#العالم #السياسي و #الاقتصادي الخفي و عملية #تفتيت_العالم الى #دويلات
بقلم: المهندس محمود”محمد خير ” عبيد
هناك قوة غير مرئية تعمل على إدارة العالم سياسيا” و اقتصاديا” من شماله الى جنوبه و من شرقه الى غربه هي من تعمل على صنع السياسات و الاستراتيجيات و تعمل على السيطرة على مفاصل القرار الاممي و العالمي، وهي من تسعى على إعادة رسم الحدود ورسم السياسات التي تنفذها الحكومات حول العالم منذ اكثر من قرن من الزمن و هي من عملت و ما زالت تعمل على تفكيك العالم و تفتيته الى دويلات حيث بدأت هذه السياسة بالتزامن مع ما قبل الحرب العالمية الأولى و من ثم اسقاط الدولة الدينية العثمانية و العمل على تفكيكها الى دويلات قومية من خلال اعوانها و صبيتها فجاؤوا بأتاتورك من اجل انشاء الدولة القومية التركية و بجمال عبد الناصر من اجل انشاء ما يسمى بالقومية العربية الكاذبة و استعانوا بالشريف حسين بن علي الذين خدعوه بوعودهم و جروه للتحالف معهم ضد الدولة الدينية العثمانية و ذلك من خلال وعودهم له بان يعملوا على تنصيبه ملكا” على العرب اذا ما تحالف معهم من اجل اسقاط الدولة العثمانية و لأنشاء دولة عربية واحدة و هو ما لم يحصل نتيجة ما جرى من اتفاقيات بين الدول الاستعمارية التي تحركها تلك القوة الخفية و التي عملت من خلالها الى تقسيم بلاد الشام الى دويلات حسب اتفاق سايكس بيكو و منح فلسطين للصهاينة من خلال وعد بلفور وانشاء اشباه الدويلات في شبه الجزيرة العربية يحكمها شيوخ موالية لحكومة العالم الخفية و الذين بمجملهم ياتمرون بأمر هذه القوة الخفية الذين نصبوهم شيوخ و سلاطين على هذه الدويلات او بتعبير اخر كانتونات للخيانة و المؤامرات و هم من يدينون بالولاء لزعماء القوى الخفية إضافة الى ما حصل بالدولة العثمانية حصل مع الإمبراطورية الروسية القيصرية حيث تم اسقاط الإمبراطورية الروسية و تشكيل الاتحاد السوفييتي من اجل خلق بعض التوازنات و التي كانت بداية من اجل تفتيت هذا الاتحاد الى دويلات بعد سبعة عقود حيث اصبح الاتحاد السوفييتي بدلا” من ان يكون دولة واحدة و قوة عظمى انقسم الى 15 دولة يتناحرون فيما بينهم اليوم سياسيا”, عسكريا” و اقتصاديا” كذلك عدد من دول أوروبا الشرقية تم تفتيتها الى دويلات كتشيكوسلوفاكيا التي أصبحت الجمهورية التشيكية والجمهورية السلوفاكية و يوغسلافيا السابقة التي انقسمت الى البوسنة والهرسك، كرواتيا، الجبل الأسود، مقدونيا الشمالية، صربيا، سلوفينيا, و في خمسينات القرن الماضي تم تقسيم كوريا الى كوريا شمالية و كوريا جنوبية , و ابان الحرب العالمية الثانية تم تقسيم الهند الى ثلاث دول الهند و باكستان و بنغلاديش فحكومة العالم الخفية لا تتوانى و لا تمل من السير في مخططاتها و لا يمكنها ان تتقبل وجود كيان غير كيانها او دولة كبرى تكون مهيمنة على الموارد الجغرافية, البشرية و الاقتصادية و التي يمكن لها ان تحلق خارج سرب سيطرة و تحكم هذه الحكومة الخفية و زعمائها و سادتها.
من هذه المقدمة و اذا ما نظرنا الى واقعنا اليوم و تمعنا فيما يحصل في العالم من صراعات و حروب أهلية و نزاعات يمكننا ان نعلل أسباب ما حصل في العراق منذ عقدين من الزمن و ما زال يحصل و هي الدولة التي تزخر بالخيرات و النسيج السكاني المتماسك نجدها اليوم أصبحت عبارة عن دويلات داخل دولة فهناك دولة كردية, شيعية و سنية و ما حصل و يحصل حتى يومنا هذا في ليبيا من تقسيم و صراع بين العديد من القوى و الفصائل و التي سوف ينتهي بها المطاف الى تقسيم ليبيا كما حصل في السودان بداية من مطلع خمسينات القرن الماضي عندما انسلخت السودان عن مملكة مصر و السودان و من ثم تقسيمها الى شمال و جنوب السودان و اليوم ها نحن نشهد الصراع الأهلي في السودان و الذي سوف يؤدي في نهاية المطاف لمزيد من التقسيمات و الصراعات من اجل تقاسم الثروات الزراعية و المعدنية و التي تزخر بها ارض السودان, و ها هي سوريا أيضا” بعد عقد من الزمن من الحرب الأهلية سوف يتم تقسيمها ان اجلا” ام عاجلا” اللى دويلات صغيرة يمكن للقوى الخفية التحكم بها و ان تعمل على زرع الفتنة بين اقطابها و ذلك من اجل الاستحواذ على موارد سوريا المعدنية, الزراعية و الأقتصادية, و ها نحن نشهد اليوم بعد ان تم توحيد اليمن قبل عقدين من الزمن نعيش خطة لأعادة تقسيمها مرة أخرى لدولتين, ان ما حصل في الدول السابقة الذكر سوف يحصل قريبا” في السعودية حيث سوف يتم تقسيمها الى 3-5 دول, كذلك مصر سوف يتم تقسيمها و المؤشرات بدأت بالظهور من خلال إيجاد قوى في سيناء لديها من المقومات والسلطة و القدرة تمكنها من منافسة الحكومة المركزية إضافة الى دولة في الصعيد و ذلك من اجل تفكيك النسيج الجغرافي المصري و توزيع الموارد الزراعية و الماءية و الاقتصادية.
