الطلاق السياسي .. هل يتكرر؟ / د.محمد جميعان

الطلاق السياسي .. هل يتكرر؟

كثير ما يتحدث الناس عن التغيير والثورات والانتفاضات والتي تم توصيفها مؤخرا بالربيع العربي..
وكان حديثهم هذا وما زال هل ستعود الثورات او الربيع العربي حسب راي آخرين؟
بلا شك ان جموع ” المظاليم ” يتمنون عودته في كل لحظة، اذ ان العدل الذي يفتقدونه يجعل انفسهم تجنح الى التهيج والثورة ، حيث ان العدل اساس الاعتدال …
وبلا شك ايضا ان الانظمة تتمنى عكس ذلك ، وتعمل جاهدة بكل السبل من اجل منع اي احتجاجات ، واي نفس يمكن ان تشكل خطرا ، وذلك حتى لا يطاح بهم او يخسروا بعض او جل مكاسبهم كما حدث ذلك سابقا…
بين التمني والتمني هناك النفس وما سواها، معجزة الخالق عز وجل ، والتي تستعصي على الانظمة فهمها وادراك عمقها وما يجول فيها مهما اوتيت من قدرات واجهزة ومستشارين ؛ والتي تختزن في العقل الباطن ، ما لا يمكن ادراكه حتى اكثر الاجهزة الاستخبارية احترافية تتفاجأ كيف انطلق الناس لانتفاضتهم او ثورتهم رغم عدم وجود مقدمات ذات بال او مؤشرات ذات خطورة …
تاملت مشهد يقع بين الرجال والنساء يوميا في ارجاء الارض ومنها منطقتنا الملتهبة ، يقررون بعد سنين من العمر ، كليهما او احدهما ، الانفصال او الطلاق ، وترك الجمل بما حمل ، دون الالتفاف لاية مخاسر ، فالنفس عندما تعاف لا تلتفت الى حجم المخاسر والتضحيات..
نعم تاملت ذلك ؛ وتذكرت بعمق ما جرى ويجري من طلاق سياسي بين بعض الانظمة وشعوبها ، دون ان تدرك تلك الانظمة ان تراكم اخطائها وعنادها واصرارها على الظلم والاستبداد ومزيدا من الفساد والاقصاء وانغلاق الدولة على نفر وشلل يتقاسمونها بالتوريث في اطار من ديمقراطيات ديكورية ، شكلية وسطحية ، واحزاب كرتونية مصطنعة…
كل ذلك ، وهم في سباتهم واسترخائهم وفي سكرتهم يعمهون ، غافلون او متجاهلون ان النفس وعمقها وما تختزن اعظم واقدر من كل مؤسساتهم واجهزتهم ومستشاريهم ما ظهر منها وما بطن ..
نعم انه الطلاق السياسي ؛ الذي هو عزوف الناس او جلهم عن نظامهم السياسي واعتباره غريبا عليهم ، وهناك من يعبر عن ذلك بمصطلحات ومواقف وادوات سياسية متنوعة ، وبعضهم من يتحمل السجون والتضحيات والفقر والاقصاء من عمله والتضييق عليه ..
وهناك من يلتزم الصمت حتى تنطق نفسه في جمع يكسر الخوف ليشهروا الطلاق وان تكرر قبل ذلك ، ولكن هذه المرة قد يكون طلاق بائن بينونة كبرى لا رجعة عنه…
drmjumian7@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى