#الضغوطات على #الأردن بين #الوهم و #الحقيقة . أمام #صاحب_القرار
#الأردنيون يعيشون ويموتون وهم يدفعون ثمن متلازمةِ مقولة الضغوطات على الأردن من زعامة المعسكر الغربي . فسياسة النظام بشقيها الخارجي والداخلي ما فتئت تقوم على الإستجابة لهذه الضغوطات مُفترضة صحتها ، وبنفس الوقت مفترضة أن الأردن كائن سياسي طفيلي لا خيار أخر أمامه للحياة ، من دون البحث في واقع هذه الإفتراضات . مما يغلق الباب أمام مجرد التفكير بمحاولة التغيير إلّا باتجاه الخضوع لشروط البقاء المتصاعدة من قبل الجسم المُتطفل عليه كمقدمات فاسدة تتمخض عن نتائج من جنسها .**
الضغوطات على الأردن قائمة ولا شك ، ولكنها واهمة وبلا أساس ، ومعكوسة الإتجاه . فالأردن هو من يمتلك #أوراق_الضغط العميقة على #العدو ، ومجرد التلويح بها سيثير الرعب به ويعيده لصوابه . ألا يُدرك نظامنا بأن ما قَدّمه باسم الأردن ويقدمه من خدمات أمنية وسياسية وتسهيلات عسكرية لإسرائيل وأمريكا لا تقدر بثمن مادي .ولو كان عليهم شراؤها لتعهدوا بقناة من المال لا يتوقف تدفقها ؟ فكيف يصبح الأردن محل ابتزاز وضغوطات لهم بمال فتات يُبقيه حياً في غرفة الإنعاش ؟وكيف يرضخ فوق كل هذا لعقد اتفاقيات مع الكيان لتسمينه على حساب الموارد الفلسطينية المنهوبة والخزينة الأردنية المنكوبة ومن ضرائب المواطنين .وبأي منطق أن يشقى الأردني ويذل لشح مال مُفتعل .**
إنه مفهوم خاطئ ومضل تُبنى عليه وتُسوق سياسة النظام إزاء المجمل العربي والدولي ، وإزاء المجمل الأردني كدولة وكشعب ووطن . ولا بديل عن وقفة مراجعة فيها بصيرة وحكمة وإرادة سياسية . وإللّا فنحتاج لوقفة مكاشفة ومصارحة . فلا شيء يعدل ضياع وطن ودولة ولا الكرامة الوطنية أو كرامة الإنسان وحقوقه ، ولا الإضرار بقضية عادلة مقدسة . وليس من دولة مشروطة القرار أو السلوك أو مبتَزَّة تستطيع تحقق هذا أو ذاتها ، أو تتقدم خطوة للأمام ، ولا أن توقف التدهور. ولا ندري إذا كان عقل النظام يتعطل أمام رغبات العدو وهاجس الضغوطات . فهل فكر هذا العقل ساعة بأن الأردن محروم بكل الوسائل والإيحاءات من استغلال ثرواته ومن دولة ديمقراطية ، ويخضع منذ ولادته لحصار إقتصادي ولصنع الأزمات له واستغلالها من هذا العدو الصديق على خلفية سياسية استعمارية . وهل أدرك لحظة بأن الأردن دولة لا نظير لمركزيتها في القضية الفلسطينية ،وفي السياستين الأمريكية و “الإسرائيلية ” في المنطقة ، وبأنه هو المُفترض أن يكون في موقع القوة والضغوطات على أمريكا والكيان . **
إن كانت هذه الضغوطات المدعى بها هي وراء التمسك بهذا النهج السياسي المجرم بحق الأردن وفلسطين وشعبيهما ،وليس وراؤها التزامات النظام بشروط قيام الدولة في بداية العشرينيات من القرن المنصرم ، فالمسألة عندها بسيطة لأنها ضغوطات تقوم على وهم بلا أساس والموجود هو عكسها كما أسلفنا ،ويكفي مراجعة ميزان الأروراق بأمانة وندية لإدراك الحقيقية . فاتخاذ المواقف الوطنية أمرٌ متاح وآمن للإنعتاق من التبعية التي تسير بالدولة وشعبها للهاوية وانسحبت على علاقات الأردن مع دول شقيقة وصديقة . هذا بصرف النظر عن حقيقة أن حماية النظام لنفسه ومَنَعة الدولة وشعبها وحل المشاكل الطاحنة والمستعصية التي تفتك بالدولة لا يمكن أن يأتي من أمريكا وإسرائيل ومن ربط المصير بهذا الحلف المعادي تاريخيا لوجودنا . أليست سيرورة الواقع الأردني المر بكل تراكماتها كانت مترافقة بكل تفاصيلها مع هذه العلاقة مع الحليف العدو. **
التذمر والضيق الشعبي أصبح مزمناً نتيجة فشل حكومات الملك في تأمين الحاجات الإنسانية الأساسية ،وفي اتخاذ هذه الحكومات لاستراتيجية تطويع الشعب للتعايش مع تفاقم الفقر والبطالة والفساد والمديونية المتصاعدة ومآلاتها السياسية ، وفي تطويعه للتعايش مع الإختلالات العميقة في دور ومؤسسات وأجهزة الدولة . وهناك قطيعة بين الشعب وهذه الحكومات ، وعلاقة غير صحية بين المواطن وبقية أجهزة الدولة . ولدينا أجهزة أمنية تربط أسباب رزق المواطن وحرية حركته وسعيه بخضوعه لطلباتها .**