البعض منا من يستطيع ادراك ان ما يحصل اليوم في العالم من إعادة هيكلة و تقسيمات لأقطاب القوى و السلطة و كل ما نشاهده اليوم من ممارسات ممن يطلق عليهم زعماء دول سواء كبرى او صغرى ما هم سوى بيادق في رقعة الشطرنج الخاصة بالقوى الخفية التي تحكمها امبراطوريات السلاح و الدواء هم من يعملون على تحريكهم كيفما شاءوا, فالعالم اليوم دخلَ في مرحلة تفتيت متقدمة و هي نفس الحالة التي مر بها ابان البريسترويكا التي ضربت الاتحاد السوفييتي السابق فها هو العالمَ اليوم يعمل على إعادة تشكيل نفسه من جديد من خلال حدود جغرافية و توازنات جديدة تحركها القوى الخفية من خلال تحكمها ببيادق رقعة الشطرنج فكل بيدق من هذه البيادق له مهمة يجب عليه القيام بها و اذا ما اخفق او تمرد على التعليمات و التوجيهات يتم عزله او تصفيته. فمن لا يعمل او يساعد او يتمرد على تفتيت وطنه سوف تكون القوى الخفية له بالمرصاد بحيث سوف تعمل على تفتيت تمزيق أواصر هذا الوطن بالقوة و هو ما حصل مع كل من لم يخضع لأملاءات و توجيهات القوى الدولية الخفية, ان القوة الخفية لا تريد دولة ليس لها ديون خارجية للبنك الدولي و هو ما حصل مع العراق و سوريا و ليبيا ادخلتهم في حروب من اجل استنزاف موارد دولهم و من اجل اجبارهم للتوجه للبنك الدولي للاقتراض و حتى يكونوا ضمن المستعبدين الخاضعين لإملاءات صندوق النقد و البنك الدولي الذي يديره و تملكه القوى الخفية, و لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائما” كيف سوف يتم العمل على تقسيم الدول و تحديد احجامها و توزيع الحصص فيها, و هل سوف ينتهي إعادة تقسيم و تفتيت العالم بعيدا” عن الولايات المتحدة الأمريكية ام سوف تكون هي الهدف القادم للتفتيت في ضوء ما يجري من بعض التحركات في هيوستن و سابقا” في كاليفورنيا و تهديدهم بالانشقاق عن دولة الولايات المتحدة الأمريكية, و اين سوف يكون دور الصين و الهند ذات اكبر تعداد سكاني في العالم من هذا التموضع و إعادة رسم حدود الدول ام سوف يتم العمل على تفكيكها كما تم تفكيك الاتحاد السوفييتي الى 15 دولة. اما فيما يتعلق بأوروبا القارة العجوز فهي منذ زمن تعاني رغم الغلاف الخارجي للاتحاد الأوروبي و لكن هناك دول قائمة على حساب دول اخرى و هناك العديد من الدول على حافة الانهيار الاقتصادي منذ اكثر من عقد من الزمن و لكن من اجل الحفاظ على هيبة و كيان الاتحاد الأوروبي هناك بعض الدول التي لديها بحبوحة اقتصادية تعمل على دعم تلك الدول المتعثرة.
الخلاصة ان العالم يعيش اليوم في مرحلة العبودية للقوى العالمية الخفية التي تحكمها لوبيات السلاح و الدواء و ان هذه القوى من مصلحتها تمزيق الدول الى دويلات و بث روح الفرقة والخلاف بين هذه الدول التي كانت تعيش ضمن اطار جغرافي و سيادي واحد و ذلك من اجل ازدهار سوق السلاح و السيطرة على الموارد الاقتصادية و المعدنية لهذه الدول, و رغم كل ما تقدم سوف نبقى مؤمنين و لنا في تاريخ الحضارات و الشعوب خير مثال هناك العديد من الحضارات انهارت ومجتمعات على مر التاريخ، ولم تكن هناك حضارة مهما ظهرت قوية و متماسكة تخلوا من مواطن الضعف التي قد تدفع بهذه الحضارة الى الهاوية مهما على شأنها و تجبرت, ومهما وصلت هذه الحضارات الى مستويات من الأستقرار الأقتصادي و السياسي و لكن كل ذلك عرضة للتبدل في أي لحظة. فانهيار الحضارات مرهون عادة بطيف واسع من العوامل. نعم قد لا نتمكن من استطلاع المستقبل و لكن من المؤكد ما سوف يعمل على تمزيق الحضارات المستبدة هو الضغط على الموارد الطبيعية والتفاوت الطبقي. فانهيار العالم الغربي سوف يسبقه انحسار في الموارد الطبيعية والبشرية في البلدان التي تشهد صراعات. فبالتزامن مع تمزق الدول الأكثر فقرا وبسبب الصراعات والكوارث الطبيعية التي تحل ببعض الدول و هو ما سوف يؤدي الى تدفق موجات كبيرة من المهاجرين من المناطق المنكوبة، طلبا للجوء في البلدان الأكثر استقرار, و هنا نطرح تساؤلا” كيف لنا ان نعمل التكيف مع التغييرات التي نواجها دون أن نتخلى عما تبقى من إنسانيتنا.