العالم العربي والخرائط الجديدة.
هنا الأعرج.
المشاهد القائمة اليوم في غرب آسيا ومحاور المقاومة فيها، غزة، البحر الاحمر، جنوب لبنان، العراق، من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى، تعكس حقيقة أن الحرب باتت تلامس أطراف الحرب الشاملة لا سيما عمليات الاغتيال ضد قادة المقاومة واستهداف لبنان جويا والاعلان عن توغل بري محدود في جنوب لبنان وما تبعها من الرد الصاروخي الايراني الأخير الذي وفق تقارير خاصة أصاب معظم بنك أهدافه وألحق ضررا ماديا في مؤسسات أمنية وعسكرية اسرائيلية في تل أبيب والنقب.
هل نتجه إلى حرب شاملة وخرائط جديدة؟
في اكتوبر الماضي أعلن نتيناهو أن الحرب ستستمر إلى أكثر من عامين وأن ثمة شرق أوسط جديد في الأفق، وهو ما يعني أن الحرب الشاملة هي مطلب إسرائيلي بالدرجة الأولى، وقد سعى الاحتلال خلال عملياته العسكرية إلى جر القوى الدولية لذلك باعتبار أنه قاعدة عسكرية متقدمة في المنطقة وجدت للدفاع ولحماية المصالح الغربية.
في غزة وصل عدد الشهداء لنحو ٤٢ ألف وفي لبنان استطاع الاحتلال من تصفية قيادة حزب الله بصفها الأول والثاني والثالث، وقصف الطيران الجوي الإسرائيلي الحديدة في اليمن مرتين،
وهو تطور عملياتي يهدف إلى فصل الساحات بما يتيح لاحقا التفاوض تحت النار وانتزاع مكاسب وتثبيت حقائق على الأرض تصب في صالح الاحتلال وتمدده جغرافيا في جنوب لبنان وجنوب سورية ومناطق أخرى قيد الرصد.
التهجير سلوك جيوسياسي يعني تغيرات ديمواغرفية تؤسس لتغيرات في الوضع الجغرافي القائم واعادة ملئ الفراغ السكاني بطريقة مختلفة.
في الضفة بدأ المشروع هذا وحتى اللحظة هناك أكثر من ٤٠٠٠ عائلة فلسطينية هجرت اضافة إلى افراغ قرى بأكملها تمهيدا لاحتلالها وتوسعة مشروع إسرائيل الاستيطاني.
وفي غزة يجري الحديث اليوم عن أكثر من مليون فلسطيني مهجر من الشمال إلى الحدود مع مصر،
وهناك ثمة مليون نازح من لبنان حتى اليوم تركوا بيوتهم في جنوب لبنان والهدف الاسرائيلي في ذلك هو إعادة ترسيم الحدود مع جنوب لبنان والتمدد لنحو ١٠ كيلوا مترات اضافية وبناء قواعد عسكرية أو ربما مستوطنات،
وايضا زيادة العبء على الدولة اللبنانية ووضع المكونات الاجتماعية اللبنانية في مواجهة بعضها ما يعني استنزاف لبنان بالكامل.
اذن نحن أمام مشروع عبث بالخرائط وعبث بالتوازنات الديموغرافية لخلق خرائط جديدة يريدها الإسرائيلي تحت غطاء سياسي وأمني غربي، وبالمناسبة لم تكن تصريحات دونالد ترامب حول أن حجم دولة إسرائيل صغير مجرد بروبوغاندا لاستعطاف اللوبي اليهودي في انتخابات الرئاسة المقبلة، بل تفكير جاد في مستقبل إسرائيل الجغرافي والسياسي والأمني في المنطقة.
تبقى هذه رغبات الاحتلال، يقابلها مقاومة رافضة لذلك وأكثر ما يدل على ذلك هو حديث نعيم قاسم بعد اغتال حسن نصر الله وتأكيده على وحدة الساحات، والعمليات التي يقوم بها أنصار الله في اليمن، والاشتباكات المستمرة بين مقاومة غزة والعدو على محور نتساريم،
الأهم من ذلك هو توقيت الضربة الإيرانية والتي يبدو أنها ضربة لا تسعى فقط لإعادة معادلة الردع بل أيضا فتح الاحتمالات على مصراعيها بما في ذلك تغير شكل المنطقة بشكل جذري وكامل.