الصمت في حرم المصائب حلال!
قبل عدة أيام صرحّت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية نيكي هايلي بأن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس سيكون في 14 آيار المقبل تزامناً مع الذكرى السبعين لقيام إسرائيل، وقالت بأنه مهما اعترضت باقي الدول العربية على هذا القرار ستسمع أمريكا هذا الاعتراض وتلك الصيحات ولكن لن يتغير الحال!
ليس من الغريب أن نشهد هكذا تصريحات حقيقية تشعرنا بقلة حيلتنا وضعفنا وكيف أن صوتنا وصراخنا لا يعني للعدو شيئاً، ربما لأنهم يدركون في قرارة أعماقهم بأننا نتقن الصراخ وخلقِ ضجيج، ولكن دون أفعال رادعة دون حراك مخيف! ربما آن الأوان لنغير من سياساتنا قليلاً ونمتنع عن إطلاق الهاشتاغات التي لا تجدي ولا تنفع، #القدس عاصمة فلسطين، #الغوطة تحترق، # عروبتنا في خطر، فيبدو أن مواقع التواصل الاجتماعي منحازة لبني صهيون وترامب الملعون، لذلك كتاباتنا وصرخاتنا تصل إليهم فارغة خالية من التأثير فيهملونها ويكملون مخططاتهم دوام تراجع.
لم أدرك في حياتي أن الصمت فضيلة سوى في هذه الأيام! عندما ينضج الإنسان قليلاً يعلم بأن ثمة طرق أخرى للتعبير عن الغضب دون حاجة للعويل والصراخ الطويل، وما نشهده من كبتٍ لصوت الصحافة والقيود على حريتها يجعلنا نعد الألف قبل التفكير في كتابة مقال ينتقد الأوضاع العربية بشكل صريح، فمن الواضح أن الكاتب يميل حيث تميل الريح! يعيش في بلدٍ معين فلا ينتقده أبداً ولا يثور على سياسات صناع القرار فيه، بينما يمتلك الجرأة لشتم وذم بلد آخر مختالاً بنفسه أنه يقول الحق بكل شجاعة! نحن نشتاق لكاتب نزيه فضائي مثل غسان كنفاني، كتب كل ما يجول في خاطره دون خوف من العدو، والدليل على قوة قلمه ونزاهته أنه اغتيل دون رحمة لتبقى أعماله الأدبية حتى الآن شاهدة على أنه تحفة نفيسة في ذاك الزمان، هو الذي أثبت أن القلم يقاوم والورق يقاتل، أما ما نراه الآن من بعض المؤثرين أو الذين يلقبّون أنفسهم بإعلاميين أنهم يستغلون مصائب قوم حتى يبرزوا، وهذا الأمر نلاحظه بشكل خاص في سوريا، تتصفح معظم الحسابات الشخصية لتجد أحدهم ينعت نفسه بإعلامي في الثورة السورية! يتابعه أكثر من ١٠٠ ألف شخص ومعظم منشوراته تلح على الناس أن يعلقوا ويضعوا إعجاباتهم لتصل صور المجازر في سوريا لكل العالم! جل همه أن يتابعة عدد أكبر من الناس، وتستضيفه القنوات بعدها على أنه شخص مشهور، حسابه ينقل الواقع كل سطوره على الظلم تثور!
كل المظاهر المزعجة في هذا العالم المزيف تجعل للصمت قيمة، وللكلمة الموزونة هيبة، فالكل أصبحوا يتكلمون، حتى لو كان كلامهم فارغاً لا فائدة منه ولا منفعة، الصمت في هذا الزمان يا سادة، قرار صائب لو مارسنا طقوسه كعبادة….!