الصبيحي : حذارِ من تأمين صحي بدون ضمانات حكومية كافية وكاملة.!

الرئيس ليس مُخوَّلا بالحديث نيابةً عن "الضمان"

الرئيس ليس مُخوَّلا بالحديث نيابةً عن “الضمان”؛
حذارِ من تأمين صحي بدون ضمانات حكومية كافية وكاملة.!

كتب.. #خبير_التأمينات والحماية الاجتماعية _ #موسى_الصبيحي
عطفاً على ما كتبته بالأمس حول #صندوق #التأمين_الصحي الذي وعد #رئيس_الوزراء في بيانه الوزاري بإطلاقه لشمول غير المُؤمَّنين صحياً من #مشتركي_الضمان كمرحلة أولى وفئات أخرى في مراحل لاحقة.
ويالرغم مما يبدو من جاذبية الفكرة، إلا أن محاذيرها كثيرة، ولعل مما يجب التأكيد عليه هو ضرورة التيقّن التام من خلو فكرة الصندوق من أي مخاطر على أموال الضمان الاجتماعي، فسلامة المركز المالي للضمان وضمان عدم تأثّره سلباً هو الهدف الأسمى الذي ينبغي علينا جميعاً الحفاظ عليه، وعدم المغامرة به، ولا تُعذِر النوايا الحسنة والغايات النبيلة.
من هذا المنطلق، يجب على رئيس الحكومة أن يبلور فكرة الصندوق التي طرحها في خطابه الوزاري أمام النواب، ولا يُقبَل بأي شكل ولا تحت أي ضغط أو ظرف أن نُعرِّض أموال الضمان الاجتماعي التي هي أموال العمال إلى مغامرة من أي نوع سواء لفكرة التأمين الصحي أو لغيرها، وما كتبته في منشوري بالأمس من نقاط مهمة ومعايير وضوابط يجب أن تؤخذ بالاعتبار، وأن تُقدّم الحكومة ضمانات كافية لإنفاذها، حفاظاً على أموال الضمان وعدم تعريضها لأي خسارة مستقبلية لا سمح الله.
كما من المهم أن يدرك الرئيس تماماً أنه لا يستطيع التحدث باسم الضمان الاجتماعي، ولا أن يعِد بإنفاذ فكرة تتصل بالضمان دون أن تصدر بذلك قرارات عن محلس إدارة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، صاحب الولاية الكاملة والكلمة الأولى في كافة موضوعات وشؤون الضمان وسياساته التأمينية والاستثمارية بمقتضى القانون.
وكما قلت بالأمس بأن فكرة صندوق التأمين الصحي جيدة، لكن نحتاج إلى مناقشة كل تفاصيلها ونظامها، ولا سيما مسألة التمويل وضمانات التطبيق والديمومة، وهنا يأتي دور الحكومة ومدى استعدادها للإسهام بفاعلية في تمويل الصندوق بعيداً عن أموال الضمان وزجّه في مغامرات غير محسوبة.!
مؤسسة الضمان الاجتماعي مؤسسة تتمتع بالشخصية الاعتبارية وذات استقلال مالي وإداري كما في كل مؤسسات الضمان في العالم، ولها مجلس إدارة ثُلاثي الأطراف يمثل الحكومة وأصحاب العمل والعمال، ولا تعني رئاسة وزير العمل للمجلس أنها مؤسسة حكومية، بل هي مؤسسة عامة مستقلة، وقد تضمّن القانون نصّاً صريحاً بأنه لا يجوز الإنفاق من أموالها إلا لما يقتضيه تطبيق أحكام قانون الضمان والأنظمة الصادرة بمقتضاه. وهذا يجعلنا نتحفّظ على ما قاله رئيس الوزراء حول صندوق التأمين الصحي المُزمع إطلاقه ومن ثم دمجه أو إلحاقه بصندوق التأمين الصحي الحكومي المدني، وفي هذا خلط محظور بين أموال الضمان وأموال خزينة الدولة، وأتساءل هنا كيف لرئيس الوزراء أن يتحدث بهذا الشكل وأن يعلن عن توجّه الحكومة لإطلاق هذا الصندوق وإلحاقه مستقبلاً بصندوق التأمين الصحي الحكومي.. فهل الحكومة صاحبة ولاية على أموال الضمان وقراراته.؟؟!!
لذا أُعيد وأُكرّر بأنني مع فكرة صندوق التأمين الصحي التي أشار إليها الرئيس في خطابه، لكن مع ضمانات كبيرة واضحة تُدرَج في نص قانون الضمان والنظام الخاص بالصندوق بعدم المساس بأموال الضمان، وأن تكون الحكومة هي الضامنة لأي خسائر تلحق الصندوق وتقوم بتعويضها وسدّ أي عجز قد يتعرض له الصندوق مستقبلاً دون تحميل مؤسسة الضمان أي تبعات مالية، فما فيها يكفيها.!
بغير ذلك، فإن على الحكومة أن تبحث عن فكرة أخرى لتطبيق التأمين الصحي الشامل بعيداً عن أموال الضمان، وهذا واجبها وهذه مسؤوليتها ولا ينبغي أن تتنصل منها وترمي بها على الضمان.
حذارِ حذارِ من أي مغامرة غير محسوبة تُلقي بأعبائها وثِقلها على الضمان الذي تتنامى نفقاته التأمينية بوتيرة متسارعة بسبب سياسات التقاعدات المبكرة القسرية التي تنتهجها الحكومة بحق موظفي القطاع العام، وغيرها من السياسات الحكومية ذات الصلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى