الشعب لا يمكن أن يكون خائنا / موسى العدوان

الشعب لا يمكن أن يكون خائنا

يقول سعادة السفير السابق فؤاد البطاينه في كتابه ” أوراق الاعتماد لمُلِكِ صادق ” والذي صدر في عام 2012، حول هذا الموضوع ما يلي وأقتبس :
” إن جدار الفصل بمجمله في القدس والضفة الغربية يكرّس على الأرض، التصور الإسرائيلي لحدود وديمغرافية وطبيعة المنطقة، التي تخطط إسرائيل لإقامة منطقة حكم ذاتي مؤقت ومرحلي فيها للفلسطينيين، كمنطقة طاردة وغير صالحة عمليا لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وذلك كمرحلة أولى تمهيدا ووصولا إلى فرض فكرة الوطن البديل، كخيار يصبح وحيدا أمام المجتمع الدولي.
وأن الأردن كصاحب مصلحة عليا وطنية، من واقع ما يشكله هدف الجدار بالمحصلة من تهديد لكيانه السياسي، يتحمّل المسئولية الأساسية في ذلك، لإحجامه عن استخدام ما يمتلكه من قوة سياسية وسند قانوني، من خلال اتفاقية وادي عربه لمنع إسرائيل من بناء الجدار. حيث ينص الفرع أ من الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من الاتفاقية، على منع الطرفين الأردني والإسرائيلي من الأعمال والأنشطة التي تضر بأمن الطرف الآخر، وتنص الفقرة السادسة من المادة الثانية منها على أنه لا ينبغي أن يسمح بتحركات السكان القسرية، ضمن مناطق نفوذ أحد الطرفين بشكل قد يؤثر على الطرف الآخر . . .
أين القدس من الربيع العربي ؟ إنه سؤال مشروع والإجابة عليه، مرتبطة بمعرفتنا عما إذا كان هذا الربيع، يمثل الاستحقاق التاريخي الطبيعي والنظيف، كجزء من حركة التاريخ، أم أنه خريف جيء به ليعيق حضور الاستحقاق التاريخي، من خلال لعبة تغيير الأقنعة ؟ أم أنه الاستحقاق التاريخي بذاته، ولد قبل نضوج شروطه لتتساقط الأوراق المتناقضة عليه بالزغاريد ؟ . . .
إن الخوف من نتائج الربع العربي غير مبرر ولا يُبرّر وأده. لأن الشعوب وحدها التي لا تقبل بالمستعمر حتى لو ساعدها فستنقلب عليه، وبأن الشعب لا يمكن أن يكون خائنا، وليس هناك من شعب خائن، ولكن الأشخاص المحصنين من رقابة الشعوب هم المؤهلين للخيانة. وأن الخوف من أنظمة عميلة كبدائل للأنظمة القائمة، لا سند له مع وجود شعب الربيع. وإن حدث ذلك فإنه قد لا يصنع فرقا كبيرا، فكلها في المحصلة تتبنى ابنا ذكرا يحجب كل ما دونه، ويفتديه بالأرواح والقيم والخلق كله. إنها السلطة مدى الحياة، لتشترك كلها بعامل حاسم هو أنها غير وطنية وأجنداتها غير وطنية. بل أن ما يصنع الفرق السلبي الكبير، هو التدخل الأجنبي لتمزيق بلد عربي وشعبه “. انتهى الاقتباس.
* * *
* التعليق : لكي نترجم كلام سعادة السفير على أرض الواقع دعونا نستعرض الحادثة التالية : تناقلت بعض وسائل الإعلام قبل أيام، حديثا لأحد القادة الفلسطينيين في حركة فتح وهو اللواء جبريل الرجوب، دافع به عن امتلاك ابنه جواز سفر إسرائيلي قائلا : ” أن امتلاك ابنه رامي لجواز سفر إسرائيلي ليس عيبا، ولا يمثل خرقا للأعراف الفلسطينية، وأن كثيرا من قادة الشعب الفلسطيني وأبناء المناضلين، يمتلكون مثل هذا الجواز.
إن كل العالم يحترم جواز السفر الإسرائيلي، وكل المطارات والحدود تُفتح لهذا الجواز، وحصول رامي على هذا الجواز سينعكس عليه بشكل جيد ويسهّل تحركاته الخارجية. فهو يسافر بشكل متكرر لإنجاز بعض الأعمال الخاصة “.
وأختتم حديثه : ” طالبا من وسائل الإعلام بألا يوزعوا صكوك الوطنية وفق أهوائهم “. ثم أضاف : ” نمتلك رصيدا كبيرا من الوطنية ولا يمكن لأحد أن يزاود علينا في ذلك “.
تذكرني هذه العبارات من أحد القادة الفلسطينيين، بما قاله رئيس وزراء الأردن وصفي التل رحمه الله : ” عندما تكون القضية قضية وطن، فيجب أن تسقط جميع القضايا والأهداف والمصالح الشخصية تحت أقدام رجال الوطن “.
فإن كان ما ذكره حضرة اللواء صحيحا وينطبق على كثير من القادة الفلسطينيين، فإنه لأمر محزن ومخجل، لأنه يشكل طعنة في قلب القضية الفلسطينية. وإذا كان مثل هذا الفعل من قبل بعض مسؤولي القيادة الفلسطينية يعتبر عملا وطنيا، فما علينا إلاّ قراءة السلام على هذه القضية المقدسة. وأسأل في الوقت نفسه: ما هي إجراءات الحكومة الأردنية، تجاه من يحملون الجوازات الأردنية من أولئك المسئولين الفلسطينيين، الذين يحملون جوازات إسرائيلية أيضا ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى