العولمة ونزع الخصوصية !! / عبدالرحيم الزعبي

العولمة ونزع الخصوصية !!

في تسعينيات القرن الماضي تردد الحديث عن العولمة، كتبت عشرات الكتب ودبجت مئات المقالات. لكن مظاهرها لم تكن بعد متفشية على الصعد الثقافية والاجتماعية والأخلاقية.
اليوم، ولو شئنا الدقة، بعد ثورة السوشال ميديا، تغولت العولمة، فلم تعد مقتصرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بل اقتحمت خصوصياتنا الثقافية والاجتماعية والأخلاقية أيضا، فالعالم يجب أن يتحرك على نفس الوتيرة، والناس على اختلاف السنتهم والوانهم يتم تنميطهم !! يمكننا أن نلاحظ ذلك في غزو برامج تلفزيون الواقع لفضائيات العالم. ويمكننا أن نلاحظه في التعلق بنجوم السينما والغناء والرياضة، والرغبة في متابعة أخبارهم الخاصة، والجدل الدائر حول مواقفهم من القضايا العامة، وتتبع فضائحهم، وحالات الإغماء عند رؤيتهم (استقبال تامر حسني مثالا) !! ويمكننا أن نلاحظ ذلك في اقتحام خطوط الموضة العالمية للأزياء المحلية في كل دول العالم !! ويمكننا ملاحظة ذلك في التعامل مع الدين والتدين، فقد صارت كثير من مظاهره موسمية تتبع الترند، فيقبل الناس على بعضها في مواسم معينة ويحجمون عن بعضها في مواسم أخرى !! ويمكننا ملاحظة ذلك في حالة الإقبال على القراءة والرغبة في تثقيف النفس الدارجة في أيامنا هذه، فهي لم تعد عفوية تهدف لإشباع تطلعاتنا المعرفية، بل صارت موجهة هي الأخرى وتتبع الترند الذي يتناسب مع الظروف الراهنة (قواعد العشق الأربعون مثالا) !! ويمكننا أن نلاحظ ذلك في نزع الخصوصية الثقافية عن العلاقة بين الجنسين بما تحمله من تركيبية وثراء (كنا نشاهد جمالها في مسلسل وضحا وابن عجلان ونعيشها حين نقع في الحب).اليوم قد حلت محلها علاقة مختزلة تجعل الأنوثة فعل تحريض واجتذاب والذكورة فعل استجابة واقتحام (هذا ما نشاهده في المسلسلات الحديثة ونقاسيه واقعا مريرا) !!
هذه بعض مظاهر العولمة التي اجتاحتنا، ولسنا الوحيدين المستهدفين بها، بل العالم كله مستهدف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى