التهنئة بالعيد.
قال شيخ الإسلام (أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد : تقبل الله منا ومنكم ، وأحاله الله عليك ، ونحو ذلك ، فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ورخص فيه الأئمة كأحمد بن حنبل ) وغيره . لكن قال أحمد : أنا لا ابتديء أحدا ، فان ابتدأني أحد ، أجبته . وذلك لأن جواب التحية واجب . وأما الابتداء بالتهنئة ، فليس سنة مأمورا بها ولا هو أيضا مما نهي عنه . فمن فعله فله قدوة ، ومن تركه فله قدوة))
وقال ابن حجر : وروينا بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال : (( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك ))
ثاني عشر : صلاة ركعتين في بيته بعد صلاة العيد.
فعن أبي سعيد الخدري قال : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلى قبل العيد شيئا فإذا رجع إلي منزله صلى ركعتين ))
ثالث عشر : من فاتته صلاة العيد مع المسلمين يشرع له قضاؤها على صفتها.
رابع عشر : الحرص على صلة الأرحام.
ففي الصحيحين، واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خلق الله الخلق ، فلما فرغ منه قامت الرحم ، فأخذت بحقو الرحمن ، فقال لها : مه . قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة . قال : ألا ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك . قالت : بلى يا رب . قال : فذاك )) ، قال أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم :{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ } (محمد: 22) .
وكفي بهذا زاجرا عن القطيعة، وحقيقة صلة الرحم أن تصلها إذا قطعت، كما في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصله ))
فعلى المسلم أن يحتسب الأجر في وصل من قطعه، وأن يعلم أن الله عز وجل معينه وناصره، فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عنهم ويجهلون علي . فقال (( لئن كنت كما قلت : فكأنما تسفهم المل ، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك )) أي فكأنما تطعمهم الرماد الحار .
خامس عشر : الحذر من اللهو المحرم.
يجوز للمسلم في العيد إظهار البهجة والسرور من خلال الغناء المباح وهو الإنشاد المهذب لفظه ومعناه ، كما يجوز فيه الضرب بالدفوف أسوة بالنكاح .
أما الغناء الماجن المتضمن للكلام البذيء المصاحب للمعازف فهو محرم في العيد وغيره . قال تعالى :{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}[لقمان: 6]
وقد أقسم ابن مسعود رضي الله عنه على أن لهو الحديث هو الغناء. (
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((دخل عندي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث قالت: وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر : أمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا))
وعنها أيضا : ((دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه فقال : دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وتلك الأيام أيام منى ))
كما يشرع للرجال التوسعة على الأهل والعيال في أيام العيد بشيء من اللهو المباح ، وفي اللهو المباح غنية . فقد ثبت في السنة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : (( وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا قَالَ: «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ» حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَالَ: «حَسْبُكِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاذْهَبِي»
تقبل الله طاعتكم وعيد سعيد وعمر مديد وعيش رغيد وفرح ومزيد برحمة الله العزيز الحميد.