قليل وكثير

خاطرة الصباح
قليل وكثير
د. عبدالله البركات

من المبادئ العميقة مبدأ يقول ان القليل يكثر والكثير يقل. وهذا واضح في نمو الكائنات الحية بما فيها الانسان. وكرة الثلج تكبر ثم تتفتت او تذوب والجيل تنحته عوامل التعرية والسهل يتسع مما تراكم من الجبل.

الا اني لم ارد هذا المعنى في خاطرتي رغم جماله ووضاءته ، بل قصدت ان القلة المفيدة ترفع قيمة الشيء وتصرف اليه الاهتمام وتعظم الاستفادة منه وتمكننا من الحرص عليه اكثر والاستمتاع به اكثر. بينما الكثرة تفقد الشي الكثير الكثير من الاهتمام به . فهو موجود دائما ولا خوف على نفاده ولا بأس بتلف جزء منه فلن يغير في الواقع شيئا.
خذ مثلاً رجل دخل مكتبة كبيرة فهو يسرف في اضاعة الوقت وتقليب الكتب دون ان يجلس لقراءة واحد منها على الاغلب. وفي المقابل خذ رجلاً وجد نفسه في غرفة سينتظر فيها ساعات وكان في احد الزوايا كتابا مهملاً مغبراً. فإنه سيمسك هذا الكتاب ويقلبه قليلاً ثم ينهمك في قراءته. ولو التقى مع الرجل الذي ذهب للمكتبه وسأله كم كتاباً او كم صفحة قرأت لوجد انه كان بكتابه اليتيم اوفر حظاً وكتابه اكثر نفعاً من صاحبنا في المكتبة.
خذا مثلا اخر في الطعام القليل والطعام الكثير والثوب الواحد والأثواب المتعددة والصديق الوحيد والاصدقاء الكثر. والدينار الواحد والمئة دينار. والولد الواحد والأولاد العديدين. الى ما لا نهاية من الامثلة. اذن فلربما تكون نعمة الكفاف ابلغ في معنى الحياة من نعمة الوفرة.
قال تعالى:
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)
وقال صلى الله عليه وسلم:
ما الفقر اخشى عليكم ولكن اخشى ان تفتح عليكم الدنيا كما فتحت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى