الصدمة!
لا أعتقد أنّ ظنّي خابَ بالشعب الأردني أكثر من اليوم, أو حتى أكون أكثر مصداقية, فئة كبيرة من الشعب الأردني! شعورٌ بالغثيان رافقني وأنا أقرأ تعليقات الناس على سؤال طرَحَتْهُ أختٌ فاضلة على إحدى جروبات الفيسبوك التي تضم أكثر من ربع مليون “نشمي ونشمية”, السؤال كان كالتالي: “إيش عقوبة رمي الزبالة من شباك السيارة, وكيف بقدر أشكي إذا معي رقم السيارة؟؟؟”, وسُرعان ما انهالت التعليقات التي كان من المفترض أن تحتوي إجابة لهذا السؤال. بدأتُ بقراءة التعليقات باحثةً عن إجابة…وهنا كانت الصدمة !! صُعِقتُ من كمية الإهانات الموجهة للفتاة, والألفاظ النابية, والأسلوب غير اللّبِق الذي علّق به أغلب الأعضاء. أنقل إليكم بعض التعليقات حَرفياً, وأعتذرُ مسبقاً عن بذاءة الألفاظ:
-“يطفي مبدأك”
-“منشور زبالة زي محتواه”
-“هاي من اللي بعملوا حالهم مثقفين وبدهم يحلوا مشاكل البلد”
-“حطوها مكان بلتاجي”
-“خفي علينا يا أمانة عمان”
-“الرجم حتى الموت…. امحي البوست أحسن ما اشتكي عليكي”
-“انا برئيي اشتغلي عامل نظافة وريحي راسك”
-“شكلو بتشربي نوع فاخرر اشي مرتب, حلي عناااااا يااااااااا”
-“بلاش تطفّل يلعن أبو اللقافة”
-“يااي الاتيكيت دراجع اقسم بالله, كل هالقد صارت نظيفة هي”
-“ربنا ستره, ليش تفضحيه؟”
-“اصلا الأردن كلها وسخة (عدة وجوه ضاحكة)”
-“والله اليوم جكارة طول الطريق وانا مروح اضل ارمي من السياره عقبال ما نشوف كل الطرق مزابل, الك بحالك انتي شو بدك بالناس”
أما أحدهم فأرادَ أن يكون تعليقه مميزاً, فوضع صورةً ليَدِه وهو يلقي بورقة من شبّاك الحافلة وكتب “وهه يلا اشتكي علي (وجه ضاحك)”
هذا الكمّ من التعليقات وغيرها كان خلال ساعةٍ واحدةٍ فقط, قبل أن يقوم أحد المسؤولين عن الجروب بحظر التعليق على المنشور!
إن رمي النفايات من السيارة فعلٌ غير أخلاقيّ موجود في كل دول العالم, وهناك قوانين تحاسب على هذه المخالفة, لكن أنْ تجد عشرات المدافعين عن المُخالِف والمحتقرين للفتاة التي تسعى لمحاسبته فهذه المصيبة!!
لم أعتقد يوماً أن الأردنيين يكرهون بلدهم إلى هذا الحدّ!! أنا التي كنت أومن أننا يوماً ما – بِهمّة شبابنا- سنكون دولةً عظيمة كدُوَل الغرب التي نقارن أنفسنا بها ونسعى للهروب إليها… أو مثل تركيا …تلك التي نحسد مواطنيها ونبجّل سُلطانها أردوغان. أردوغان وغيره من رؤساء الدول العُظمى نهضوا ببلدانهم عن طريق تطبيق القوانين ومحاسبة الفاسدين!
إذا كان حُبّ الوطن شيئاً لم يولَد معكم, فلن تفلحَ قوانين العالم كلّها في زرعه فيكم, لكن وظيفة القانون أن يُجبركم على احترام هذا الوطن الذي تعيشون على أرضه! وإذا لم تتلقوا التربية الكافية في بيوتكم, فوظيفة القوانين هي تربيتكم من جديد!
لا تقولوا لي” فلتقم الدولة بمحاسبة من نهبوا البلد أولاً! ” ولا تدّعُوا أنكم تحبون الأردن أكثر من هؤلاء الفاسدين, فإذا كان الفاسدون “الكبار” قد طعنوا الوطن, فأنتم – أيها الفاسدون “الصغار”- قد قتلتموه !!
لأنكم بتبريركم لمخالفة القوانين الصغيرة تؤكّدون أنّكم لو أُعطيتم سُلطة في المستقبل ستسمحون لأنفسكم بمخالفة قوانين أعظم.
اليوم فقدتُ أول بَصيص أملٍ بالإصلاح والتغيير! لأن المستقبل هو الشباب, أولئك الشباب الذين نقلت إليكم تعليقاتهم على المنشور! هؤلاء هم بُناة الغَد وأملُ المستقبل!! فهنيئاً لكم أيها الأردنيين وحظاً أوفر للأجيال القادمة.
hebaakasheh07@gmail.com