الطاووس وعاقبة الغدر
م. أنس معابرة
تقول #الأسطورة التي أسرُدها بتصرف: أن #ملك_الغابة قد قرر أن يعيّن ملكاً على #الطيور، لكي يخفف عنه المهمَّات، ويكفيه بعض المسؤوليات الخاصة بالطيور.
ما إن حدد ملك الغابة يوماً لإختيار ملك للطيور؛ حتى بدأ الجميع في الإستعداد لإختياره ملكاً، البلبل إعتقد أن الإختيار سيكون حسب روعة الصوت وجماله، وبالتالي فإن زعامة الطيور ستكون من نصيبه دون منافس.
أما البومة فأقنعت نفسها بأنها المرشح الأمثل لحمل راية مملكة الطيور، فهي صاحبة النظرة الثاقبة، وهي التي بإمكانها أن تسهر الليالي من أجل مراعاة الرعية. ولكن في ذات الوقت كانت قناعة الديك بأنه هو صاحب الأفضلية عن باقي الطيور لتولي زمام المسؤولية، فهو صاحب الصوت الجهوريّ القادر على إعطاء التعليمات والتوجيهات للرعية، ومناداتهم في الصباح وعند الضرورة.
النسر إعتقد أن الزعامة تصلح لطائر يستطيع مراقبة المملكة من الأعالي، فهو القادر على التحليق حتى رؤوس الجبال، والقضاء على الأعداء قبل وصولهم الى مملكته، كما أنه بإمكانه الدفاع عن رعيته جيداً. أما الطاووس فقال لهم بأن الزعامة تصلح للأقوى، قال ذلك وهو يلوح بجناحيه الكبيرين ليحرك الغصن الذي يقف عليه، ولكنه لم يكن الطاووس الذي نعرفه اليوم؛ فعلى الرغم من قوته وضخامته وصوته الجهوريّ المرتفع؛ إلا أنه كان يملك ريشات مشعثات قذرات، وهيئته لا تصلح لإعتلاء عرش المملكة.
هنا نظر الطاووس في الأرجاء، ووجد طائر الفوهوي، وهو طائر صغير يمتلك ريشات جميلات، ولم يكن له أي طمع بكرسيّ المُلك، فسأله الطاووس إن كان يود أن يتعاون معه من أجل أن يحصل الطاووس على كرسيّ الملك، ويكون للفوهوي ولاية العهد والمشاركة في التشريفات والخيرات الملكية مقابل تلك الريشات الجميلات التي يمتلكها. وافق الطائر المسكن، وخلع ريشاته وأعطاها للطاووس الذي ما إن وضعها على جسده حتى نمت وكبرت وتلونت وإختلف شكله كثيراً، وأصبح جميلاً جداً يبهر الناظرين، تماماً كما نعرفه اليوم. أما الطائر المسكين؛ فلقد غدا عارياً يرتجف من البرد، وتدارى عن بقية الطيور بين الأعشاب خجلاً.
أثناء الاجتماع ذُهل ملك الغابة بمنظر الطاووس الكبير والقوي والجميل، ولم يتردد في إختياره ملكاً على الطيور، وما أن إعتلى الطاووس كرسيّ المُلك حتى تنكَّر للفوهوي المسكين، ونسي فضله عليه، فلا هو رد له ريشاته، ولا أشركه في خيراته الجديدة.
اليوم ما زال طائر الفوهوي المسكين متخفياً عن الأنظار، هائمٌ على وجه يبحث عن الطاووس الذي غدر به ليسترد ريشاته. وعقاباً لغدره؛ فلقد إختفى صوت الطاووس العذب، وكلما حاول التغريد، لم يتعد ذلك بعض الزعيق والكركرة.
تذكرني هذه الأسطورة بالإنتخابات النيابية وبعض النواب والمسؤولين، الذي يحتاجون الى أصوات الناخبين، يرتدونها للوصول الى كرسيّ البرلمان والحصانة والإمتيازات والرواتب التقاعدية، وما أن يحصلوا عليها؛ حتى يتنكروا لأهلهم الذين أوصلوهم الى قبة البرلمان.
ولكن على الرغم من أسطورة القصة إلا أن عقاب الغادر الخائن واحد في جميع الحالات، فما نسمعه من زعيق وكركرة في إجتماعات مجلس النواب أحياناً، لا يختلف كثيراً عن زعيق الطاووس بعد أن غدر بصاحبه.