” الطريق الى الجنوب المنهوب ”
الطریق الى الجنوب تدعوك للانحناء عظمةً ورهبةً واجلالاً ، والبیوت هناك تدعوك للارتقاء رجولةً وأنفةً واحترامًا ..
في الطریق الى الجنوب لا تشاهد شواخص مروریة الا ما ندر ، ولا عروض للمولات ، ولا تشاهد لوحات إعلانیة مضیئة ، أو أشجار بأحواض مرّبعة على الأرصفة ..
في الجنوب تشاهد فقط أمهات یجلسن أمام بیوتهن یحرسن المكان بحبات مسابحهن .. وتشاهد رجالاً یشبهون الأرض ، ابتسامتهم ندى ودموعهم مطر ..
في الجنوب تشاهد بعض الأعمدة مرفوعة فوق الغرفتین وقد تجمّد المشروع الى حین ميسرة ، لكن صاحبه كتب شاكرًا : “هذا من فضل ربي” ..
في الجنوب تشاهد جدات عظیمات تجاعيد وجوههن تشبه تجاعيد الوطن ، یتقنّ الدعاء كما یتقنّ البكاء .
في الجنوب تشاهد أطفالاً یحملون كتبهم من غیر حقیبة ، یبتسمون لكل الوجوه حتى الغریبة منها ، ویوارون فقرهم بتربیتهم العظیمة ..
في الجنوب بیوتات تفوح منها رائحة الشهادة ، وأخرى تفوح منها رائحة الفقر والقهر معًا .. بیوت تشبه الأردن تمامًا ، بسیطه لكنها عظیمه ، ضیّقه لكنها مفتوحة للجمیع .. بُنیت بالحلال و عُمّرت بالحب والحلال .
في بیوتات الجنوب دروع للشرف وشهادات للوطن واخوة أيتام یشبهون الآباء كثیرًا .
في الجنوب تشاهد شمسًا إستأذنت الجبال لتقبّل جبین الصحراء .
في الجنوب لا یوجد قصور ولا فلل ، ولا یوجد تضحیات كلامیة ، ولا یوجد مشاریع رؤساء ولا رؤساء مشاریع .
الناس في الجنوب بُسطاء لكنهم عُظماء بعزتهم وكرمهم وكرامتهم .. لا تعنیهم كل الأصفار التي توضع أمام الرقم .. فالوطن في نظرهم لیس كمبیالة ، ولا یقبلون أن یُحشر الأردن بخانة المستفید الأول .
أهل الجنوب كما أقرانهم في الشمال بإستثناء شرذمة من الفاسدين ؛ لا یسافر الوطن في حقائبهم .. یسافر في حقائبهم مصحفٌ وسیفٌ وطحين ..!
تحية للجنوب العز والكرامة والقصيد والهجيني ولا بد ان تتوجه جهود التنمية الوطنية لربط الناس بالارض والحياة والقصيد