ولدينا تزوير لإرادة الشعب وتطويع للسياستين الخارجية والداخلية لخدمة نهج سياسي مستورد ، ولدينا تقسيم للشعب إلى مواطنين لهم حقوق المواطنة مزينة بالمحاباة ، وأخرين محرومين من حقوق المواطنة والحقوق الوطنية والسياسية والإنسانية تطوّع القوانين لملاحقتهم .ولدينا تفرد غير راشد ولا مستنير في السلطة وفي صنع واتخاذ القرار ، مما يجعل من الديوان الملكي مؤسسة حكم ،ويجعل من النظام البرلماني الملكي نظاماً ملكياً مطلقاً ، ويجعل من مواد أساسية في الدستور صورية أو تضليلية تفقده معناه . فهل نحن مساقون نحو هاوية اللادولة واللا وطن واللا شعب. **
حان الوقت كي لا يستمع الملك لوساوس الأمريكي و”الإسرائيلي” وأتباعهم من العرب بوجود خوف أو تأمر داخلي على عرشه من الشعب . نعم بالتأكيد هناك تآمر واحد على حكم الهاشميين في الأردن ينبع من طبيعة متطلبات المشروع الصهيوني النهائية ، وهذا ما يجب أن ننتبه إليه جميعنا . فليس في داخل حدود هذه المملكة من جهة أردنية سياسية أو شعبية تحت أي إسم كانت بما فيه الأحزاب والجبهات والمعارضات الحقيقية وغير الحقيقية من يتحدى شرعية وحكم القيادة الهاشمية أو يقبل بزوالها ، وهذا انعكاس لموقف شعبي .فكل المكونات الأردنية وأطيافها يحرصون على سلامة مؤسسة العرش . وهذا ليس فقط من قبل تعلق الأردنيين التقليدي بالهاشميين أو لحيوية حفظ التوازن ،بل من واقع أن كل سيناريوهات المرحلة النهائية لتصفية القضية الفلسطينية تفترض عدم وجود القيادة الهاشمية ، فالترحيب الصهيو أمريكي بأية فرصة لنشر الفوضى واستغلالها هو المدخل الأساسي للتدخل وبسط النفوذ على الأردن بعمالة محلية لعدم وجود الرديف أو البديل الوطني ، وتصفية القضية الفلسطينية وطوي ملفها .**
فلماذا لا يتم تعزيز هذه الصورة النمطية للعلاقة بين مؤسسة العرش والأردنيين بدلا من تأزيمها وهدمها ، ولماذا نصل الى الدولة البوليسية والمخابراتية . ولماذا نصل لهذا الدراك من الاستسلام للمشاكل والأزمات التي تُصنع لنا ، أو للدولة الفاشلة مع وقف التنفيذ ، ولدولة خلط الأوراق والنفاق ، ونخب النفاق ومعارضات النفاق وأحزاب النفاق ومشايخ النفاق ومسؤولي النفاق ؟ الأردن اليوم دولة شعبها فاقد لثقتة بالحاضر والمستقبل وأصبح يرى الدولة محل تجارة. فاليساري يتاجر بيساريته والقومي يتاجر بقوميته والمتدين يتاجر بدينه والشيخ بشيخته والمسؤول بوظيفته ،وفيها الثري عبداً للسلطة ،والفقير عبدأ للقرش والشعب أسم بلا مسمى ،والحكومات شكلية تخدم نفسها بالفساد والتغطية على الفساد . **
وفي الختام على النظام أن يُدرك بأنه صاحب اليد العليا في امتلاك أوراق الضغط على العدو، وصاحب الولاية في الأردن دستوريا وواقعاً ، وأن يدرك مركزية الأردن وأهميته المؤثرة جدا في معادلة الصراع بين لأطماع والمصالح الأمرو “إسرائيلة ” من ناحية، والحقوق الفلسطينية الوطنية من ناحية أخرى . وبأنه ليس من سيناريو لتصفية القضية بغير الأردن ، ولا تصفية للقضية بغير أردن تحت النفوذ والسيادة الصهيونية ، ولكن بعمالة شرق أردنية شرطاً . وكل هذا يشكل فرشة مشجعة لدخول القيادة الهاشمية في تحالف مصيري مع شعبها على نية توفر الإرادة للتغيير والإصلاح الحقيقي المُفضي لبناء الدولة الديمقراطية في قالب الملكية الدستورية .**
فهذا وحده ما يضمن إفشال الرؤية الصهيونية لطوي الملف الفلسطيني خارج فلسطين ولدرء خطر أطماع المشروع الصهيوني على الأردن وطناً وقيادة وكياناً سياسياً .أما إذا لم تكن هناك نية أو إرادة للإصلاح الحقيقي للتحول الديمقراطي ، فلا داعي للتذرع بالضغوطات أو الحلول السلمية ، ولا لمزيد من الضغوطات على حياة هذا الشعب ، فالنتائج محسوبة وشبه محسومة مع هذا الجيل من الشعب ، ومع الهياكل السياسية والمعارضات المهزومة بنفاقها .