العنف الأسري – 3 / د . هاشم غرايبة

العنف الأسري – 3
مقال الإثنين: 10 / 7 / 2017
المقصود بالعنف الأسري هي تلك الحالة التي يتم فيها اللجوء الى العنف في التعامل لحل المشكلات البينية داخل الأسرة، هذه الحالة غير معتادة فالأصل أن تسود الروح الودية بسبب العلاقة الحميمة أولا وبسبب تطابق المصالح لأعضاء الأسرة الواحدة وليس تعارضها ثانيا.
لذلك فإن غياب أو تغييب العاملين السابقين هما سب تلك الظاهرة، بمعنى أن منع حدوثها أو علاجها يكمن في إعادة موضعة هذين العاملين ليكونا عنوان العلاقة ومرتكزها.
هنالك أوجه متعددة للتعنيف الأسري أهمها وأغلب مظاهرها:
1 – تعنيف الزوجة: العائلة في المفهوم الليبرالي ( حسب تعريف وثيقة مؤتمر القاهرة الدولي عام 1994) للسكان هو علاقة بين شخصين أو أكثر، يعني ذلك بوضوح أنه ليس بالضرورة أن تكون هنالك أسرة طبيعية من أب وأم وأطفالهما. لذلك فالعلاقة قد تكون بناء على توافق رغبات وانسجام بين ذكرين، وليس شرطا توفر المودة والرحمة بين الزوجين ولا أن يكون الرابط هو عاطفتي الأمومة والطفولة،وإنما قد يتحقق ذلك في حالات ويغيب في أخرى.
أما العلاقة داخل العائلة التي يتميز بها النظام الإسلامي، فتحكمها روابط اجتماعية تحكمها القيم والعادات(وليست الحرية الكاملة كما في الليبرالية)، وأسس راسخة تحكمها قواعد شرعية صارمة(وليست قوانين وضعية مرنة يتم تعديلها حسب ميول الناخبين كما حدث من إقرار لتشريعات المثلية)، كما أنها مبنية على التواد والتراحم بين الزوجين، وليست على حرية إقامة العلاقات الغرامية خارج إطار الزوجية، الأمر الذي يفسد التواد والتراحم الفطري الذي تجسده العلاقة المقدسة والمصانة بين الإثنين.
2 – تعنيف الأولاد: النظام الليبرالي يعتبر الأطفال أبناء المجتمع، لذلك حريتهم مصانة قانونيا فلا يحق للوالدين التدخل في خياراتهم ولو كانت خاطئة، والتناقض يبلغ ذروته عندما يعتبرون مواقعة الفتاة القاصر جريمة، لكن لا يحق للوالدين منع ذلك ولو كان خشية عليها من أمومة لا تقدر عليها، كما أن الإتجار بالمخدرات فعل مُجرّم ، لكن لا يحق للوالدين منع أبنائهم المراهقين من تعاطيها فذلك يعتبر تدخلا في حريتهم، كما أن أمومة المرأة لمولودها ورعايتها له يخضع لاختيارها وحسب ظروفها، وليست ملزمة بإرضاعه.
في النظام الإسلامي كل العلاقة الأسرية منطلقة من عاطفة الأبوة والأمومة الفطرية مع الأولاد، ولا يمكن أن يكون هنالك علاقة ارتباط أقوى من علاقة الأم بطفلها، من هنا جعلت الشريعة حضانة الطفل مقصورة على الأم، وحددتها بتشريعات دقيقة ومفصلة لكل الحالات.
إن ما ينشأ من الإرتباط القوي بين الطفل ووالدية يجعلهما الأحرص على مصلحته والأكفأ في رعايته، فلا يمكن أن يلحقا الضرر به أو بمصلحته، فالعلاقة الأسرية القوية تحمي أفراد العائلة، هذا هو الأصل أما الإستثناء فهو قليل ومرتبط بسوء الأوضاع الإقتصادية المؤدية الى التفكك، وسبب ذلك يعود الى سوء الإدارة أو الفشل من قبل السلطة، وليس الى خلل في التشريعات الإلهية المنظمة.
نصل في النتيجة الى أن ما يحفظ أمن المجتمع والعلاقات الودية بين أفراده، هو وجود الوحدات المستقلة (الأسر)، كل وحدة منسجمة العلاقات بين أفرادها، وفق التعليمات الدقيقة والصارمة التي هي تفصيلات الأحوال الشخصية في أحكام الشريعة ، فهي تكفل عدم تعدي الفرد على الآخرين بذريعة الحرية الشخصية وغير المقيدة إلا بالمصلحة والتي هي أساس الليبرالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى