العيد حِيلة موسمية لإلتقاء الجموع لا الافراد

العيد حِيلة موسمية لإلتقاء الجموع لا الافراد
ا.د حسين محادين

1- قريبا من المعاني الدينية للاعياد التي احترم بالتأكيد؛ فإن الاعياد كمسمى واهداف تشترك فيها كل الأديان والجموع على هذه الارض؛ لابل هي مناسبات متكررة لإعادة تقوية الجموع والوجدان الشعبي المؤمن بهذه الاعياد.
2- الاعياد الدينية والدنيوية معاً تشترك بمعاني ودلالات إشهار
“الفوز /المكافأة” للجموع مثل عيد الفطر بعد انتهاء الصيام عند المسلمين وكذا الحال عند المسيحيين بعد انتهاء صيامهم.
3- العيد علميا وعمليا يوم كبقية أيام السنة الأخرى؛ الا ان المعاني الجمعية المُحملِة عليها كحيلة عقلية تستمد إلزاميتها للمؤمنين بها جراء تعاقبها عبر الاجيال وكل حسب ديانته او معتقداته بها ونحوها. وعادة ما تأتي مناسبة العيد تتويجا لإنتهاء عمل او واجب مقدس ما عند معتنقي ايّ من هذه الاديان الكثيرة في هذا العالم غير المتجانس والمتعدد في معتقداته”لكم دينكم ولي دين”.
وبالتالي هذا توكيد مضاف على حقيقة التنوع والتعدديات في الحياة اديانا ومناسبات هي الاصل؛ ما يوسع معاني ومضامين التعارف بين الشعوب على هذه الأرض اللغز للآن ؛ ولعل السؤال المُستلهم هنا من كثرة وتنوع الاعياد هو ؛ لماذا يُصّر الكثيرين منا كبشر على واحدية الافكار او النماذج او حتى الاعتقاد او حتى الاعياد عبر إستخفاف بعضنا بأعياد وطقوس الاخرين مثلا؛ رغم اننا كبشر خُلقنا من ذكر وانثى بالأصل وكلنا من ماء مهين كما ورد في القرآن الكريم؟.
3- ان الاعياد ليست محطة روحية وطقوسية للتعبير عن فرحة هؤلاء او اولئك الجموع باعيادهم المتكررة فحسب؛ بل انها تهدف ايضا الى الحفاظ على وحدة الشعور والفضاء الخاص بكل جمع من الناس؛ أما الفضاء العام للجموع نفسها فيتجلى عبر سعيهم لإشهار هويتهم الانسانية الساعية الى الحفاظ على استمراريتها كواحدة من ألوان ومراسم الاعياد في هذا العالم المتنوع بالاعتقادات والافكار؛ ولكنه حكما المتكامل بقيم الانسانية الارحب؛ دون ان ننسى ايضا ان الغموض المعرفي لدينا نحوه كعالم وحضارات ما زال بحاجة الى تفاسير مضافة للاديان التي تناولته.
4- أن اي عيد أيّ كان مسماه هو محطة موسمية لتعميق هيمنة الجموع -رغم ضعف منسوب وعيها غالبا – على الافراد ؛لاسيما التنويرين منهم رغم تقدم وعيهم وقدراتهم التغييرية الفائقة كأفراد مميزين في تلك الجموع المُحتفلِة بالاعياد ؛ رغم ان الجموع هي الاكبر والاضخم كُتلياً من الافراد؛ المفكرين والعلماء القادة والمبدعين مثلاً ؛بدليل ان طلائع التغيير في تأريخ العالم والثورات الفكرية والسلوكية الإصلاحية قد انبثقت اصلا من اطروحات المفكرين والاصلاحيين والانبياء العلماء الافراد؛ وبدليل مضاف هنا؛ ان الجماهير/الجموع تلحق ولو متأخرا باطروحات وافكار واختراعات هؤلاء الانبياء والقيادين الافراد.
وبناء على ما سبق؛ يمكن ان نفهم لماذا الافكار الريادية والحلول الفذة لمشاكل الجموع يُبدعها “يخلقها/لغة” الافراد ؛وهم بذات الوقت ويا للمفارقات ايضا هم كأفراد من يدفعون اثمان وعيهم وايمانهم بها وهم احياء؛ إما على شكل استخفاف جمعي بافكارهم وبمُطلقِيها؛ او عقوبات معنوية تكفيرية وجسدية احيانا اخرى؛ او حتى إعدامات او حرق لمؤلفاتهم المكتوبة في حياتهم؛ ثم ما يلبث العقل الجمعي للعموم لاحقا ان يعاود تقدير او إحياء اسهامات العلماء الافراد؛ او تبني اطروحات مثل هؤلاء العلماء والانبياء والمفكرين او المُصلحيّن الذين لم يكونوا فاعلين او حاضرين في أعياد وعُطل اقوامهم الموسمية او الاعتقادية كجموع ؛ بل كانوا منشغلين بحكم وعيهم وإيمانهم بامكانية إحداث التغيير الايجابي للانسانية في مكتباتهم او مختبراتهم لصياغة اعيادا تنويرية وطرائق تفكيرية وسلوكية مميزة لهم كقادة للتغيير ولشعوبهم التي ستُدرك لاحقا -إن ادركت- اهمية وجود افراد يفكرون ويبحثون خارج صندوق الجموع او العموم؛ فمتى تنتبه الحكومات والجامعات وصناع القرارات والجموع اخيرا؛ لأهمية وضرورة وجود ودعم العلماء والمفكرين الافراد لكل من برامج وسياسات الحكومات والمجاميع في إحداث التطوير والتغيير في قيم الحياة المختلفة نحو الافضل والاعدل؟.فهل نحن مُعيدون في مُقبل الايام وبأي اتجاه؟ انها دعوة للتفكر لا أكثر.
* اكاديمي وعضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى